لم يقتصر رفض الحكومة السودانية لميثاق الفجر الجديد الذي جمع الجبهة الثورية مع بعض قوى التجمع الوطني المعارض على رفض الميثاق أو تهديد مؤيديه بالحسم، بل تعداه للطلب إلى أئمة المساجد والدعاة بالسودان لمواجهة ما أسمته بفجر الفجور والمعصية. وفي المقابل لم تنتظر الجبهة الثورية أكثر من أيام معدودة لتأكيد تنفيذ ميثاقها على أرض الواقع حتى دخلت في مواجهات عسكرية مع القوات المسلحة السودانية، أشارت الأخيرة إلى أنها انتصرت فيها وكبدت المتمردين خسائر فادحة. وبدا أن الحكومة السودانية ممثلة في حزبها الحاكم -المؤتمر الوطني- عازمة على المضي بقوة نحو هدفها الرافض لمسلك المعارضة، عكس حال الأخيرة الداعي إلى حتمية التغيير وإن تباينت رؤاها حول ذلك الهدف. ويرى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية الصوارمي خالد سعد عقب هجوم شنته الجبهة الثورية على مناطق بجنوب كردفان الجمعة الماضية أن الجيش السوداني يعتبر الميثاق "عداءً صارخاً للوطن والمواطنين". وقال في بيان نقلته وكالة السودان للأنباء إن ما جرى "هو أول كسب لما يسمى بميثاق الفجر الجديد في أول تدليل له على أن كل من شارك فيه تخطيطاً أو إعداداً أو دعماً مادياً أو معنوياً إنما يشارك في قتل الأبرياء العزل وتفتيق المزيد من جراحات الوطن". يرى الساعوري أن الحكومة ستستغل رفض الشارع لأي عمل عسكري لمحاصرة أنصار الميثاق والمعارضة (الجزيرة نت) طمس الشعب بينما يؤكد والي ولاية الخرطوم عبد الرحمن الخضر الذي استنفر أئمة المساجد والدعاة للوقوف ضد الميثاق أن ما يسمي بالفجر الجديد الذي وقعت عليه "القوى المعادية للإسلام تهدف من ورائه إلى طمس هوية الشعب السوداني وفرض الفجور والمجاهرة بالمعصية التي ترفضها فطرة الإنسان السوي"، بحسب قوله. وقال في لقاء بأئمة المساجد والدعاة إن حكومته "ترفض محاولات دول الاستكبار وأذنابهم وما يسمي بالجبهة الثورية وقوى الإجماع الوطني، فرض العلمانية بالقوة". وقطع بأن المؤتمر الوطني -الحزب الحاكم- على استعداد لمنازلة أي جهة تحاول محاربة الشعب السوداني في عقيدته، مطالبا الدعاة بالتصدي من خلال منابرهم لدعوات الإباحية وفصل الدين عن الدولة "الذي نصت عليه صراحة وثيقة ما يسمي بالفجر الجديد التي تسعي لاقتلاع المجتمع السوداني من جذوره". لكن محللين سياسيين يرون ضعفا في مكونات المعارضة "التي فشلت في صياغة ميثاق تتراضى حوله مكوناتها المختلفة". منابر الحكومة ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري بإمكانية نقل المعركة إلى الخرطوم وفق ما جاء في ميثاق الفجر الجديد وما تردده منابر الحكومة ضد الميثاق ومن يقف وراءه. ويرى في حديثه للجزيرة نت أن الحكومة ستستغل رفض الشارع العام السوداني لأي عمل عسكري لمحاصرة أنصار الميثاق والمعارضة على السواء. ويقول إن إفشال نحو عشرين محاولة لإدخال أسلحة للعاصمة الخرطوم يدعم مواقف الذين ينادون بإسقاط النظام عبر العمل المسلح، مؤكدا قناعة كثير من الجهات المعارضة بذات الخيار. أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة فيشير إلى ما أسماه بضعف منظومة المعارضة، لافتا إلى تمسك بعضها بخيارات يرفضها بعضها الآخر. لكنه يتوقع إمكانية تجاوز الواقع الجديد للحكومة وبعض قوى المعارضة على السواء، كونهما يعتمدان على أفكار سبق للسودانيين تجريبها، منبها إلى وجود أغلبية صامتة لم تقل كلمتها بعد. المصدر:الجزيرة