يشهد هذا الأسبوع اجتماع القمة السنوي الخامس لمجموعة بريكس في مدينة ديربان، إن تجمع بريكس وعلاقته بأفريقيا بالرغم من أنها مليئة بالأحلام إلا أنها اكثير تعقيدا مما تبدو. ففي القترة من 26 إلى 27 مارس 2013 سينضم ممثلون من البرازيل و روسيا و الهند والصين لنظرائهم في جنوب أفريقيا لأجل اجتماع قمة مجموعة البريكس السنوي الخامس تحت : "بريكس وأفريقيا: شراكة لأجل التكامل و التصنيع". وبدون شك سيسعى السيد جاكوب زوما رئيس جنوب افريقيا لإبراز دولته كنقطة ارتكاز بين مصادر الإلهام و التأثير العابرة للقارات هذه وبين دول أفريقيا الناهضة. تمثل أفريقيا - الموصوفة من قبل البعض بالتخوم الاقتصادية النهائية بسبب مواردها الكثيرة المتنوعة غير المستغلة- لدول مجموعة البريكس القوية فرص استثمارية عظيمة، وعلى وجه الخصوص فإن الهجمة الاقتصادية الصينية في القارة معروفة جيدا. وبالنسبة للدول الأفريقية فإن دول مجموعة البريكس تقدم بدائل منافسة وجذابة على مستعمريهم القدماء. ويبدو أن هذا تتريب سماوي جيد و لكن العلاقة ووصفها أكثر تعقيدا مما تبدو. أفريقيا: الحدود النهائية إن السرد الإيجابي عن دول مجموعة البريكس بسيط، هو أن مجموعة بريكس تجمع يهدف إلى ترجيح كفة التوزان الاقتصادي لصالح الاقتصاديات النامية مع تجاوز الانقسامات الجغرافية و الأيدولوجية في عالم شديد التعقيد. تمثل مجموعة بريكس كمنبر للحوار والتعاون 43% من سكان العالم. التقت هذه الدول الخمس للعمل معا لإزالة الحواجز التجارية والجمركية، مع التعهد لتطوير شراكات مع المنظمات الدولية ذات الصلة لمكافحة التجارة غير المشروعة والاحتيال. تسعى المبادرات المستقبلية التي ستبحث القمة في إنشاء مجلس بريكس الأعمال ومركز بريكس للدراسات وبنك البريكس للتنمية والمتوقع أن يرصد له رأس مال أولي بمبلغ 50 بليون دولار. تمثل هذه القمة التي تستضيفها أفريقيا بالنسبة لدول البريكس فرصة لتعزيز التعاون والعلاقات الاقتصادية بصور أعمق مع أفريقيا، حيث توجد 60% من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة وكثير من الموارد التي لم تطرق. في عام 2010 كانت ست من الاقتصادات الأسرع نموا توجد في أفريقيا، ويتوقع أن يتوسع ناتج القارة بسنبة 50% خلال السنوات الأربع التالية. ومن المتوقع ان يتوسع النمو الاقتصادي على نطاق القارة بمتوسط 5.5% سنويا في السنوات الخمس التالية. وهذه العائدات الاقتصادية ليس فقط نتيجة الاكتشافات النفطية حيث أشار صندوق النقد الدولي إلى أن النمو السنوي غير النفطي الحقيقي في أفريقيا جنوب الصحراء بلغ في المتوسط 5.4% خلال السنوات الخمس الماضية. ووفقا لهذه الحجة إن إمكانات التعاون بين أفريقيا و مجموعة بريكس يمكن رؤيتها بوضوح. حيث ذكر وزير التعليم العالي والتدريب في جنوب أفريقيا أن المستقبل الاقتصادي لبلاده مرتبط بتنمية القارة ككل، وبتحقيق السلام والاستقرار في القارة. ويعتقد الوزير أن دول بريكس الأخرى يمكن أن تلعب دورا مهما في تحقيق هذه الأهداف وبالتالي تكسب هي من وراء ذلك. عشية القمة يعقد وزراء التجارة من الدول الخمس اجتماعا مشتركا خاصا مع وفود رجال الأعمال، وهذا الجهد لتحسين آليات تنشيط الأعمال التجارية سيتم تعزيزه بإنشاء مجلس بريكس الدائم للأعمال التجارية بريكس هل شيدت فوق رمال متحركة؟ ومع إن مستقبل التعاون بين مجموعة بريكس وأفريقيا ليس غير معقد كما يبدو أول وهلة، وتوحيد النظرة للدول الخمس معا في علاقاتها مع أفريقيا قد لا يكون تقديرا مفيدا كما توحي لفظة (بريكس) المركبة. ولنبدأ بالقول أن هذه الدول الخمس هي قوى اقتصادية عظمى كل في منطقته، فمثلا فإن البرازيل و روسيا من منتجي الطاقة الرئيسين ويستفيدون من الأسعار العالية للطاقة، بينما نجد أن الهند والصين من كبار مستهلكي الطاقة، ولهذا فإنهما يعانيان من ذلك. أيضا فإن دول مجموعة بريكس تضم نظما سياسية شديدة التباين، فبينما نجد ان الهند و البرازيل وجنوب أفريقيا دولا ديمقراطية بدرجات متفاوتة نجد أن روسيا و الصين هي دول أوتوقراطية. وفي نفس الوقت فإن أهداف سياستها الخارجية خارج إطار بريكس لا تميل نحو التقارب. ومن منظور اقتصادي‘ فإن وضع دول مجموعة بريكس كقوى اقتصادية عظمى ناشئة قد يكون موضع تساؤل هو الآخر. حيث إن التحديات تتصاعد من خارج مجموعة بريكس. تصدر بوسطون كونسلتينغ غروب) BCG ( منذ 2006م دراسة سنوية لأول 100 شركة عالمية من الأسواق الناشئة، تشير قائمة 2013م مقارنة مع الدراسة الاستهلالية في عام 2006م إلى تنوعها اللافت. ففي عام 2006م ضمت تلك القائمة شركات من 10 دول، و 84 شركة من هذه 100هي من دول مجموعة بريكس الأربع ( قبل انضمام جنوب أفريقيا)،حيث نجد أن 44 شركة من الصين بمفردها. في عام 2013م ضمت القائمة شركات من 17 دولة، 69 منها من دول مجموعة بريكس الأربع، منها 30 شركة من الصين بمفردها. هذا يشير إلى أن عباءة كونها الاقتصاديات الناشئة الأكبر قد بدأت تضعف، حيث نجد أن دولا مثل المكسيك و إندونيسيا و بولدنا و نيجيريا قد خطت خطوات اقتصادية كبيرة هي الأخرى. وفي الواقع فإن شركات مكسيكية أكثر من الشركات الروسية و الجنوب أفريقية ضمتها قائمة بوسطون كونسلتينغ غروب) BCG ( لعام 2013 م. وبالرغم من تسجيلها لمعدلات نمو قوية لعدة سنوات فإن معدل نمو دول مجموعة بريكس قد تباطأ بنحو واضح، فقد تباطأ النمو الصيني من رقمين إلى 7% أو أقل، ومنذ 2008م فقد انخفض النمو في البرازيل من 4.5% إلى 2% وفي روسيا من 7% إلى 3.5% وفي الهند من 9% إلى6% وفي جنوب أفريقيا من 5% إلى 2.7%. وفي الطرف الآخر فإن سرد الصعود الأفريقي وهو الآخر قد اسئ تفسيره، فإن معدلات النمو العالية ليست بالضرورة انعكاسا للتنمية، حيث تركز معظم النمو في أفريقيا حول نطاق محدود من السلع و الموارد. والمثير للقلق هو غياب قطاع التصنيع القوي. وفي الوقت نفسه نجد أن تنامي العطالة و انعدام المساواة و الأحوال المعيشية الفقيرة قد أضعفت الكثير من الدول وجعلت الحياة راكدة، إن هذه المشاكل يمكن أن تتحول إلى انشقاقات ومن المحتمل أن تتطور إلى عصيان إن لم تكن ثورة. علاقة معقدة وهكذا إن مجموعة بريكس والعلاقات بين مجموعة بريكس- أفريقيا هي أكثر تعقيدا، متباعدة داخليا، ومن المحتمل أن تكون محفوفة بالمخاطر أكثر مما قد تبدو. وهذا بالضرورة لا ينقص من حقيقة أن جميع الدول الخمس لمجموعة بريكس سيزداد نفوذها عالميا وأن شراكاتها مع بعضها البعض و ومع الدول الأفريقية ستكون هامة، ولكن آليات التنشيط هذه لن تكون مباشرة وقد تصبح أكثر تعقيدا مع صعود اقتصاديات نامية أخرى. ومع ذلك تبدو الدول الخمس نفسها عازمة على التعاون لتعزيز مجمل تأثيرها. وفي ذلك فإن مجموعة بريكس تساعد في عمل الشبكات، وتطوير الروابط المباشرة من حكومة إلى حكومة، ومن عمل تجاري إلى عمل تجاري، ومن مؤسسة أكاديمية إلى مؤسسة أكاديمية. وبالرغم من أنها قد لا تكون العلاقة السحرية التي يرغب فيها الكثيرون، ومع أنها لن تكون العلاقة المباشرة المقترحة أحيانا، إلا أن شراكة مجموعة بريكس – أفريقيا توفر الإمكانية للتعاون الإيجابي بين الدول النامية في المستقبل. وهذه الإمكانية هي التي يسعى لغرسها و تعميقها المندوبون من البرازيل و روسيا و الهند و الصين وجنوب أفريقيا في هذين اليومين. http://thinkafricapress.com/developm...elopment-dream