تحت عنوان "لا تقوموا بتنميط صورة الإمارات: نحن نؤمن بالتسامح أيضا"، كتب أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية بصحيفة التايمز البريطانية يقول "دولتا الإمارات والمملكة المتحدة صديقتان جيدتان. ومثل كل الأصدقاء الجيدين فلسنا بحاجة لأن نتفق في الرأي في كل قضية. كلا من قوانين ومؤسسات بلدينا تعززها القيم والمعتقدات، غير ملموسة ولا يمكن تحديدها كميا، ولكنها حاسمة لتحقيق الاستقرار والتقدم". وأضاف قرقاش "الأهم من ذلك كله هو احترام حرية الناس في الحياة كما يحلو لهم. وباختصار، التسامح". وتابع بقوله "في دولة الإمارات، يتعرض هذا التسامح لتهديد من قبل جماعة تطلق على نفسها 'الإصلاح'، التي تحتمي بمظلة جماعة الإخوان المسلمين". وأختتم قرقاش قائلا "باللغة الإنكليزية، تدافع جماعة 'الإصلاح' عن الديمقراطية، وباللغة العربية، تكشف عن جدول أعمالها الحقيقي: مطاردة الأقليات الدينية من شبه الجزيرة العربية وإغلاق الكنائس والمعابد وإبطال حقوق المرأة وتقديم تفسيرها الخاص للشريعة الإسلامية. وبعيدا عن الدفاع عن حقوق الإنسان، تريد أن تسحق الجميع من أجلهم". وبدوره، قال كامرون "بخصوص حقوق الإنسان، ليست هناك مناطق محرمة في العلاقة مع أصدقاءنا. إننا نناقش كل هذه الأمور لكننا نظهر الاحترام والصداقة لحليف وشريك قديم جدا". وردا على أسئلة طرحها طلبة وطالبات في جامعة زايد في أبو ظبي عن رأيه في "الربيع العربي"، قال كامرون "أنا من مساندي الربيع العربي"، وأضاف بأن "فكرة التقدم نحو مجتمعات وديمقراطيات أكثر انفتاحا أمر جيد بالنسبة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، لكنه ألحّ على أهمية "احترام مسيرة كل بلد على حده". وقال، وهو يُشير إلى تواجد أغلبية من النساء بين الحضور، بأن الحكومة الإماراتية حكومة "تهتم كثيرا لرضا ومشاغل شعبها". وكان أعضاء من حزب العمال، الذين يقومون بحملة من اجل السلام، قد عبروا عن قلقهم بسبب ما أسموه "مهمة تجارة الموت" التي يقوم بها ديفيد كاميرون ل"نظم قمعية في الشرق الأوسط". وقالت النائبة كارولين لوكاس (من حزب الخضر) في تصريح لصحيفة "ديلي ميرور" إن "كامرون يتصرف كبائع متجول لصناعة الأسلحة" وإن بريطانيا لا تحتاج بالتأكيد لهذه "الأموال القذرة". أما قناة إيران الدولية، فقد علّقت على الجولة بالقول أنه "عندما يتم وزن المصالح الإستراتيجية والاقتصادية من جهة والديمقراطية وحقوق الانسان من جهة أخرى، فستتفوق المصالح البريطانية على أية اعتبارات أخرى". وردّ كامرون بدوره على الانتقادات الصادرة مثلا من أعضاء في حزب العمال البريطاني ومن القناة الرابعة البريطانية ومن منظمة العفو الدولية ومن قناة إيران الدولية بالقول، خلال زيارة لجامعة زايد في أبوظبي، أن "الحكومة الإماراتية تهتم كثيرا لرضا ومشاغل شعبها". وكان كاميرون يسعى خلال جولته "دبلوماسية والتجارية" التي قادته كذلك إلى السعودية والاردن، إلى الدفع بالصناعة الدفاعية البريطانية بشكل ملحوظ تصل قيمتها إلى 5.4 مليار جنيه استرليني من الصادرات السنوية لإقناع المسؤولين الإماراتيين والسعوديين بشراء طائرة "تايفون"، المقاتلة من صنع "بي أي إي سيستمز" (BAE Systems) بشكل خاص. واتفقت الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا على نية إنشاء شراكة دفاعية وصناعية، ويتضمن ذلك تعاونا وثيقا. وأكدت العاصمتان الاماراتية والبريطانية على ان علاقتهما مبنية على احترام كل منهما لسيادة الآخر، وقد طور كل منها بمرور الزمن أنظمته الخاصة بالحوكمة بما يعكس تقاليده وطموحاته من أجل المستقبل. جاء ذلك في بيان مشترك بختام زيارة رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون للامارات. وذكر البيان "لقد احتفينا اليوم بعلاقة الصداقة الطويلة والعميقة بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة واتفقنا على خطة طموحة لتعزيز أواصر التعاون فيما بيننا، إن علاقتنا مبنية على احترام كل منا لسيادة الآخر وقد طور كل منا بمرور الزمن أنظمته الخاصة بالحوكمة بما يعكس تقاليده وطموحاته من أجل المستقبل". واضاف البيان الذي نشرت وكالة الانباء الاماراتية نصه "إننا نقف معا لمجابهة الكثير من التهديدات لأمن المنطقة ككل، كما أن التزامنا قوي بالمحافظة على التسامح والانفتاح والنظرة المستقبلية لمجتمعينا". وشدد بقوله "نحن شركاء في العديد من المجالات حيث يعيش في الإمارات أكثر من 100 ألف بريطاني ويعد البريطانيون من أكبر المجموعات الزائرة لدولة الإمارات، والبريطانيون يقدرون الثقافة الإماراتية والمجتمع الإماراتي النابض بالحياة". وقال "لقد زار المملكة المتحدة حوالي 200 ألف إماراتي العام الماضي وإننا نسعى إلى دعم وتطوير هذا التبادل بين شعبينا، وعلى الصعيد الاقتصادي اتخذت الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة قرارات صعبة لضمان الاستقرار الاقتصادي، كما هيأتا مناخا تزدهر فيه الاستثمارات واستثمر كل منهما بقوة في اقتصاد الآخر". وأضاف "كما نتعاون بخصوص مصالحنا الدفاعية المتبادلة في مجابهة التهديدات الخارجية والمحلية ونحن شركاء سياسيون في المنتديات الدولية إذ نتعاون لدعم الحل السياسي للصراعات، وإن شراكتنا كحكومتين مبنية على الشراكة القائمة بين شعبينا". ومن أجل تعزيز وتطوير هذه الشراكة، تعهد نص البيان بالعمل على تعميق أواصر العلاقة الدفاعية ومواصلة تطوير الخطط المشتركة من أجل أمن الإمارات ومنطقة الخليج ككل "حيث سنزيد من تدريباتنا وتمريناتنا المشتركة وكذلك من استثمارنا في الوجود العسكري البريطاني في الإمارات العربية المتحدة". ونوه البيان إلى أن البلدين سيسعيان إلى "إقامة شراكة صناعية دفاعية تقوم على التعاون الوثيق بشأن مقاتلات "يوروفايتر تايفون" وعدد من الصناعات التكنولوجية الجديدة. وأشار إلى أن العمل سيتركز ايضا على "تنمية الاستثمارات الإماراتية في البنية التحتية البريطانية والاستثمارات البريطانية في الصناعة الجوية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والمشروعات الخدمية والاتصالات والذخائر والقدرات وتوسيع الشراكات الصناعية والتجارية بين الشركات الإماراتية والبريطانية بما يدعم التنويع والتطوير التكنولوجي". ووفقا لنفس البيان فإن كل هذه الإجراءات ستتدعم "من خلال العمل على تسهيل السفر بين بلدينا، ومواصلة تعزيز التبادلات الضخمة بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة في مجال التعليم، والتعاون في مجابهة التحديات الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذلك التحديات العالمية الملحة مثل التغير المناخي، وتعزيز التفاهم المشترك بين البلدين".