إن ما يتهافت به إمام الأنصار هذا أمر لا في العير و لا في النفير ، و لا علاقة له بالواقع السوداني و لا بأسئلة العصر و التحديات التي تواجه مجتمعنا المعتقل بين العمائم و اللحى عبر عقود متطاولة من الزمان ، الصادق المهدي يعيش في عالم آخر لا يتجاوز حركات تنظيم أو مكانك سر بلغة العسكر و نحن الآن لسنا بصدد نجاح الرجل السياسي أو فشله بل خذلانه لشعبه و تآمره كطابور خامس ضد الشعب السوداني ابتدأ من كارثة مذبحة الضعين التي لا تخفى على احد مرورا بخيانة تسليمة للسلطة التي منحها له الشعب هو و بقية الأحزاب السودانية و التي حزمت أمرها على أن الديمقراطية في هذا البلد " لو شالها كلب ما بنقول ليه جر" و هم يعلمون تمام العلم أن "حركة الاتجاه الاسلامى" كانت في تلك اللحظة تتآمر على جثة الديمقراطية المتعفنة المسجاة على قارعة الطريق و بعدها بسويعات تم الانقضاض على الديمقراطية و تمزيقها اربأ، و هذا ليس سوى دليل سافر على تسليم السلطة تسليم مفتاح مع مؤامرة مبيتة لطغمة الإنقاذ , و لكنه و بما انه اى الصادق المهدي قد فرض نفسه كزعيم طائفة من الطوائف الكثيرة و المتعددة و التي جاءتنا من عهود قديمة و اتخذها بعض السودانيون كمقدسات بينما هي لا تعدو كونها رصيد للتخلف و الفراغ الفكري و السياسي و القطع الثقافى الذي تعيشه شريحة كبيرة جدا من السودانيين حتى يومنا هذا. باختصار فان الإمام الانصارى يزايد على أمور هي ليست من ألأولويات و لا من القضايا الكبرى التي يحاول السودان معالجتها في الوقت الراهن و ما يطرحه الإمام ليس سوى ما درجت عليه القوى السياسية لتبرير فشلها بإثارة قضايا للفت انتباه المواطن بعيدا عن قضاياه الحساسة و صراعه الدائم مع الحكومات الشمولية العدو للشعب وسيادته و ديمقراطيته ، و التي تعمل تحتها الأحزاب السياسية كجوقة او كحكومات سرية تتكاثر في أزمان ضعف الشعوب و تعمل كعوامل مساعدة لإطالة عمر النظام كما يحدث فى السودان حاليا ، أليس المؤتمر الشعبي عدو للشعب و متآمر، ساعد على صناعة و اطالة عمر هذا النظام الفاشل الشاذ و هو الحكومة السرية الأولى ، أليس حزب الأمة من علمهم كيفية التلاعب بالدين و العرقيات و الخوف في فكرته الشيطانية بفرض الشريعة الإسلامية و إعلان السودان كدولة دينية ما أودى بنا إلى هذه المهلكة و اغتيال وطننا غيلة بأيدينا لا بيد عدونا، فلو لم يأت "فروخ" الترابي بهذه البدعة "تكوين الدولة الدينية في السودان" لجاء بها و فرضها الصادق المهدي ، فهو الذي اسر بفكرته الشيطانية للترابي و "فروخه" من الذي سبق الإنقاذ على تحريض القبائل و تسليحها على بعضها البعض ؟؟؟؟ من قتل الناس و ذبحهم في الضعين ؟؟ هل هنالك إجابة تقول أن الفاعل شخص و زعيم طائفة غير الصادق المهدي؟؟؟؟ من لديه إجابة فليقلها...... هل هنالك خيانة اكبر و أضل من خيانة أمانة شعب بكامله و تزييف تاريخه الانثربولوجى و الديمغرافى و التآمر على شق صفه؟ ما الذي يؤكد لنا إن الصادق المهدي ليس متخلفا و عنصريا و يلهث وراء تحقيق فكرة فصل الجنوب لأسباب عرقية و دينية ما دام انه المهندس الأول لانشاء دولة جده محمد احمد المهدي الجهادية الإسلامية الانفصالية في سودان التعدد العرقي و الثقافي ؟ من يضمن لنا أن الصادق المهدي ليس متآمرا بليل مع صهرة الترابي على ذبح السودان منذ أمد طويل ؟ من يؤكد لنا أن الصادق المهدي ليس من أسس لثقافة الجنجويد و تحريض المواطنين على بعضهم البعض و تدخل الحكومة لصالح قبيلة ضد قبيلة داخل الوطن الواحد لتصفية خصومات الحكومة مع هذا أو ذاك...مذبحة الضعين مثالا صارخا....إن الصادق المهدي و حزبه القديم لم يعمل فى اى فترة من فترات حكمه او زعامته لحزبه القديم جهدا و لو قليل في سبيل الوحدة الوطنية في السودان بل العكس..و لم يجتهد كسياسي حادب على وطنه من اجل الصالح العام للشعب السوداني فطيلة فترة حكمه ظل مشغولا باستخلاص أمواله الخاصة و مواريثه..و في ظلال الحكومات الشمولية ظل يتلكأ و يتماحك و يتلاعب بالألفاظ و يستلم الأموال منها ليلا و يهاجم تلك الحكومات نهارا على حد قول زبانية و رداحات الإنقاذ ...الصادق المهدي ليس سجمانا فقط و إنما لا فائدة منه للسودان.... لقد اطل علينا سعادته في وقت انزلق فيه السودان إلى منحدر ضياع الديمقراطية بتزوير انتخابات طال شوق السودانيين إليها للتخلص من نير الفقر و الجهل و المكوث غلى رأس قائمة الدول الفاشلة سكت الإمام النصارى على ذلك يجرى إمام عينيه و هو المدعو زعيما سياسيا و لا زال يتناول و يستلم الأموال من لصوص الإنقاذ ...فضحوه في ذمته المالية وتصدقوا عليه ما زال يتكلم و ينادى بالتراضي ...اطل علينا سعادته في وقت يعانى فيه بلدنا من الآم البتر بدون تخدير ....اطل علينا سعادته و السودان يمر بأصعب و أمر تجربة يمر بها شعبنا في تاريخه تجربة الانفصال بغير إحسان بارتفاع أصوات المخربين في صحافة و ثقافة الإسلاميين الجهاديين الإرهابيين العنصرية و التي ظلت تصرخ بالأحزمة لسوداء حول الخرطوم و سودان نظيف خال من الجنوبيين و الغرابة و تشريع اغتصاب الغرباويات و الاختلاف الديني و العرقي بين هؤلاء من أهل الشمال وأولئك من أهل الغرب و الجنوب....اطل علينا بفكرته العبقرية في هذا الوقت و التي تشبه " فكرة مارى أنطوانيت" عندما سألت و هي واقفة على شرفة قصرها تنظر إلى الشعب الانجليزي الثائر جوعا ، و سألت ما بالهم ، فقال لها مستشاروها أن الشعب يطلب الخبز فقالت لماذا لا يأكلون الكيك، و الصادق المهدي ينادى بتدريس منهج الثقافة الجنسية في المدارس السودانية و ابنته تنادى بتطوير تقنية المعلومات في السودان...هل هذه هي فعلا أولويات الشعب السوداني و الوطن السوداني البائس و الأكثر تخلفا و الأكثر فشلا و يقع على رأس قائمة ارتفاع نسبة الوفيات بين الأمهات و الأطفال و الأكثر فشلا في العناية الصحية و الأسرع ترديا في التعليم و خدمات المواطن و الأكثر ضعفا في حماية امن مواطنه و حدوده و أراضيه.... و البلد الأكثر طردا لأبنائه الهاربين من جحيم الوطن بلد ثلثه من المشردين في أصقاع الأرض و اللاجئين في بلادهم هذا غير الذين تم ذبحهم في الإبادات الجماعية و التصفيات العرقية و الذين يرسفون تحت أغلال الظلم في السجون و الذين يعانون من العنف و التعذيب لأسباب سياسية و البقية تعيش تحت خط الفقر و الغلب و الذل و المهانة و إرهاب الدولة، بلد رئيس دولته و 52 من مسئولي دولته مطلوبون للمثول أمام محكمة الجنايات ألدوليه و هاربين من العدالة في أبشع جرائم الإبادات الجماعية و جرائم الحرب التي عرفتها القارة و عرفها التاريخ و لم ينصح الصادق المهدي و حزبه هؤلاء المجرمين بتسليم أنفسهم أو على الأقل إدانة سلوكهم الاجرامى هذا و تهديدهم للأمن الاقليمى و الدولي..يطل علينا في اقتراحات ركيكة للعلاقات العامة. إذا كان الصادق المهدي مواطنا صالحا لماذا لم ينادى بإدخال لغات قبائل السودان المختلفة و ثقافاته في المنهج الدراسي السوداني ، فطلابنا يعرفون عن بسمارك و كمال الدين أتاتورك و عقبة بن نافع و ابوهريرة و أبو جهل و ابوطالب أكثر مما يعرفونه عن طبيعة لغة الدينكا أو المحس أو النوبة و عن عاداتهم و أديانهم، و يعرفون عن الهلال الخصيب أكثر مما يعرفونه عن الانقسنا و حلايب و الفشقة ،علموا أولادنا وطنهم و ثقافتهم و أن انتماءهم لوطن واحد متنوع رائع اسمه السودان ، ليس بالهتافات العاطفية المؤقتة و إنما بمعرفة بعضهم البعض من عمق الثقافة - أن يتعلم و يعرف الطفل كل الديانات واللغات في السودان و أنها جزء لا يتجزأ منه و نعلمه إن ثقافة الدينكا هي ثقافته و ملكا له و يتعلم الدينكاوى أن ثقافة المحس هي ثقافته و ملكا له و إن يعرف القمزاوى أن ثقافة الشايقيه هي ثقافته و ملكا له و أن يفهم الشايقى ذلك أيضا، و يندرج ذلك على كافة قبائل السودان في منهج اجبارى موحد يعطى كل ثقافة حجمها و قيمتها ووزنها في المجال الجغرافي و الاجتماعي و الاعلامى السوداني هذا إذا كنا حادبين على التمتع بوطننا و خيراته و سعته و جماله، لا بد لنا من تفكيك بؤر التخلف من عرقية و طائفية و موروثات متدنية مثل التعالي الثقافي و الإقصاء ، تأصيل و ترسيخ مشاركة المواطن في عمليات التحول الثقافي من مجتمع اقصائى عنصري إلى مجتمع يعتد بثقافته و تنوعها و تعايشها و تغيير النظرة إلى الآخر و الابتعاد عن سياسة الفصل اللغوي و تغليب لغة أو دين على ثقافة أو دين آخر يملك نفس الحق من مبدأ المواطنة و المساواة. أن المعاناة و البؤس و الضعف و الغلب الذي يعانى منه السودانيون الآن مصدره الاساسى و الوحيد هو التربية الأحادية في مجتمع متعدد فقد علمتنا المناهج الدراسية أن اللغة هي اللغة العربية و أن الدين هو الإسلام فقط و أن أهل البلد هم الأنصار و الختمية و هي فكرة كاذبة خاطئة لان السودان دولة و ليس ضيعة يمتلكها هذا و يورثها لذاك، و مع ذلك فان السواد الأعظم من الناس و بجهلهم بحقوقهم المدنية قابعين بين مطرقة ديكتاتورية و شعوذة الأحزاب الطائفية و فكرها العبودى الاسترقاقى الجهادي التبعى المتطرف ظانين أنها ليبرالية أو ديمقراطية و سندان الحكومات الشمولية الناهبة للسلطة و موارد البلاد بينما هي لا تعدو كونها حكومات سرية تمارس الجلد و القمع و الإرهاب الرسمي و التجهيل و الإفقار على المواطنين المحجمين عن المشاركة في نهضة بلادهم مذعنين لهذه الطاحونة المجعجعة بلا طحن و لا هم يحزنون. عندما ظل الصادق يطالب بحقوقه و مواريثه و أمواله من الحكومة التي كان هو رئيسها ومن حكومة لصوص الإنقاذ الم يكن يعلم أن حقوق السودانيين كلها مسروقة و مهدرة و مهضومة أم أنها المصلحة الشخصية هي التي تحرك زعامات الطوائف الدينية و مشايخها أمثال الصادق ، أم انه سر المصالحات و المصاهرات مع زمرة الاتجاه الاسلامى ألد أعداء الشعب هي التي تحركه في التآمر على وطن المليون ميل مربع أم....... أنا و بعدى الطوفان. حاتم محمد محمد صالح / مخرج و كاتب "سوداني"