الجمعية التأسيسية تبدأ التصويت على المسودة النهائية للدستور، في محاولة لتهدئة الغضب يبدو انها ستنتهي الى تفاقم الأزمة. المعركة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات القاهرة باغتت الجمعيةالتأسيسية في مصر، المعارضة ببدء التصويت على المسودة النهائية لدستور البلاد، في وقت يصعّد فيه القضاء المصري بكل هيئاته ضغوطه على الرئيس المصري محمد مرسي من اجل "اسقاط" الإعلان الدستوري. وقال مصدر رئاسي الاربعاء ان مرسي سيلقي الخميس كلمة للشعب المصري يتناول فيها أمورا من بينها الاعلان الدستوري الذي أصدره الاسبوع الماضي والاحتجاجات التي اندلعت عقب صدوره. وقال المصدر "سيلقي الرئيس خطابا الى الشعب في التلفزيون الرسمي مساء الخميس وسيتناول الاعلان الدستوري وسبب اصداره والاحداث التي أعقبته". وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان الجمعية التأسيسية "ستبدأ صباح الخميس التصويت على المسودة النهائية للدستور". وقال الامين العام للجمعية التأسيسية في مصر عمرو دراج ان الجمعية "ستنهي الاربعاء مناقشة المسودة النهائية للدستور ليبدأ التصويت عليها بعد ذلك". وأضاف دراج ان "النصاب اللازم للتصويت النهائي على الدستور متوفر". وقال انه طبقا للائحة يجري التصويت على مواد الدستور واحدة تلو الاخرى، ويتم اقرارها من اول مرة اذا ما حظيت بتأييد 67% من الأعضاء، واذا لم تحصل على هذه النسبة يتم اقرارها في القراءة الثانية بنسبة 57% من اعضاء الجمعية، وتلغى من الدستور اذا لم تقر في القراءة الثانية. وتتردد في دوائر المعارضة المصرية معلومات عن ان الجمعية التأسيسية ستسلم مسودة الدستور فور التصويت عليها الى الرئيس المصري وان الأخير سيصدر السبت قرارا بدعوة المصريين الى الاستفتاء عليه. ونقلت الوكالة المصرية عن رئيس الجمعية التأسيسية حسام الغرياني قوله ان "سيكون يوما رائعا في تاريخ الجمعية" في اشارة الى بدء التصويت على المسودة النهائية للدستور. ودعا الغرياني الأعضاء المنسحبين منها، 21 عضوا من اصل مئة هم كل ممثلي الأحزاب والشخصيات غير الإسلامية، الى العودة الى الجمعية التأسيسية "لينالوا معنا شرف هذا اليوم العظيم". ويأتي هذا اعلان التأسيسية المفاجئ ليزيد من الخلافات العميقة حول مشروع الدستور بين جماعة الإخوان المسلمين والاحزاب السلفية المتحالفة معها من جهة، وكل الاحزاب والحركات السياسية غير الاسلامية من جهة اخرى. وادت هذه الصراعات الى انسحاب كل ممثلي القوى المدنية (21 عضوا من اجمالي مئة اضافة الى 7 اعضاء احتياطيين) من الجمعية. وتشهد مصر أزمة سياسية عنيفة منذ إصدار الرئيس المصري محمد مرسي الخميس، اعلانا دستورا حصن بموجبه كل قراراته من اي رقابة قضائية كما حصّن الجمعية التاسيسية، ومجلس الشورى (يهيمن عليه الاسلاميون كذلك) من اي حكم قضائي قد يصدر بحلها. وتستبق الجمعية التأسيسية بذلك اي قرار محتمل من المحكمة الدستورية العليا التي ستنظر الاحد المقبل دعاوى تطالب بحل الجمعية التأسيسية وحل مجلس الشورى. كما تستبق محكمة القضاء الاداري التي ستنظر الثلاثاء المقبل في دعاوى تطالب بوقف تنفيذ والغاء الاعلان الدستوري الاخير. واعلنت محكمة النقض وهي المحكمة العليا في القضائين الجنائي والمدني المصري "تعليق اعمالها الى حين اسقاط الاعلان الدستوري". واصدرت بيانا وصفته فيه بانه "سابقة لم تعرفها أعتى النظم الاستبدادية" واعتبرت ان "التغول على السلطة القضائية بلغ منتهاه". وكان نادي قضاة مصر (بمثابة النقابة العامة للقضاة العاملين في المحاكم المدنية والجنائية) اوصى الجمعة بوقف العمل في جميع المحاكم والنيابات المصرية الى حين الغاء الاعلان الدستوري وطلب من الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة اقرار هذه التوصية. وعلقت معظم محاكم الدرجة الاولى ومحاكم الاستئناف والعديد من النيابات اعمالها في مختلف محافظات مصر. واصدرت المحكمة الدستورية العليا الاربعاء بيانا اتسمت لهجته بالتحدي واتهمت فيه ضمنا الرئيس المصري بالهجوم عليها من دون دليل كما اكدت انها لن تخضع لاي ضغوط. وقال رئيس المحكمة ماهر البحيري في بيان تلاه امام الصحفيين ان تيارا بعنيه، في اشارة الى الاسلاميين، شن حمله هجوم على المحكمة وروج معلومات "كاذبة" عنها"بقضد ايقاع الاغتيال المادي والمعنوي" للمحكمة "متوسلين في ذلك بتلويث صورتها (..) وتلويث سمعة وشرف قضاتها". واضاف "لم يكن صحيحا ولا صدقا، بل محض افتراء وكذب" اتهامات هذا التيار للمحكمة الدستورية بان حكمها بحل مجلس الشعب "جاء بالاتفاق مع اخرين من اجل اسقاط مؤسسات الدولة"، متابعا "لم يكن صحيحا ولا صادقا القول ان المحكمة تنتهك الدستور والقانون وتفصل في الدعاوى على هواها السياسي، ولم يكن صحيحا ولا صادقا الادعاء بان قضاة المحكمة الدستورية يتم اختيارهم من بين الموالين للنظام السابق". وقال ان "الحزن الحقيقي الذي ألم بقضاة هذه المحكمة حين انضم السيد رئيس الجمهورية في مباغتة قاسية ومؤلمة الى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية وهو من اكتسب شرعية ولايته رئيسا عندما قام باداء اليمين الدستوري امامها". واكد ان الرئيس المصري اتهم المحكمة الدستورية ب"تسريب احكامها قبل ان تصدر" في الخطاب الذي القاه الجمعة الماضي غداة اصداره الاعلان الدستوري الذي فجر اعنف ازمة سياسية في البلاد منذ تولي مرسي السلطة قبل خمسة اشهر. وتابع رئيس المحكمة الدستورية العليا "سبق للمحكمة مناشدة رئيس الجمهورية ان يوافيها عن ما نما الى عمله عن تفاصيل هذا الاتهام وما توافر من ادلة عن هذه الجريمة وهو اتهام جد خطيرالا ان هذا الطلب لم يكن محل استجابة من احد ولم تتلق المحكمة ردا في هذا الشان حتى الان". واضاف "تؤكد المحكمة انه لن يرهبها تهديد او ووعيد او ابتزاز ولن تخضع لاي ضغوط تمارس عليها في اي اتجاه". وكان نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الاداري) اصدر بيانا شديد اللهجة مساء الثلاثا وصف فيه الاعلان الدستوري ب "العدم". وعلى الارض، استمرت المواجهات المتقطعة الاربعاء في القاهرة بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب بالقرب من ميدان التحرير واطلقت قوات الامن قنابل غاز مسيلة للدموع على المتظاهرين الذين اضطروا الى الفرار وعلى الخيام التي اقاموها منذ الجمعة وفق مصور من فرانس برس. وتوفي ثلاثة اشخاص على الاقل خلال اسبوع من المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، بحسب مصادر طبية. كما جرح العشرات بينهم مئة الثلاثاء وفق وزارة الصحة. وفي وقت تحتاج مصر الى مساعدة لاعطاء دفعة جديدة لاقتصادها، حذر صندوق النقد الدولي الثلاثاء من ان حدوث "تغيير كبير" في سياسة مصر الاقتصادية والسياسية يمكن ان يؤدي الى اعادة النظر في الاتفاق التمهيدي على خطة مساعدة هذا البلد التي تنص على منحها قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار. وقالت الولاياتالمتحدة ان الوضع في مصر "غير واضح". وكررت الخارجية الاميركية الدعوة الى انهاء "المأزق الدستوري" لكنها قللت من احتمال تحول مرسي الى ديكتاتور مضيفة "لا نزال نجهل ماذا سينتج من هذه (اللقاءات). لكننا بعيدون من (حاكم) ديكتاتوري يقول ببساطة 'هذا او لا شيء'".