1 – الملفات الثلاثة العضم ؟ في العرف الدبلوماسي ، يعرف المتحدث الرسمي بالكضاب مدفوع الأجر ؟ فهو يكذب ويكذب ويكذب ، حتى يصدّق كذبه قبل الآخرين . وللأسف العقيد الصوارمي ليس الإستثناء الذي يثبت هذه القاعدة . الإستثناء لهذه القاعدة الدبلوماسية هي السيدة فكتوريا نولاند ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية . لأنها تزن تصريحاتها بميزان الذهب ، إن لم يكن ميزان البلاتنيوم ! وتجسد تصريحاتها السياسة المعتمدة لدى إدارة اوباما في الموضوع المعني . فهي مجرد بوق لسيده ، وخادم الفكي ( إدارة أوباما ) ! من هنا توقفنا ، شيئا ، عند سماع تصريحها بخصوص تجميد دولتي السودان لتفعيل بروتوكولات أديس أبابا . في يوم الأثنين 19 نوفمبر 2012 ، توقعت السيدة فكتوريا اندلاع الحرب بين دولتي السودان !، إذا لم يُفعّلا بروتوكولات أديس أبابا ، وركزت على تفعيل ملف البترول فورا . بروتوكولات أديس أبابا تحاكي الفيل وحوله العميان . الأعمى الأول يؤكد أن الفيل عبارة عن حائط ضخم ، عند ملامسته لجسد الفيل . الأعمي الثاني يقسم مغلظا أن الفيل لا يعدو أن يكون اسطوانة ضخمة ، عند تحسسه لخرطوم الفيل ! وهكذا دواليك ، حسب الجزء من جسد الفيل الذي يصادف أن يضع الأعمي يده عليه . إدارة اوباما تلمس البروتوكولات ، فلا تجد غير ملف البترول ؟ نظام البشير يصر على أن البروتوكولات ما هي إلا الملف الأمني ! أما مولانا سلفاكير فيهبش جاي وجاي في البروتوكولات ، ويضع يده على ملف أبيي ، ويقسم قسم البشير المثلث المغلظ بأن ملف أبيي يجسد البروتوكولات ! دعنا نستعرض ، بايجاز نرجو أن لا يكون مخلا ، هذه الملفات الثلاثة ( البترول ، الأمن ، وأبيي ) ، لنعرف لماذا يصف كل طرف ملفه بمبتدأ وخبر البروتوكولات . 2 – بروتوكول البترول ؟ نذكر بأن بروتوكول البترول الذي تصر إدارة أوباما على تفعيله فورا يضمن لنظام البشير خلال الثلاث سنوات المقبلة : + حوالي 10 دولار لترحيل برميل النفط الجنوبي الى بورتسودان ( 350 ألف برميل في اليوم قبل قفل الآبار في 26 يناير 2012 ) ، أي 3.5 مليون دولار في اليوم يذهب جلها للشركات المالكة للأنابيب ولتكاليف المعالجات والتكرير والتخزين ؛ ويبقى لنظام البشير عدة سنتات في كل برميل ؟ لا تخارج هذه الدفعية ( دراهم معدودة ؟ ) مع نظام البشير ، فهو فيها من الزاهدين ؟ لا تنس أن ميزانية نظام البشير لعام 2012 مبنية على أساس 30 دولار لترحيل البرميل ، بدلا من 10 دولار المتفق عليها في البروتوكول ، لتعرف الفجوة الهائلة في الميزانية ! ومن ثم سعار جلاوزة البشير في تحصيل الجبايات من معدمي بلاد السودان ، حتى فاقوا في الغلظة والذئبية باشبوزوق التركية السابقة ، الذين قال السودانيون في ظلمهم المثل السوداني الشائع : ( عشرة في تربة ولا ريال في طلبة ) ؟ ظلم جعل الموت والقبر جماعيا أحب إليهم من دفع الجبايات الباهظة التي كانت تجمعها السلطة التركية من الأهالي بالقوة والإكراه ؟ يردد المواطنون هذه المقولة هذه الأيام ! + يضمن البروتوكول سحب نظام البشير من النفط الجنوبي ما يعادل حوالي مليار دولار في السنة للثلاث سنوات القادمة . هذه رشوة قدمها السفير برنستون ليمان ليقنع نظام البشير بقبول بروتوكول البترول ، بعد أن حرن في البداية؟ تصرف إدارة اوباما حوالي 5 مليار دولار في السنة لإغاثة حوالي نصف مواطني دولة جنوب السودان ، وهذا ما يجعل اصرارها على تفعيل بروتوكول البترول مفهوما ، لرغبتها في رفع يدها عن الإغاثة المرهقة ، مع وضعها الإقتصادي المتأزم ؟ في هذا السياق ، وفي يوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 ، وضع الرئيس سلفاكير حجر الأساس لمصفاة تانقريال ( محلية ملوط في ولاية أعالي النيل ) التي تعد الأولى في الجنوب ، ليتم الأستغناء عن ( الخارج ؟ ) ، أو كما قال الرئيس سلفاكير . السؤال المشروع : هل تقبل إدارة اوباما تجميد تفعيل هذه البروتوكولات ، وبالأخص بروتوكول البترول ، وهي التي استولدتها ؟ هل التجميد يفتح الباب لحرب بين الدولتين ، كما ادعت السيدة فكتوريا ، خصوصا وقد ازداد هجوم قوات جيش الحركة الشعبية الجنوبية على مواطني قبائل التماس العربية على الحدود ، كما سنفصل في مقالة لاحقة ؟ راجع تصريح السيدة فكتوريا على الرابط أدناه : http://www.inamibia.co.na/news/world...uth-sudan.html 3- بروتوكول أبيي ؟ يمكن اختزال ورجغة أبيي في الإجابة على السؤال : من يحق له التصويت في الإستفتاء بشأن أيلولة المنطقة للشمال أو الجنوب، إذا تم عقده : الدينكا والمسيرية الرحل معا ، أم الدينكا فقط ؟ الحالة الأولى تعني استمرار أبيي في ولاية جنوب كردفان ، أي في الشمال ! الحالة الثانية ، أي استبعاد المسيرية الرحل من المشاركة في الإستفتاء ، تعني أيلولة أبيي للجنوب ! يمكن الإشارة الى نقطتين مهمتين تشرحان لماذا تعطي حكومة دولة جنوب السودان منطقة أبيي أهمية نوعية تفوق بكثير تميزها الإقتصادي ، كونها منطقة غنية بالنفط والمياه ، وموقعها الجغرافي إذ تتجاوز مساحتها ( حوالي 16 كيلومتر مربع ) مرة ونصف مساحة جمهورية لبنان ( 10 كيلومتر مربع ) ! أتاح وجود أبيي في الشمال فرصة أكبر لأبنائها للتعليم ، مقارنة ببقية مناطق الجنوب . فقد وصلوا لمواقع سياسية وحكومية متنفذة ومؤثرة في صناعة القرار في دولة جنوب السودان . هذا الوضع المتميز أعطى منطقة أبيي زخما نوعيأ عالي الصوت ، وجعلها خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه ، أو التفريط في أبسط حقوقه ! موقف حكومة دولة جنوب السودان يتطابق ويتكامل مع موقف قبيلة الدينكا نقوك . بعكس موقف نظام البشير الذي ربما تعارض في بعض جزئياته مع موقف قبيلة المسيرية . موقف نظام البشير المتراخي قد يدفعه للتنازل عن بعض مسلماته في أبيي ، ويسيل لعاب حكومة دولة جنوب السودان ومبيكي والإتحاد الأفريقي وبالأخص إدارة اوباما للضغط أكثر على نظام البشير( طمعا في الفوز بها ) وفرض تنازلات عليه ، ربما تكون مرفوضة تماما من قبيلة المسيرية . نظام البشير نظام ميكيافيلي بأمتياز ، ولن يتورع في بيع قبيلة المسيرية وحقوقها التاريخية في سوق النخاسة الأمريكي ، مقابل فتات ترمي به له إدارة اوباما ، خصوصا فيما يتعلق بأمر القبض اللعين . لهذا لزم التنويه يا عبدالرسول النور ؟ بعد هذه المقدمة ، دعنا نستعرض بينات وحجج كل طرف من الأطراف الأربعة المتنازعة ( نظام البشير والمسيرية من جانب ودولة جنوب السودان والدينكا في الجانب المقابل ) : 4 – بينات المسيرية ونظام البشير ؟ تقول المسيرية : بعد غزو محمد علي باشا للدولة السنارية ( 1821 ) ، كون الباشا السودان بجغرافيته المعروفة قبل انفصال الجنوب ، وقسمه الى 13 مديرية : + دنقلا ، + بربر ، + الخرطوم ، + سنار ، + التاكا ، + سواكن ، + كردفان ، + الفاشر ، + دارة ، + كبكابية ، + بحر الغزال ، + فشودة ، + ومديرية خط الإستواء ، كانت أبيي ضمن مديرية كردفان واستمرت ضمنها خلال الدولة المهدية ( 1881 - 1899) ! خلال الحكم الثنائي ( 1899 – 1956 ) ، وفي عام 1905 ، خيرت الحكومة الإستعمارية قبيلة الدينكا المقيمة في أبيي مع المسيرية الرحل ، الإستمرار في مديرية كردفان أو تحويل أبيي لمديرية بحر الغزال ؟ اختارت قبيلة الدينكا ، طوعأ وبالأجماع ، استمرار أبيي ضمن مديرية كردفان . استمرت أبيي ضمن مديرية كردفان حتي استقلال السودان في أول يناير 1956 ، وبأستمرار حتى تاريخه . اتفاقية السلام الشامل ( 9 يناير 2005 ) تقول صراحة أنه في حالة انفصال الجنوب عن الشمال ، تكون الحدود الفاصلة بين الدولتين كما في أول يناير 1956 ، أي تبقى أبيي ضمن الشمال . تحتوي اتفاقية السلام الشامل على بروتوكول خاص بأبيي يطلب عقد استفتاء لتحديد ايلولة أبيي (استمرارها بالشمال أو ضمها للجنوب) . يشارك في الإستفتاء المقيمون في منطقة أبيي . يعرف البروتوكول المقيمين في المنطقة: أفتح قوس : 6 1 سكان منطقة أبيي هم: أ أبناء مجتمع دينكا نقوك والسودانيون الآخرون الذين يقيمون بالمنطقة. ب تحدد لجنة استفتاء ابيي معيار الإقامة. أقفل القوس ! للأسف فشلت لجنة استفتاء أبيي في تحديد معيار الإقامة ، وتحديد ما إذا كان المسيرية الرحل الذين يبقون في منطقة أبيي 8 شهور كل سنة من المقيمين فيها ، وبالتالي يحق لهم المشاركة في الإستفتاء ، أم أنهم لا يوفون شرط الإقامة ؟ اقترح المسيرية أن يتم التفاوض حول أبيي بين قبيلتي المسيرية والدينكا ( بدون اشراك حكومتي الدولتين ) ، والإتفاق على صيغة أخوية توافقية شعبية مقبولة للطرفين . ولكن رفضت حكومة دولة جنوب السودان اقتراح المسيرية ! اقترح نظام البشير تقسيم منطقة أبيي مناصفة بين الجنوب والشمال ، وعدم عقد استفتاء غير متفق على طبيعة المشاركين فيه ، وبالتالي مختلف عليه ؟ ولكن رفضت حكومة دولة جنوب السودان اقتراح نظام البشير ! 5- بينات الدينكا وحكومة دولة جنوب السودان ؟ قالت حكومة دولة جنوب السودان : في يوم الخميس 25 أكتوبر 2012 ، وفي أطار قرار مجلس الأمن 2046 ( مايو 2012 ) ، قرر مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي عقد استفتاء في منطقة أبيي في أكتوبر 2013 ، لتحديد ايلولة المنطقة . كما قرر المجلس مشاركة قبيلة الدينكا المقيمة في أبيي ، حصريا ، في الإستفتاء ، وحرمان الرحل من قبيلة المسيرية من المشاركة . أعطى المجلس دولتي السودان مهلة زمنية قدرها 6 أسابيع ، تنتهي في يوم الأحد 9 ديسمبر 2012 ، للتفاوض بينهما والإتفاق حول قراره ؟ ترجمة القرار بعربي جوبا هو أيلولة أبيي للجنوب ، دون الحاجة لعقد الإستفتاء ! وافقت حكومة دولة جنوب السودان وقبيلة الدينكا على قرار المجلس ، ورفضه نظام البشير وقبيلة المسيرية ؟ من المقرر أن يدرس مجلس الأمن الدولي الموقف يوم الأثنين 10 ديسمبر 2012 ، ويتخذ قراره حول الموضوع ؟ كما قالت السيدة فكتوريا نولاند ، ربما صارت أبيي القداحة التي تفجر الحرب بين دولتي السودان ؟ 6 – بروتوكول الترتيبات الأمنية ؟ كما ذكرنا في مقالة سابقة ، وفي اطار تفعيل بروتوكول الترتيبات الأمنية ، أصر نظام البشير على فك الإرتباط بين دولة جنوب السودان وتحالف كاودا الثوري ، بالأخص الحركة الشعبية الشمالية . وطلب من دولة جنوب السودان أن تعمل على سحب اللواء التاسع والعاشر من ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وتجريدهم من السلاح ، وتسريحهم ، ثم حبسهم في معسكرات لاجئين يتم اقامتها في دولة جنوب السودان ، بدعم مالي من الخرطوم . كما طلب نظام البشير من جوبا تسليمها القادة مالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر عرمان مقابل تسليم الخرطوملجوبا القادة لام أكول وديفيد ياو ياو وجيمس قاي ! رفض نظام البشير السماح بمرور البترول الجنوبي عبر أنابيب الشمال قبل موافقة جوبا على الشروط المذكورة أعلاه . وعلل رفضه بأنه لن يسمح لدولة الجنوب بدعم الحركة الشعبية الشمالية وحركات دارفور المسلحة بأموال البترول الذي يتم تصديره عبر أنابيب الشمال وميناءه البحري ! تم تجميد تفعيل بروتوكولات أديس أبابا الثمانية ، لإصرار نظام البشير على الإتفاق أولا على بروتوكول الترتيبات الأمنية وتنفيذه ، قبل تفعيل البروتوكولات السبعة الباقية ، بما في ذلك ملف البترول . لم تقبل جوبا ، بطبيعة الحال ، شروط الشمال التعجيزية ، والتي أصر عليها سادة الإنقاذ ؛ لتصل المفاوضات الى طريق مسدود ، بعد أن تم تجميد تفعيل الملفات الستة المتفق عليها ، بالإضافة لملفي الترتيبات الامنية والبترول . كما قالت السيدة فكتوريا نولاند ، ربما صار ملف الترتيبات الأمنية الصاعق الذي يفجر الحرب بين دولتي السودان ؟ نواصل ... [email protected]