سقطت شركة "بريتش بتروليوم" ضحية الهجمة الإعلامية في المملكة المتحدة على دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب مزاعم بأنها "قمعية" في التعامل مع خلية إسلامية متطرفة، في ظل استبعاد الشركة البريطانية من مناقصة لامتياز نفطي، ممّا يُؤشّر على أن الإمارات عازمة على توظيف سلاحها الاقتصادي في الدفاع عن مصالحها وسيادتها. وقالت صحيفة الفاينانشيال تايمز، تحت عنوان "غضب الإمارات من بريطانيا يضرب التجارة"، أن "التوترات بين بريطانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة تهدد بتقويض الاتفاقات التجارية بين الدولتين، في ظل الاستبعاد غير المتوقع لبريتش بتروليوم من مناقصة لامتياز نفطي بري، في مؤشر على حدوث تقلبات جديدة في العلاقة بينهما". وأضافت الصحيفة بقولها "في الوقت الذي رفضت فيه الإمارات التعليق على السبب الذي دعاها إلى عدم دعوة بريتش بتروليوم، فإن العديد من المراقبين في أبو ظبي يرون أن الشركة ضحية لغضب حكومي من مزاعم بأنها قمعية في التعامل مع خلية إسلامية متطرفة". وقالت "بينما حذّر مسؤول إماراتي من أن استبعاد بريتش بتروليوم ليس نهائيا، وأن العلاقات البريطانية الإماراتية رفيعة المستوى في وضع جيد جدا، فإنه يمكن أن يكون هناك انفصال بين البلدين إذا تم السماح للأمور بأن تتدهور". ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله أن "بعض الحكومات الغربية فشلت في تقدير مخاطر الجماعات الإسلامية" مثل 'الإخوان' في الإمارات، والتي تم اعتقال عددا من أعضائها خلال الأشهر القليلة الأخيرة بتهمة التآمر ضد الدولة. ونسبت الصحيفة إلى مصدر مطّلع قوله "إن الامارات تقيم علاقات طيبة مع شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير الخارجية وليام هيغ، لكنها تشعر بإحباط شديد من وجود اعتقاد بين أوساط أعضاء البرلمان وبعض المسؤولين الحكوميين بأن جماعة الأخوان المسلمين ليست حفنة سيئة من الناس، وهي تريد من بريطانيا اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه هذه الجماعة". وصدر أبلغ ردّ لمسؤول إماراتي على التّهييج الإعلامي البريطاني من وزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون المجلس الوطني الاتحادي، أنور قرقاش، الذي ذكّر صحيفة الغارديان بأن "الامارات اليوم ليست بالتلميذ الذي يتلقى توجيهات". وأضاف قرقاش قائلا "لا نقبل ان يملي علينا احد تصرفاتنا لأننا لسنا ضيقي النظر ولا الفكر وبعيدين كل البعد عن التحزبات المتهالكة بل نحث الخطى نحو مجتمع عصري منفتح"، مستشهدا بالانجازات التي حققتها الدولة والتي تعتبر دليلا على نجاحها. وتحدّى قرقاش الغارديان قائلا "لنسأل أنفسنا، أين هو المجتمع الذي أنتجه الربيع العربي ونتمناه للإمارات؟ وأين هي الدولة التي تمخضت عن الربيع العربي ونرى فيها الإلهام؟" لتكون نموذجا للإمارات التي "تفوقت على عدد كبير من بلدان العالم وبإمكانها تقديم دروس في الاقتصاد للولايات المتحدة وغيرها"، كما أبرزه ستيف فوربس مُؤخّرا على هامش أعمال مؤتمر فوربس العالمي للرؤساء التنفيذيين في دبي. وعلّقت صحيفة البيان بالقول أن "الامارات هي الانموذج طالما فتحت بابها لأمم الارض لتتعايش بسلام وأمن وأمان قل نظيره في ديمقراطياتكم التي تتشدقون بها". كما ردّ السفير الإماراتي بلندن، عبدالرحمن المطوّع، على الغارديان بالقول أن وصفها نظام دولة الإمارات العربية المتحدة ب"حكم مطلق ومتحجّر"، يبيّن "الجهل بدولتنا لتي شهدت تحولا عميقا على مدى الأربعين سنة الماضية" مدللا على ذلك بأن "70 في المئة من خريجي الجامعات نساء وأربعة أعضاء في حكومتنا الاتحادية نساء، وأن الإمارات على رأس قائمة جميع الدول العربية في المؤشر الرئيسي للتنمية البشرية" وأن "مجتمع الإمارات إسلامي متسامح، حيث تمارس شعائر جميع الديانات بحرية". وقد دأبت "الغارديان" وصحف غربية أخرى على ترديد مقولة بأن "الربيع العربي سيتمدّد عاجلاً أم آجلاً إلى منطقة الخليج"، وبأن "الثروة النفطية ساعدت دول الرفاه الخليجية السخية حتى الآن على تجنب احتجاجات الربيع العربي التي أسقطت زعماء في أماكن أخرى في الشرق الأوسط" وأن "فرائص الدول الخليجية ارتعدت بعد صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم في تونس وفي مصر" . لكن "الإخوان"، بعد أن خرجوا من غياهِب السجون والمنافي إلى قصور السلطة وشعروا بالقوة والتمكين، لم يندرجوا في صف "الإصلاحات السياسية الديمقراطية" المزعومة، بل ساهموا في نشر التطرّف السلفي وأصابوا الاقتصاد بمزيد من الشّلل واستماتوا في الكفاح من أجل الحفاظ على السلطة وفي حماية المصالح الولاياتالمتحدة الأميركية التي سهلت لهم الوصول إلى سدة الحكم.