تونس - اكدت وزارة العدل التونسية الجمعة ان تونسيا تم توقيفه للاشتباه بضلوعه في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في ايلول/سبتمبر بعد ان تم طرده من تركيا في خطوة عدها مراقبون دليلا إضافيا على انصهار الإسلاميين الذين يقودون الحكومة التونسية في المشروع الاميركي القديم الجديد للحرب على الإرهاب. وقالت الوزارة في بيان انه تم توقيف تونسيين في تركيا قبل ان يطردا في منتصف تشرين الاول/اكتوبر بناء على معلومات من الاستخبارات الاميركية، عن دور لهما في الهجوم الذي قتل فيه السفير الاميركي كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين اخرين. ويقول مراقبون إن تصريح وزارة العدل التونسية جاء ليضفي كثيرا من المصداقية على الاتهمات بالعمالة لواشنطن التي تكيلها قوى سياسية تونسية لحكومة النهضة وجاء في البيان الوزاري ان "احد المشتبه بهما مثل امام المدعي العام في تونس الذي اعطى الاذن باجراء التحقيقات في الجرائم المفترضة المتهم بها". واضاف البيان ان "قاضي التحقيق استجوب المشتبه به في 23 تشرين الاول/اكتوبر وقرر ابقاءه قيد التوقيف طوال فترة التحقيقات". ولم يذكر البيان اي معلومة عن المشتبه به الثاني. كما لم يوضح البيان ما اذا كان احد الرجلين هو علي حمزي، الشاب الذي وجهت له اتهامات الاسبوع الماضي بالانتماء "الى مجموعة ارهابية في الخارج". واعتقل حمزي في تركيا وتم ترحيله الى تونس في 11 تشرين الاول/اكتوبر بعد شهر تماما من الهجوم على القنصلية في بنغازي. ويرى محللون أن أداء الحكومة الإسلامية في تونس إزاء المتشددين الدينيين يفسر إلى حد كبير أسباب القبول الأميركي بوصول حركة النهضة وغيرها من الاحزاب الإسلامية إلى السلطة في دول 'الربيع العربي'. وفي فبراير/شباط، كشف المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية ويليام تايلور أن علاقة واشنطن بحركة النهضة "ليست حديثة العهد" مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية تجري محادثات مع الحركة منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش". وتعهدت واشنطن في أكثر من مرة بمساعدة حركة النهضة "على إنجاح تجربتها في الحكم". ومنحت الحكومة الأميركية تونس ضمانات ب 30 مليون دولار مما سيخوّلها اقتراض 500 مليون دولار من السوق العالمية. ويرى محللون أن واشنطن تسعى لضمان نفوذها في تونس وفي منطقة شمال إفريقيا عموما، عبر دعم الحركة الإسلامية الحاكمة فيها التي أظهرت عداء واضحا لفرنسا الحليف التقليدي لتونس. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد أدى زيارة إلى واشنطن بدعوة من "معهد واشنطن" للدراسات، أحد أهم المؤسسات السياسية والبحثية المؤيدة لإسرائيل. ونوه الغنوشي خلال محاضرة ألقاها هناك بالموقف الأميركي من الثورات العربية، معربا عن "امتنانه للمعهد الذي وجه له الدعوة". وأثارت زيارة الغنوشي تلك إلى واشنطن قبل إعلانها عن تشكيل الحكومة مخاوف في الأوساط السياسية التونسية لا سيما القوى الديمقراطية واليسارية التي رأت فيها "زيارة لطمأنة واشنطن على مصالحها في تونس". وتخشى هذه القوى من تغول قوى الإسلام السياسي في البلاد، حركة النهضة برهن سياسة البلاد واقتصادها لدوائر القرار في واشنطن مقابل نيل الرضاء بل والدعم الاميركي. وتقول إن حركة النهضة لم تتوان حتى عن مهاجمة السلفيين حلفائها التقليديين في العقيدة الدينية، لإثبات جديتها في ملء الفراغ الذي تركه رحيل بن علي حليف واشنطن سابق في الحرب على الإرهاب. وكان أحد أمراء الجماعات السلفية الجهادية في تونس قد اتهم صراحة حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس بأنها "ليست سوى ذراع الإدارة الأميركية في تونس" منحتها واشنطن صكا أبيض ل"تنفيذ سياساتها في البلاد والفتك بالسلفيين وقتلهم" ودعا النشطاء السلفيين إلى "إعداد أكفانهم" استعدادا للجهاد ضد "الحكومة الكافرة". وقال إمام جامع النور نصر الدين العلوي في برنامج حواري بثته قناة "التونسية" مساء الخميس إن "تونس لا تديرها حركة النهضة ولا الأحزاب السياسية بل يديرها جهز أمن الدولة الذي يعمل في حديقة خلفية للحكومة التي تُدار من الإدارة الأمريكية من واشنطن" مشيرا إلى أن " النهضة وبعض الأحزاب تريد أن تقوم بحملة انتخابية استباقية على جثث وأنقاض التيار السلفي". واكتفى وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة علي لعريض الذي شارك في البرنامج بالتأكيد على أن الوزارة ماضية في تطبيق القانون وأنها لا تسمح لأي مجموعة أن تحل محل الدولة. واستغل نصر الدين العلوي مشاركته في البرنامج التلفزيوني ليحرّض التونسيين على الجهاد ملتحفا بكفنه على طريقة أيمة الشيعة في خطوة لم يألفها التونسيين وبدت لهم دعوة إلى الاقتتال والفتنة الدينية في بلاد يعتنق أكثر من 90 بالمائة من سكانها المذهب السني المالكي المعتدل. وقال العلوي "أعددت كفني من هذا اليوم بعد أن قُتل هذين الشهيدين". ودعا العلوي الذي نصبه السلفيون إماما جديدا لجامع النور بمنطقة دوار هيشر "كل شباب تيار الصحوة الإسلامية إلى إعداد أكفانهم" استعدادا للجهاد لأن "حركة النهضة وعديد الأحزاب السياسية تريد أن تنجز انتخابات جديدة على أنقاض وجثة التيار السلفي". وتهجم العلوي على وزير الداخلية قائلا له بأنه "لا يملك شيئا من وزارة الداخلية غير تهديد السلفيين لأن دمهم رخيص". وتوجه العمدوني لوزير الداخلية قائلا "هل هذه الأخلاقيات التي تعلمتموها في حركة النهضة، هل هاته عقيدتكم؟ واعتبر وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو أثناء حضوره في البرنامج التلفزيوني خطاب العلوي بأنه "خطاب تحريضي وخطاب فتنة". وتوجه ديلو للعلوي قائلا له "أنت لست أهلا لأن تكون إماما تؤُم المواطنين. وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة حدة التوتر بين السلفيين وحركة النهضة بعد أن أقدمت الحكومة على اعتقال حوالي 100 عنصر سلفي على خلفية مهاجمة السفارة الأميركية بتونس في 14 أيلول/سبتمبر مما أوقع أربعة قتلى بين صفوف المهاجمين.