1 - الرقم 13 ؟ في الثقافة الغربية ، وربما في ثقافات أخرى غير أسلامية ، يرتبط الرقم 13 بسوء الحظ والطالع ، ويتطير منه الناس . فهل سيؤكد عام 2013 هذه المسلمة المسبقة بالنسبة لدولتي السودان ، وبالأخص لدولة السودان ... ونرى عاما فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ؟ لو كنت اعلم الغيب لأستكثرت من الخير ، ولما مسني السوء ، ولا أدعي رمي الودع أو الضرب على الرمل ولا النظر في الكرة البلورية لإستشراف ما يخبئه المستقبل في عام 2013 لبلاد السودان . ولكن باجلاء النظر الى مجريات الأحداث هنا وهناك في واشنطون ، فربما يكون من الممكن اكتشاف اتجاهات معينة قد تساعد على تحديد شكل أحداث العام الجديد في دولتي السودان ،وبالأخص في دولة السودان . 2- القيادة من الخلف ؟ تتسم الولاية الثانية لأوباما بالشروع في تطبيق تراجع استراتيجي على كافة الأصعدة والدول وبؤر النزاعات ، بما في ذلك أزمة دولتي السودان ، كما أشارت الى ذلك استقالة المبعوث الأمريكي الخاص السفير برنستون ليمان ، وقبولها ، وعدم مشاركته لأول مرة منذ مشاكوس ( 2002) في قمة أديس ابابا ( السبت 5 يناير 2013 ) . يعتبر أوباما أن القيادة الأميركية هي شكل من أشكال الغطرسة التي يرفضها ! وقد أكد تركيزه خلال ولايته الثانية على سياسته الجديدة التي تقوم على ( القيادة من الخلف ) ، كما حدث وبنجاح في النموذج الليبي ، وكما يحدث حاليا في سوريا . ويعتبر المراقبون مفهوم ( القيادة من الخلف ) اسم الدلع لسياسة ( الخروج من الباب الخلفي ) ، كما حدث في العراق وكما يحدث حاليا في أفغانستان وفي دولتي السودان ، اللتين سوف يتركهما اوباما وشأنهما ؟ ذلك أنه خلال ولايته المنتهية في عام 2016 ، فإن القطعيات الحادة التي سيطبقها في ميزانية وزارتي الخارجية والدفاع ، وزوال عامل ( القس ) الضاغط ، قد تجعل من الصعب على أوباما أن يرفع العصا الأمريكية بطريقة فعالة في مواجهة العصاة . وقد تجلت سياسة ( الخروج من الباب الخلفي ) في سوريا ، حين أعلن اوباما في يونيو 2012 دعوة جادة إلى الإطاحة ببشار الأسد، ومازال حتى اللحظة يحاول أن يقرر ما الذي يمكن أن يفعله بشأن ذلك ؟ إذا تم تطبيق التراجع الأمريكي في سوريا المهددة لإسرائيل ( بت المصارين البيض ) ، فمن الأولى أن يتم في دولتي السودان ؟ وقطعا سوف يصب هذا التراجع الأمريكي في مصلحة نظام البشير ، لأنه الأقوى ، نسبيا ، بين الأطراف المتشاكسة ! بالإضافة الى أن إدارة اوباما غير المستعدة للدفاع عن مصالحها الخاصة في سوريا ( اسرائيل ؟ ) ، لا يمكن أن ينتظر منها المخاطرة بالدفاع عن مصالح حليفتها في جنوب السودان . سوف لن ترمش لأوباما عين وهو يرى الذئب الإنقاذي يرعى بين الأغنام ؟ هل سنرى قريبا نظام البشير وقد بدأ في الفنجيط ؟ وهل سيظهر الورل الإنقاذي بعد اختفاء التمساح الأمريكي ؟ 3- وساطة أمريكية من الخلف ؟ بدأ اوباما في تفعيل سياسة ( القيادة من الخلف ) بارساله : + رئيس الوزراء اليوغندي يوري موسفيني الي جوبا يوم الاربعاء 26 ديسمبر 2012 ، لمقابلة الرئيس سلفاكير ، حاملأ طلبأ ( أمرا ؟ ) أمريكيا ، بخصوص تفعيل برتوكولات أديس أبابا . + رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام ديسالين في زيارة مكوكية لدولتي السودان ؛ التقى خلالها بالرئيس البشير ( الخرطوم – الأربعاء 26 ديسمبر 2012 ) ، وبالرئيس سلفاكير ( جوبا – الخميس 27 ديسمبر 2012 ) . نقل السيد يوري موسفيني للرئيس سلفاكير ، ونقل السيد هايلي مريام للرئيسين البشير وسلفاكير ... المبادرة ( التهديد ) الأمريكية ، التي تطلب منهما خمسة أمور محددة : + إذا لم يصلا الى اتفاق قبل اجتماع القمة الأفريقية ( أديس أبابا – الأحد 13 يناير 2013 ) ، فسوف يحول الملف الى مجلس الأمن حسب قراره 2046 ، الذي سيصدر عقوبات اقتصادية وسياسية قاسية عليهما ، أو على الطرف المعاند ؛ + يجب فصل البرتوكول الإقتصادي عن بقية البرتوكولات السبعة الأخرى وتفعيله فورا ، لأن الوضع الاقتصادي في الولاياتالمتحدة لا يسمح باستمرار الدعم الإغاثي المهول لدولة جنوب السودان ( 5 مليار دولار في السنة ) ودارفور ( مليار ونصف المليار دولار في السنة ) ؛ كما تسعى المبادرة الأمريكية لتنقذ دولة جنوب السودان من الإنهيار الإقتصادي الوشيك ، الذي لن تجد من يساعدها في الخروج منه ! + لا بد من الحفاظ على الإستقرار داخل وبين دولتي السودان ؛ في هذا السياق ، يجب علي الرئيس البشير: * مواصلة الحوار السياسي مع الحركة الشعبية الشمالية على أساس اتفاقية عقار – نافع ( أديس أبابا – 28 يونيو 2011 ) ! * دعم أتفاقية البشير – السيسي ماليأ حسب أتفاقية الدوحة ( يوليو 2010 ) ، لتجذب بقية الحركات الدارفورية الحاملة السلاح لطاولة المفاوضات ! + يجب عقد اجتماع قمة بين الرئيسين في أديس أبابا يوم الجمعة 4 يناير 2013 ، للتوافق على تفعيل البرتوكول الإقتصادي ، ومواصلة الحوار والإتفاق حول مفهوم فك الإرتباط ، كمدخل لتفعيل بقية البرتوكولات السبعة الباقية ؛ + يجب علي الرئيس سلفاكير فك الارتباط ( فعليأ ) مع مكونات تحالف كاودا الثوري ، وبالأخص مع الحركة الشعبية الشمالية ، كما فعل الرئيس البشير مع المتمردين الجنوبيين في السودان ! + استولدت ( المبادرة الأمريكية من الخلف ) اجتماع القمة بين الرئيس البشير والرئيس سلفاكير ( أديس أبابا – الجمعة 4 يناير 2013 ) ، للأتفاق وتفعيل الطلبات الأمريكية ( برتوكولات اديس ابابا الثمانية ) حسب قرار مجلس الامن 2046 . 4 - الموقف يوم الخميس 27 سبتمبر 2012 ويوم السبت 5 يناير 2013 ! مضى 100 يوم على لقاء القمة السابق وتوقيع برتوكولات أديس أبابا ( يوم الخميس 27 سبتمبر 2012) . خلال هذه الفترة ، ظل الموقف يراوح مكانه ، بل تجمد ولم يتقدم شبرا واحدا للأمام ، أو لعله تقهقهر (بسبب المناوشات المتكررة على الحدود والتي كان آخرها اتهام دولة الجنوب للسودان بقصف منطقتي راجا وسماحة ببحر الغزال ودارفور ومقتل 32 جندي من الجيش الشعبي- يومي الاربعاء 26 والسبت 29 ديسمبر 2012 ويوم الأربعاء 2يناير 2013) . تم عقد الإجتماعات في أديس أباباوالخرطوم وجوبا ، واجتمع المجتمعون ، وتكلم المتكلمون ، وعقدوا مؤتمراتهم الصحفية هنا وهناك مبشرين بقرب تفعيل البرتوكولات ،وبالشراكة الإستراتيجية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الجنوبية ، وعدم اللعب بالنار ، بل التركيز على انسياب البترول في الأنابيب الى بورتسودان ، كما أكد القائد باقان أموم ( الخرطوم – الأحد 2 ديسمبر 2012 ) . اتضح أن كل هذه الجعجعة لم تنتج طحينا ، بل قبض الريح ، ولسبب جد بسيط . فقد اشترط نظام البشير لتفعيل برتوكولات أديس أبابا الثمانية أن تقوم الحركة الشعبية الجنوبية ، استباقيا : + بنزع سلاح وتسريح قوات الحركة الشعبية الشمالية ، واستضافتهم كلاجئين سياسيين في معسكرات لجوء في دولة جنوب السودان ، حتى الوصول الى اتفاق سياسي ، مقبول لجميع الأطراف . + بطرد قادة وقوات حركات دارفور المسلحة من دولة جنوب السودان . أصر نظام البشير أن يرى بأم عينيه ، ويلمس بيديه تفعيل الإجراءات المذكورة أعلاه قبل الشروع في تطبيق البرتكولات . وبرر موقفه بأنه لا يمكن أن يسمح لدولة جنوب السودان بتصدير نفطها عبر بورتسودان ، واستعمال ايرادات النفط لدعم حركات تحالف كاودا الحاملة السلاح ، التي تقاتل للإطاحة به ( نظام البشير ) . نفى نظام سلفاكير تقديم أي دعم لحركات تحالف كاودا ، وأكد فك ارتباطه معها بوجود المنطقة الحدودية العازلة منزوعة السلاح التي تفصل بين دولتي السودان ( منطقة بعرض 20 كيلومتر وطول حوالي 2 ألف كيلومتر ، ومساحة 40 ألف كيلومتر مربع ). تعلل نظام البشير بأن وجود هذه المنطقة غير كاف لفك الإرتباط لأن حوالي 40 % من مساحتها تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية الشمالية ، وتمرح قوات مني اركو مناوي في حوالي 10% من مساحتها ؛ بالإضافة لعدم وجود آليات مراقبة فاعلة وفعالة ، لضمان عدم اجتياز المتمردين لهذه المنطقة العازلة ! في هذا السياق ، بدت أيادي االبشير (مليانة ) أكثر من أيادي سلفاكير لأن إدارة اوباما بدأت تضغط على الرئيس سلفاكير لإيقاف أي دعم عسكري أو خلافه لمكونات تحالف كاودا ، وبالأخص للحركة الشعبية الشمالية ! هذا هو الموقف يوم الخميس 27 سبتمبر 2012 ! وقبل اجتماع القمة في يوم السبت 5 يناير 2013 ، لم يتغير الموقف قيد أنملة طيلة ال100 يوما الماضية . إذا لم تنجح 100 يوم من المفاوضات والضغوط الامريكية لتفعيل برتوكولات ( النوايا ) أديس أبابا الثمانية ، فهل تهل علينا معجزة من معجزات النبي موسى ، ونشهد حلحلة المشاكل العالقة في يوم واحد هو يوم السبت 5 يناير 2013 ؟ الرئيسان البشير وسلفاكير يسيران في حقل ألغام شديدة الإنفجار ، والراعي الأمريكي الغائب – الحاضر ، قد رفع عصاه ، التي سوف تهوي على الطرف المعاند ؟ 5 – الكرة في ملعب البشير ؟ نعم ... الكرة في ملعب الرئيس البشير . إذا تنازل الرئيس البشير عن شروطه التعجيزية ، فسوف يحدث اختراق يتبعه اتفاق بين الطرفين . وإلا فقد تكون هناك جولة مفاوضات أخرى ، وقمة ثالثة . وربما رابعة ؟ إذا لم يتم تحويل الموضوع بعد يوم الأحد 13 يناير 2013 ( موعد اجتماع القمة الأفريقية في أديس أبابا ) الى مجلس الأمن لإتخاذ عقوبات اقتصادية وسياسية ضد الطرف المعطل للمفاوضات ؟ ربما حاول الرئيسان تجنب هذه العقوبات ، ووصلا الى أتفاقية ظاهرها الرحمة ، وباطنها العذاب ؟ تعمل عدة عوامل ضد الوصول الى اتفاق ، منها : + عدم الثقة المتبادل ، + أنعدام الإرادة السياسية للوصول الى اتفاق ، + وجود صقور متشددة في كل جانب تحول دون الوصول الى اتفاق ، + اتساع فجوة الخلاف بين الطرفين . دعنا ننتظر معجزة النبي موسى ! 6- أبيي ؟ ستناقش قمة الرئيسين مسألة أبيي المعقدة . اقترح الإتحاد الأفريقي عقد استفتاء حول أبيي في أكتوبر 2013 ، تشارك فيه قبيلة الدينكا وتمتنع قبيلة المسيرية الرحل . رفض نظام البشير وقبيلة المسيرية هذا الإقتراح ، واقترحا مناقشة القضية بين قبيلتي الدينكا والمسيرية لإيجاد حل شعبي ( تقسيم أبيي ؟ ) مقبول للقبيلتين ، وملزم للحكومتين . رفض نظام سلفاكير هذا الإقتراح ، كما رفض فكرة التقسيم . الكرة الآن في ملعب الرئيس سلفاكير ، واحتمال قبوله لإقتراح نظام البشير وقبيلة المسيرية ، وإلا فسوف تنظر القمة الأفريقية في الموضوع ، وتتخذ قرارأ بشأنه ( أديس أبابا – الأحد 13 يناير 2013 ) ؟ 7 – الحركة الشعبية الشمالية ! اشترط نظام البشير نزع سلاح وتسريح قوات الحركة الشعبية الشمالية ، وتكسير أسنانها ، وقص أظافرها ( كما حركة السيسي النطيحة ) قبل الدخول معها في أي مفاوضات ، حتى حول المسارات الإنسانية الآمنة لتوصيل الإغاثات للنازحين في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . هل يبلع البشير كلامه ، كما هي عادته ، ويقبل بمواصلة الحوار السياسي مع الحركة الشعبية الشمالية على أساس اتفاقية عقار – نافع ( أديس أبابا – 28 يونيو 2011 ) ، حسب الأمر الأمريكي ؟ وهل تقبل الحركة الشعبية الشمالية الدخول في مفاوضات ثنائية وجزئية مع نظام البشير ، دون مشاركة مكونات تحالف كاودا الأخرى ، حسب الأمر الأمريكي ؟ هل ستجيب قمة أديس أبابا على هذا السؤال ، وغيره من الأسئلة المعلقة ؟ 8- نتائج القمة ؟ نستعرض نتائج قمة أديس أبابأ في حلقة قادمة ! 9 - مجموعة الأزمات الدولية ! الدكتورة لويز اربور ( 1947 ) كندية ، ورئيسة مجموعة الأزمات الدولية ، وتقلدت منصب المندوب السامي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، وقبلها قاضية في المحكمة العليا في كندا . الدكتورة اربور شخصية مهمة جدا ، وعلى اتصال مباشر ويومي بمتخذي القرار على الصعيد الدولي ؛ وعليه يجب الإهتمام ومتابعة ودراسة كتاباتها لما تحتويه من معلومات موثقة وغير متوفرة للغير ، وتحليل موضوعي ومنهجي . في يوم الخميس 27 ديسمبر 2012 ، كتبت الدكتورة اربور مقالة مهمة في مجلة فورن بوليسي الأمريكية عنوانها (10 نزاعات تستوجب المتابعة في 2013) ! تصدر السودان قائمة النزاعات العشرة التي تستوجب المتابعة في عام 2013 ( البرنجي ) ، ذلك أن النزاع فيه يهدد الأمن والسلم الدوليين . تقرير الدكتورة اربور عن السودان هو نفس شربوت السيد الإمام ( الأجندة الوطنية وبرنامج الأصلاح الوطني ) في كنتوش دولي ، وإن كان بتعميمات ، قد تبدو مخلة ، لطبيعة التقرير . وقد قدمت الدكتورة اربور توصية في نهاية التقرير اقترحت فيها ، ( كما أقترح السيد الإمام قبلها وبتفصيل أكثر ) ، أن يدشن المؤتمر الوطني حوارا شاملا وجادا مع كل قوى المعارضة ، وعلى المجتمع الدولي تقديم حوافز اقتصادية وسياسية ، لإنجاح الحوار . يمكنك التكرم بقراءة التقرير الكامل على الرابط أدناه : http://www.kansas.com/2013/01/03/262...flicts-to.html [email protected]