في معرضه الفني الأخير الذي احتضنه رواق محمد الفاسي بالرباط تحت عنوان 'مادة ولون'، عرض الفنان المغربي اليزيد اجبيل قطعا نقدية على لاطوال. ويشتغل اليزيد اجبيل على القطع النقدية القديمة التي يدرجها في إطار خلفي يمنحها قيمتها المتحفية فضلا عن جماليتها التشكيلية. ويواصل هذا الفنان التشكيلي العصامي سبر غور تجربته الفنية الجديدة، وتعميق تصوره الإبداعي في تناول النقود المغربية القديمة، بإعطائه الأولوية هذه المرة للمجال، محاكيا للتيار التجريدي، اعتماده الألوان الداكنة لاستخراج كتلة من الخطوط الرقيقة، مما يعطي الانطباع بان اجبيل يشتغل على الجلد كسند، أما القطع النقدية فإنها تظل محافظة على هندستها وألوانها الأصلية، الفضية والنحاسية. ويشتغل الفنان العصامي، اليزيد اجبيل، في لوحاته على أشكال هندسية ضخمة، غنية بذكر المكان والزمان للمملكة بكل معانيها، وبتعددها وتنوع ثقافتها. وتتضمن أعمال اليزيد اجبيل أشكالا مكونة من خامات مستحدثة من بحوث شخصية، من أجل إعادة إنتاجها في حلة جديدة. يسبر أغوار القطع النقدية القديمة ليعرف الجيل القديم بهذه القيمة الفنية، ويعطي في الآن نفسه، نظرة للجيل الجديد، حول هذه اللوحات، التي يرجع تاريخها إلى 600 سنة، وكلها عبارة عن أحجام كبيرة. ويقول اليزيد اجبيل عن هذا الاختيار التشكيلي الذي اختاره: 'أشتغل على القطع النقدية القديمة من حقبة الملوك العلويين، التي تمتد من القرن الحادي عشر إلى الخامس عشر، لربط الماضي بالحاضر. أحاول التعريف بالقطع النقدية، التي تمتاز بالرموز والنقوش، وتحيل إلى عصرها، لإحياء هذه الحقبة من تاريخ المغرب تشكيليا'. ولليزيد اجبيل معارض جماعية، وفردية، إذ نظم أول معرض فردي بفاس سنة 2009، والمعرض الثاني له في مجال القطع النقدية، بالدارالبيضاء. ومعرضه الثالث بالرباط .كما له معارض جماعية، نضمها منذ سنة 2001 بالعديد من المدن المغربية، حيث تلقى معارضه إقبالا من طرف الجمهور المغربي. منذ طفولته وهو مولع بالتشكيل، فنان عصامي، كون نفسه بنفسه، اشتغل في بداياته الفنية على كل ما هو تراثي ورمزي، هو يعترف بعصاميته التي بوأته فنانا تشكيليا بارزا بالقول: 'أنا فنان غير مثقف، لكن الله ساعدني لصقل هذه الموهبة، لأن مهنتي الأصلية، هي اشتغالي مع التشكيليين المغاربة كمؤطر للوحاتهم، أي أنا من يصنع الإطار الذي تتطلبه لوحاتهم التشكيلية. ومع الاحتكاك بهؤلاء الفنانين، استطعت أن أرسم لنفسي طريقا متميزا في مجال التشكي'. وبشهادة جميع التشكيليين والنقاد، اليزيد اجبيل له قدرة فائقة على تفجير الموهبة الربانية التي وهبه الله، وفعلا دخل اجبيل مجال فن التشكيل من بابه الواسع، مستعملا تقنية منفردة، لا يملكها أي فنان تشكيلي آخر. واستطاع الفنان اليزيد اجبيل بموهبته الفطرية الإبحار في مساحة واسعة من العطاء الدؤوب والمستمر في الفضاء التشكيلي المغربي، من خلال تجارب متنوعة الخصائص والتقنيات، مبتكرا لذاته أسلوبا فنيا غير مسبوق على الساحة الفنية. القدس العربي