سجلت أسعار الجنيه السوداني مستوى قياسيا منخفضا مقابل الدولار في السوق السوداء يوم الثلاثاء حيث واجه المستوردون صعوبة في الحصول على العملة الصعبة مما قد يزيد الضغط على الحكومة لزيادة رواتب القطاع العام. ولا يجري تداول يذكر للجنيه السوداني في السوق الرسمية لكن سعره في السوق السوداء أو الموازية يشير إلى مزاج مجتمع الأعمال وعامة الناس الذين سئموا سنوات من الأزمات الاقتصادية والصراع العرقي. وتراقب الشركات الأجنبية هذا السعر إذ أنها تبيع منتجاتها بالجنيه لكنها تواجه صعوبة في تحويل الأرباح إلى دولارات. وتمتلك شركات اتصالات مثل زين الكويتية وإم.تي.إن الجنوب افريقية وبنوك خليجية مثل بنك دبي الإسلامي استثمارات في السودان. ولم يشهد السودان احتجاجات كانتفاضات الربيع العربي التي شهدتها مصر وليبيا المجاورتان لكن الحكومة تواجه احتجاجات على ارتفاع الأسعار بسبب فقدان ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط حين انفصل جنوب السودان في يوليو تموز 2011. ولم يكن النفط المصدر الرئيسي للإيرادات العامة فحسب بل وللدولارات التي تحتاجها البلاد لتمويل الواردات. وبلغ معدل التضخم السنوي 46.5 بالمئة في نوفمبر تشرين الثاني مقارنة مع 15 بالمئة في يونيو حزيران 2011 وهي آخر بيانات قبل انفصال الجنوب. وبلغ سعر الدولار يوم الثلاثاء 7.1 جنيه متجاوزا للمرة الأولى حاجز السبعة جنيهات المهم نفسيا. وفي الأسبوع الماضي بلغ السعر في السوق السوداء الذي أصبح السعر القياسي نحو 6.9 جنيه. وكان سعر الدولار وقت الانفصال 3.3 جنيه. وفي المقابل يبلغ السعر الرسمي نحو 4.4 جنيه لكن تجارا يقولون إنه لا قيمة له لأن البنك المركزي والبنوك التجارية لا تستطيع توفير ما يكفي من الدولارات من خلال القنوات الرسمية للشركات المستوردة. وقال تاجر في السوق السوداء "من شبه المستحيل أن تجد دولارات في الخرطوم والأمر يزداد سوءا... المزاج سيء جدا." ولم تستطع المعارضة حشد احتجاجات شعبية ضد الرئيس عمر حسن البشير لكن هبوط الجنيه أثار دعوات بعضها من داخل الحزب الحاكم لزيادة رواتب القطاع العام الذي تعمل فيه غالبية القوى العاملة. ويقول محللون إن هذه الخطوة من شأنها زيادة معدل التضخم وإضعاف الجنيه لأن البنك المركزي سيضطر لطبع مزيد من النقود. وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إن اتحادات عمالية دعت الحكومة أيضا يوم الأحد لزيادة الحد الأدنى للأجر. وقالت مصادر إن الحكومة تعمل أيضا على تعويض فقدان النفط من خلال تعزيز صادرات الذهب وتحاول شراء كل الذهب المنتج محليا بأسعار أعلى من أسعار السوق غالبا. وكان من المفترض أن يدفع جنوب السودان رسوما للخرطوم لنقل صادراته النفطية عبر خطوط أنابيب في أراضي الشمال لكن الجنوب أوقف إنتاجه البالغ 350 ألف برميل يوميا في يناير كانون الثاني بسبب خلاف بشأن الرسوم. ووقع الجانبان سلسلة من الاتفاقات في سبتمبر أيلول مهدت الطريق لاستئناف الصادرات لكن خلافات بشأن كيفية التنفيذ أرجأت ذلك. وعقدت الدولتان عدة جولات من المحادثات هذا الشهر لكنهما لم تتفقا بعد على كيفية إقامة منطقة أمنية حدودية وهي خطوة مطلوبة لاستئناف صادرات النفط. وسوف يستأنف الجانبان المحادثات في منتصف يناير المقبل.