دفاع العريفي عن الإرهاب موقف جديد وخطير. إنه يكشف المكبوت في النفوس ويفسر الكثير من مواقف هذا الداعية العدائية من البلدان وقضايا المنطقة والمسلمين. بقلم: د. سالم حميد فاجأ الداعية محمد العريفي الكثير من المراقبين بدفاعه الفجائي عن تنظيم القاعدة، خاصة وأن توقيت هذا الدفاع يتزامن مع فضح شعبي متزايد لكل تناقضات دعاة الإسلام السياسي. اكتشف الرأي العام الإسلامي مدى بعد هؤلاء الدعاة عن الشعارات الدينية البراقة التي أفرغوها عن مضامينها وحملوها ديكورات حاولوا عبرها تحقيق أجندتهم الخاصة التي لم تخرج عن الذاتية المطلقة في مجملها. ذهب أغلب المحللين بأن هذه التصريحات غير المنطقية وغير المبررة، ربما جاءت لتخفيف الضغط عن هذه الجماعة المصنفة في قائمة الإرهاب الدولية، وتجميلها أمام الرأي العام الإسلامي. فقد أشار العريفي إلى أن جماعة تنظيم القاعدة ليست من المتساهلين بتكفير المسلمين، وليست من المتساهلين بإراقة الدماء. وهو أمر مستغرب تدحضه كل مشاهد تاريخ هذه الجماعة التي انتهجت مدرسة دموية متشددة تجلت في العديد من التفجيرات التي عرفها العالم بأسره، وهو ما جعل الكل يتساءل عن كيفية خروج العريفي بهذه الشهادة في حق القاعدة، ولماذا؟ وما الذي يربطه حالياً بهذه الجماعة؟ ومن الواضح أنه بذلك قد خطا خطوة إلى الوراء، حاول عبرها أرشفة تاريخ القاعدة وتفنيد أفعالها، أو ربما مراجعة فكرها ونهجها. ومما يثير الشكوك أكثر بما ذهب إليه في تأكيده على أن الكثير من الأفكار التي تنسب إلى منتسبي تنظيم القاعدة وأنهم منها براء هو قوله: "البعض ينسب إلى القاعدة آراء هم منها براء"، وأيضاً: "أنا سمعت بعض الإخوة وبعض الآراء التي ينسبونها إلى القاعدة وإلى من يتبنون فكرهم وهي أفكار ليست صحيحة." يبقى صدور مثل هذه التصريحات عن شخص كالعريفي الذي يصنف ضمن الدعاة، أمراً يحتاج إلى وقفة. فكلامه لا يمكن أن يكون اعتباطاً أو مجرد تعبير عن الرأي. انه حديث له من التبعات والأسباب ما يجعله محسوبا عليه كداعية. فقيامه بالتمهيد لتبرئة القاعدة إنما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول توجه هذا الرجل وأهدافه، مما يضع الجميع أمام سؤال حيوي وهام: "ماذا بعد هذه التصريحات النارية التي تعبر ربما عن فكر العريفي الحقيقي أو مصالح جديدة عليه إتباعها؟" قوادم الأيام دون شك حبلى بفضح الكثير من المستور. فعندما يستشهد العريفي بقول الله تعالى: "إذا قلتم فأعدلوا"، ما كان متوقعا منه تفسير الآية على هواه، بل الدعوة لتطبيقها في كافة المناحي، وإلا لماذا خرج في الآونة الأخيرة بالكثير من الإتهام والتحريض بحق دول وأشخاص، ما جعل المراقبين يتشككون في أن القضية ربما تتعلق بميوله المكبوتة التي قرر إطلاقها بما يتوافق مع التطورات الدولية الجديدة في بلدان العرب. فدفاع العريفي عن الإرهاب موقف جديد وخطير يصدر عنه خاصة أنه يظهر كداعية إسلامي يحاول التأثير على الكثير من المسلمين، ودفاعه عن حركات متطرفة أو حركات تدعي الإسلام أو تستخدمه في سبيل أغراض خاصة هو أمر مستهجن يستحق الوقوف في وجهه. القاعدة جلبت للمسلمين مصائب ليس لها حدود ولا تخفى منها خافية. فمن تشويه لصورة الإسلام في دول العالم وحتى استهداف المسلمين من خلال تكفيرهم وهدر دمهم والقيام بعمليات إرهابية على أرض الإسلام ذهب ضحيتها العديد من المسلمين الأبرياء، عاثت القاعدة باسم الدين فسادا في أرض الله الواسعة، وما أسهل ان تصدر فتوى بقتل أو تكفير اي شخص. حتى السعودية بلد العريفي عانت الكثير من تنظيم القاعدة ومحاولاته المتكررة لتهديد الأمن والاستقرار والنيل من سمعتها كبلد آمن. مصائب القاعدة طالت الجميع فأي دولة مسلمة يتداعى فيها الأمن نجد القاعدة تنشط بشكل مباشر وتحاول إعادة البلاد الى عصور الظلمات. من الغريب أن يتجاهل العريفي حقيقة أن الإسلام الحقيقي المعتدل يحمل وجهاً حضارياً في طياته رسالة إنسانية تجاه البشرية ككل، ويمتاز بالوجه المشرق لحضارتنا التي حكمت فعدلت. وهو ما يوجب على الدعاة تعزيز هذا النهج والدعوة إلى مجابهة أعدائنا بالعلم والعمل، وليس بالإرهاب وتخريب الأوطان، من خلال التطرف المرفوض، وأن يقفوا ضد تسييس الدين واستغلاله عبر المتأسلمين الجدد الذين يستغلون الدين أبشع استغلال ويقيدونه بالسياسة التي تفسد كل ما حولها. أما الدعاة الذين يروجون لهذا التنظيم أو تلك الجماعة، فأحرى بهم التركيز على علوم الدين والمعاني السامية للإسلام وكفى ضخاً للسموم في عقول الشباب! د. سالم حميد كاتب من الإمارات