محمد عبد الرؤوف - إذاعة هولندا العالمية / على الرغم من أن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم منح تنظيم النسخة السادسة من بطولة كأس العالم إلى السويد قد اثار حفيظة بعض من دول امريكا الجنوبية، إلا أن مونديال 1958 شهد الانطلاقة الحقيقية لقوة كروية لاتينية ستنطلق من هذ البطولة لتهيمن على الساحة الكروية العالمية ألا وهي البرازيل، كما انه سيكون شاهدا على ميلاد اسطورة كروية جديدة تحمل اسم بيليه الذي شارك في البطولة وهو في الثامنة عشر من عمره وساهم في فوز منتخب بلاده البرازيل للمرة الأولى باللقب بعد تغلبه على السويد 5-2 في مباراة احرز فيها الجوهرة السوداء هدفا تاريخيا. ولم يكن بيلية ومنتخب البرازيل بمثابة العلامة الفارقة الوحيدة في تلك البطولة. حيث شهد مونديال السويد تسجيل العلاب الفرنسي جوست فونتين 13 هدفا ليحقق رقما قياسيا بالنسبة لعدد الأهداف التي احرزها لاعب في بطولة واحدة وهو الرقم الذي لا يزال صامدا حتى الآن. كما شهدت البطولة أول مباراة تنتهي بالتعادل السلبي وهي المباراة التي جمعت البرازيل بأنجلترا. كذلك ستلقي السياسة بظلها على البطولة حيث أدى اشتراك إسرائيل في التصفيات إلى انسحاب تركيا واندونسيا السودان كما ادى الاجتياح السوفيتي للمجر إلى أن هجرة العديد من لاعبي المنتخب المجري إلى خارج البلاد مما أثر على مردوده. ► زلزال شيلي ومهارات جارنشيا وبينما كان للسياسة والتشاحن بين الدول مردود سلبي على بطولة 1958 فإن غضب الطبيعة كان هو الذي ألقى بظله على بطولة عام 1962 في شيلي حيث تعرضت البلاد لزلزال هو الأقوى في التاريخ البشري حيث بلغت شدته 9,2 درجة على مقياس ريختر. لكن الدمار والتشريد الذي عانت منه تشيلي لم يحول دون استضافتها للبطولة. وبدا الأمر كما أن كرة القدم قد اختارت أن تشارك اهل شيلي الحداد حيث شهدت البطولة غياب النزعة الهجومية وطغيان الطرق الدفاعية للكثير من الفرق وهو ما صاحبه غياب العديد من اللاعبين ذو القدرات الهجومية مثل بيلية الذي تعرض لإصابة في بداية البطولة وهو نفس مصير المهاجم الأسباني الأرجنتيي الأصل الفريدو دي ستيفانو الذي داهمته الإصابة قبل انطلاق المونديال. لكن البرازيلي الدولي جارنشيا قد عوض تلك الغيابات بمهاراته الفذة في المراوغة وقاد منتخب بلاده إلى الفوز بلقب البطولة بعد التغلب على المنتخب التشيكسلوفاكي 2-1. ► هدف أم لا ؟ وعادت كرة القدم إلى موطنها الأصلي، حيث اسند الفيفا تنظيم بطولة كأس العالم 1966 إلى انجلترا. وأمسى الشارع الرياضي منشغلا بالإجابة على سؤال واحد وهو هل تتعاطف كرة القدم مع اصحاب الأرض وتفوز انجلترا باللقب وهي الأم الشرعية للعبة؟ وقبل معرفة الأجابة عن ذلك السؤال شهد متابعي البطولة العديد من الأحداث المثيرة للجدل بداية من سرقة الكأس الذهبية التي تحمل اسم جول ريميه والعثور عليها بفضل حاسة الشم القوية لكلب يدعى بيكلز. كما قاطعت الدول الأفريقية البطولة احتجاجا على قرار الفيفا بأقامة لقاء بين الفائز بتصفيات القارة الأفريقية مع نظيره المتأهل من القارة الأسيوية للمشاركة في المحفل الدولي. لكن ذلك الغياب الأفريقي لن يحول دون أن تشهد البطولة تألق لاعب اسود البشر هو المهاجم البرتغالي الجنسية الموزبيقي الأصل يزبيو. فقد ساهم المهاجم الأفريقي الأصل في وصول البرتغال إلى الدور قبل النهائي الذي واجهت فيه المنتخب الأنجليزي الذي تأهل للمباراة النهائية ليواجه ألمانياالغربية في مواجهة اعادت ذكريات الحرب العالمية الثانية خاصة انها انتهت بفوز الأنجليز 4-2 . ومن بين اهداف اللقاء الستة يظل الهدف الثالث للفريق الأنجليزي هو الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المبارايات النهائية في كأس العالم. حيث اصدمت كرة ديفيد هيرست بالعارضة ثم ارتدت إلى ارض الملعب وتوقف اللقاء قبل ان يحتسب الحكم الكرة كهدف وسط احتجاجات الفريق الألماني. ► السامبا تحتفظ بالكأس وبينما يرى البعض ان كرة القدم احيانا ما تكون غير عادلة بحيث لا يذهب الفوز أو اللقب إلى الفريق الأفضل والأكثر امتاعا فإن هذا المقولة لا تنطبق على الأطلاق على بطولة عام 1970 في المكسيك. فالفريق البرازيلي قدم عروضا رائعة في التصفيات والنهائيات بفضل تألق بيليه ورفاقه الذين ابهروا العالم بأداء هجوم راقي تمكنوا عن طريقه من الإطاحة بفرق بحجم أورغواي وانجلترا حامل اللقب في مباراة شهدت تألق غير عادي للحارس الأنجليز بانكس، ليواجهوا الفريق الإيطالي في المباراة النهائية التي ستحدد هوية الفريق الذي سيحتفظ بكأس جول ريمية للأبد حيث أن كلا من البرازيل وأيطاليا قد سبق لهما الفوز بلقب البطولة مرتين. لكن الكأس ذهبت إلى أصحاب الأداء الجميل بعد ان تغلبت البرازيل على ايطاليا 4-1. وشهد مونديال المكسيك ثاني مشاركة عربية حيث خاض المنتخب المغربي مواجهات المجموعة الرابعة وخرج من الدول الأول بعد هزيمتين وتعادل. ومثلما انتقلت كأس جول ريميه من خزائن الفيفا في سويسرا إلى البرازيل فإن الأداء المهاري الممتع قد غادر – مؤقتا – بلاد السامبا متجها إلى أوروبا وبالأخص هولندا. فقد شهد كأس العالم 1974 الذي اقيم في ألمانياالغربية تألق الفريق البرتقالي الهولندي بطريقة الكرة الشاملة التي لا يتقيد فيها اللاعبون حرفيا بمراكزهم. وقد ارتبطت طريقة اداء الطاحونة الهولندية تلك بواحد من ابز لاعبي في تلك الفترة ألا وهو الهولندي الطائر يوهان كرويف. وقد قاد كرويف فريقه ليتأهل إلى المباراة النهائية أمام صاحبة الأرض ألمانياالغربية. وعلى الرغم من تقدم الهولنديين في الدقيقة الأولى إلا أن الفريق الهولندي فشل في الحفاظ على تقدمه لتفوز ألمانياالغربية 2-1 وتعوض خسارتها من جارتها ألمانياالشرقية في الدور الأول وهي المباراة التي خيم عليها الصراع السياسي بين الشرق الأشتراكي والغرب والرأسمالي . لكن السياسة ستعود مرة أخرى وتخيم على البطولة. فقبل عامين من انطلاق كأس العالم 1978 شهدت الدولة المضيفة الأرجنتين انقلابا عسكريا أثار الشكوك حول استعداد البلاد لاستضافة الحدث العالمي بل أن بعض الفرق اظهرت عزمها الاعتذار عن المشاركة. وقد استغل النظام العسكري الأرجنتيني البطولة لتحقيق شعبية محلية وعالمية وكان من حسن حظه ان المنتخب الأرجنتيني كان يضم وقتها المهاجم البارز ماريو كمبس الذي كان له الكثير من الفضل في فوز الأرجنتين بكأس العالم عقب تغلبها على هولندا في المباراة النهائية 3-1. ومثلما اثار استيلاء العسكر على السلطة انتقادات حول نزاهة الحكم في الارجنتين فإن فوز منتخب البلاد اثار الكثير من الشكوك حول الأحداث التي احاطت بمبارايات اصحاب الأرض خاصة في الدور النهائي وفوزها على بيرو 6-0 لتقصي البرازيل وتتأهل للنهائي أمام هولندا التي شاركت في البطولة بدون نجمها يوهان كرويف الذي تلقى تهديدات بالاختطاف. وقد شهدت البطولة المشاركة العربية الثالثة حيث شاركت تونس في المجموعة الثانية وكان اداءها أفضل من أداء سابقيها من المنتخبات العربية حيث فازت على المكسيك وتعادلت مع المانياالغربية حامل اللقب، لكن هزيمتها من بولندا حالت دون تأهلها للدور الثاني.