أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهد الفهيد : مذهب أهل السنة لا يجيز الخروج على ولاة أمور المسلمين وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم
نشر في الراكوبة يوم 18 - 02 - 2013

أكد الشيخ فهد بن سليمان الفهيد ان وجوب الخروج على الحاكم المسلم الفاسق او الظالم ولو لم يكفر باستثناء الامام العادل هو مذهب الخوارج والمعتزلة، بخلاف مذهب اهل السنة والجماعة الذي يرى ترك الخروج لدرء الفتنة والاقتتال بين المسلمين، مشيرا الى ان كثيرا ممن خرج على ولاة الامور او اكثرهم انما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه، ولم يصبروا على الاستئثار امتثالا لوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم الصريحة في ذلك، كما قد يكون لولي الامر ذنوب اخرى فيعظم استئثاره تلك الذنوب، ويبقى المقاتل له ظانا انه يقاتله لئلا تكون فتنة. وأضاف الفهيد ان ابرز ما عرف به الخوارج على مر الازمان اعتراضهم على السنة والجرأة على الشرع والاعجاب بالرأي واتهام النيات والمقاصد واساءة الظن، لافتا الى ان الخوارج باختلاف طوائفهم يجمعون على وجوب الخروج على السلطان الجائر وليس جميعهم يكفر مرتكب الكبائر. «الأنباء» التقت الداعية السعودي فهد الفهيد على هامش مؤتمر وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية «التغيير والاصلاح.. رؤية شرعية» لبيان حقيقة ما يسلكه الدعاة الى الثورات الذين يزينونها بزخرف القول من تشابه وتوافق مع اهل البدع، وبيان اسباب انحرافهم، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
بداية ما تعليقك على قيادة بعض الدعاة الاسلاميين للثورات وما يسمى بالربيع العربي؟
٭ ان دعاة الثورات يصرحون بأنه يجب الخروج على الحاكم المسلم الفاسق او الظالم ولو لم يكفر، ويقولون ان الخروج انما يحرم على الامام العادل، وهذا هو مذهب الخوارج والمعتزلة، حتى ان احدهم يقول: «ان (السلفية المتعصبة) والصوفية اتفقتا على تسفيه الثورات العربية عبر الترويج لثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على الحكام»، وهكذا كذب على منهج السلف الصالح ووصفه بالتعصب وقرنه بالتصوف، وقال مصرحا وبئس ما قال : «ان الظلم واضاعة حقوق الناس يجيزان للشعوب الخروج على حكامها» وعلى هذا الكلام يسير غالب من يدعو للثورات اليوم.
ولبيان ان هذا مذهب الخوارج اسوق كلام احد العارفين بالفرق قال البغدادي في الفرق بين الفرق: «وقد اختلفوا فيما يجمع الخوارج على افتراق مذاهبها فذكر الكعبي في مقالاته ان الذي يجمع الخوارج على افتراق مذاهبها: اكفار علي وعثمان والحكمين وأصحاب الجمل وكل من رضي بتحكيم الحكمين، والاكفار بارتكاب الذنوب، ووجوب الخروج على الامام الجائر، وقال شيخنا ابوالحسن: الذي يجمعها اكفار علي وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين او احدهما، ووجوب الخروج على السلطان الجائر، ولم يرض ما حكاه الكعبي من اجماعهم على تكفير مرتكبي الذنوب، والصواب ما حكاه شيخنا ابوالحسن عنهم وقد اخطأ الكعبي في دعواه اجماع الخوارج على تكفير مرتكبي الذنوب منهم وذلك ان النجدات من الخوارج لا يكفرون اصحاب الحدود من موافقيهم...» ثم ذكر بعضا من فرقهم ممن لا يكفر مرتكبي الذنوب منهم ومن غيرهم، فهنا يقرر البغدادي ان الخوارج لم تجمع على تكفير مرتكبي الذنوب بل منهم من لم يكفر بالذنوب، ومع ذلك وصفهم اهل العلم بأنهم خوارج، ويلحقهم الذم الذي ورد في الاحاديث النبوية، وكذلك منهم من يرى ان المقصود من اطلاق الكفر على من ارتكب كبيرة: كفر النعمة.
والخوارج يوجبون الخروج على ولاة امور المسلمين بأدنى شبهة، ويسلون السيف على امة محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر اصحاب المقالات عنهم ما يشهد لذلك، ففي المقالات لابي الحسن الاشعري «ويرون ان الامامة في قريش وغيرهم اذا كان القائم بها مستحقا لذلك ولا يرون امامة الجائر، وحكى زرقان عن النجدات انهم يقولون: انهم لا يحتاجون الى امام وانما عليهم ان يعلموا كتاب الله سبحانه فيما بينهم»، وقال البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق عما يجمع فرق الخوارج: «وقال شيخنا ابوالحسن: الذي يجمعها اكفار علي وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين او احدهما ووجوب الخروج على السلطان الجائر»، وقال الآجري في الشريعة: «والخوارج هم الشراة الانجاس الارجاس، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا، ويخرجون على الائمة والامراء ويستحلون قتل المسلمين»، فظهر من خلال ما سبق ان من اصول الخوارج الكبار الخروج على ولاة امور المسلمين.
الفتنة أعظم
اذن ما مذهب اهل السنة تحديدا تجاه الحكام الظلمة والجائرين؟
٭ أهل السنة والجماعة يرون ترك الخروج على ائمة الجور، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: «ولهذا كان المشهور من مذهب اهل السنة انهم لا يرون الخروج على الائمة وقتالهم بالسيف، وان كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الاحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لان الفساد في القتال والفتنة اعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع اعظم الفسادين بالتزام ادناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان الا وكان في خروجها من الفساد ما هو اعظم من الفساد الذي ازالته»، وقال ايضا: «وكان افاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الاشعث، ولهذا استقر امر اهل السنة على ترك القتال في الفتنة للاحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الائمة وترك قتالهم وان كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من اهل العلم والدين»، وقال ايضا: «ومما يتعلق بهذا الباب ان يعلم ان الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم الى يوم القيامة من اهل البيت وغيرهم قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه وان كان من اولياء الله المتقين، ومثل هذا اذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من اهل الجنة بل في ايمانه حتى تخرجه عن الايمان، وكلا هذين الطرفين فاسد».
وقال الامام البربهاري في شرح السنة: «ومن خرج على امام من ائمة المسلمين فهو خارجي قد شق عصا المسلمين وخالف الآثار وميتته ميتة جاهلية».
دعوى قديمة
لكن البعض يزعم ان خروجه على الحاكم الجائر هو نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما ردكم عليهم؟
٭ وهذا واقع كثير من الثوار اليوم، فهم يدعون ان ثورتهم هي من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: كما يقوله بعض المنتسبين الى العلم منهم فيصرحون «بأن الثورات الشعبية جزء من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونوع من النصح والمراقبة»، وهذا الادعاء حصل قديما وحديثا وينبغي ان يعلم ان الخوارج يجعلون خروجهم على الائمة امرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، قال ابن القيم: «وأخرجت الخوارج قتال الائمة والخروج عليهم بالسيف في قالب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخرج ارباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع».
وقال ابن كثير في احداث سنة اثنتين وأربعين: «وفي هذه السنة تحركت الخوارج الذين كانوا قد عفا عنهم علي يوم النهروان، وقد عوفي جرحاهم وثابت اليهم قواهم، فلما بلغهم مقتل علي ترحموا على قاتله ابن ملجم وقال قائلهم: لا يقطع الله يدا علت قذال علي اي مؤخرة رأسه بالسيف، وجعلوا يحمدون الله على قتل علي، ثم عزموا على الخروج على الناس وتوافقوا على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يزعمون» ثم بدأوا بالهجوم على ديار المسلمين مثل الكوفة والبصرة وغيرها من بلدان المسلمين، بدعوى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة الدين فيقتلون الانفس المعصومة ويسلبون الاموال ويروعون المسلمين ويفسدون في الارض.
قال الشوكاني رحمه الله: «وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا شك ولا ريب ان الاحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب (أي احاديث السمع والطاعة للحاكم ولو كان جائرا) وذكرناها اخص من تلك العمومات مطلقا وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له انسة بعلم السنة».
عدم الصبر على الاستئثار
إذن ما الأسباب التي توقع المرء في ضلالات الخوارج؟
٭ قال شيخ الإسلام مبينا الأمور التي تؤدي إلى الوقوع في ضلالة الخوارج: «ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة فيرد على القلوب من الواردات ما يمنع القلوب عن معرفة الحق وقصده، ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية، والجاهلية ليست فيها معرفة الحق ولا قصده والإسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح بمعرفة الحق وقصده، فيتفق على أن بعض الولاة يظلم باستئثار فلا تصبر النفوس على ظلمه، ولا يمكنها دفع ظلمه إلا بما هو أعظم فسادا منه ولكن لأجل محبة الإنسان لأخذ حقه ودفع الظلم عنه لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»، وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك وأسيد بن حضير رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ قال: «ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»، وفي رواية للبخاري عن يحيى بن سعيد الأنصاري سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها. فقال: «إما لا فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، فإنه ستصيبكم أثرة بعدي»، وكذلك ثبت عنه في الصحيح أنه قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة في يسره وعسره ومنشطه ومكرهه وأثرة عليه»، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن عبادة قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن يصبروا على الاستئثار عليهم، وأن يطيعوا ولاة أمورهم، وإن استأثروا عليهم، وألا ينازعوهم الأمر، وكثير ممن خرج على ولاة الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه، ولم يصبروا على الاستئثار ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى فيبقى بغضه لاستئثاره يعظم تلك السيئات، ويبقى المقاتل له ظانا أنه يقاتله لئلا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه إما ولاية وإما مال.. فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة، ومن هذه الجهة شهوة وشبهة قامت الفتنة، والشارع أمر كل إنسان بما هو المصلحة له وللمسلمين، فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم حتى قال: «ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوما وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه رائحة الجنة».
وأمر الرعية بالطاعة والنصح كما ثبت في الحديث الصحيح: الدين النصيحة ثلاثا قالوا: لمن يا رسول الله؟ (قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وأمر بالصبر على استئثارهم، ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم، لأن الفساد الناشئ من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر فلايزال أخف الفسادين بأعظمهما).
لشدة ضررهم
وما سبب كثرة النصوص النبوية المحذرة من شأن الخوارج؟
٭ وسبب كثرة الأحاديث في شأن الخوارج: أن الأمر كلما كانت الأمة إلى بيانه أحوج فإن النصوص تأتي ببيانه تفصيلا، والحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا، ولم يمت نبينا صلوات الله وسلامه عليه إلا وقد بلغ البلاغ المبين وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، بل لا يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف فرقة من الفرق الضالة مثل ما وصف الخوارج، وذلك لشدة ضررهم وخطرهم على الناس.
وقال ابن القيم: «والذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذمهم من طوائف أهل البدع هم الخوارج فإنه قد ثبت فيهم الحديث من وجوه كلها صحاح لأن مقالتهم حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه رئيسهم، وأما الإرجاء والرفض والقدر والتجهم والحلول وغيرها من البدع فإنها حدثت بعد انقراض عصر الصحابة... وكلما أظهر الشيطان بدعة من هذه البدع وغيرها، أقام الله لها من حزبه وجنده من يردها، ويحذر المسلمين منها نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأهل الإسلام وجعله ميراثا يعرف به حزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي سننه من حزب البدعة وناصرها». والناظر إلى الآثار يجد أن مبدأ أمر الخوارج ومرده إلى: الاعتراض على السنة، والجرأة على الشرع، والإعجاب بالرأي، واتهام النيات والمقاصد، وإساءة الظن، وهذا الأمر يتكرر في كل زمان.
التحالف مع المنحرفين فكرياً
رأينا كثيرا من الثوار الإسلاميين يتنازلون عن عقيدة الولاء والبراء في سبيل إنجاح ثورتهم فما تعليقك؟
٭ إن مشاركة كثير من الثوار للمنحرفين في باب الولاء والبراء يظهر من خلال سبر بعض أحوالهم وتصرفاتهم وكتاباتهم، فمؤتمر النهضة الذي عقد في بعض الدول من قبل مؤيدي الثورات كان يحضره نصراني إسرائيلي ويلقي فيه المحاضرات على شباب وشابات من أبناء دول الخليج جمعوا لإعدادهم للثورات، وأحد كبار منظريهم يؤلف كتابا في تقرير الثورات والدعوة إليها، ويضمنه كلاما طويلا يتحدث فيه عن كيفية إيقاد فتيل الثورات ويدعو إلى قراءة كتاب لأحد اليهود وهو (جين شارب) ويقول هذا المنفاخ للثورة: (وفي الكتاب معلومات وتجارب وآليات وأساليب مستخدمة تاريخيا وواقعيا تصل إلى مائتي أسلوب، يمكن إعمالها والانتقاء منها في مختلف الظروف، وفي أشد الأوضاع قسوة وقبضة أمنية، ثم قال: وفي المصدر ذاته حديث عن آليات شديدة التأثير ويصعب ملاحقتها أمنيا مثل: التعبير باللباس أو بالشعارات والملصقات أو البالونات، أو بعدم الاستجابة... في قائمة طويلة).
العلم العلم
نود في ختام اللقاء أن توصي وتنصح الشباب الثائر المتحمس.
٭ أتقدم بالنصيحة لكل من أعجب بفكر الثوار وعقيدتهم بالتوبة والرجوع إلى جماعة المسلمين، والبعد عن التخوض في الفتن وسفك الدماء، والاعتبار بمن سلك هذا السبيل من قبلهم فلا الإسلام نصروا، ولا الأعداء كسروا، بل تضرر منهم المسلمون أعظم الضرر، وأود أن أنقل كلاما مفيدا لابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل، حيث يقول: «واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للإسلام راية ومازالوا يسعون في قلب نظام المسلمين ويفرقون كلمة المؤمنين ويسلون السيف على أهل الدين ويسعون في الأرض مفسدين».
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: «العلم.. العلم.. أيها الشباب لا يلهيكم عنه سمسار أحزاب ينفخ في ميزاب ولا داعية انتخاب في المجامع صخاب ولا يلفتنكم عنه معلل بسراب، ولا حاو بجراب، ولا عاو في خراب يأتم بغراب، ولا يفتننكم عنه منزو في خنقة، ولا ملتو في زنقة، ولا جالس في ساباط على بساط، يحاكي فيكم سنة الله في الأسباط، فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلاب وساحر كذاب إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصعتم إلى هؤلاء العواة، خسرتم أنفسكم وخسركم وطنكم، وستندمون يوم يجني الزارعون ما حصدوا، ولات ساعة ندم».
الانباء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.