يعتقد الكثيرون أن الخرطوم وحدها التي تمارس الحجر على الحريات الصحفية وبنفس قياس الظن يعتقد آخرون أن جوبا تحت حكم الحركة الشعبية التي تبشر بالمساواة والعدالة والحرية تنعم فيها وسائل الاعلام والصحافة بجنة الحريات الموعودة ولكن فيما يبدو؛ الصورة في جوبا غير تلك بل أكثر قتامة مما هي عليه في الخرطوم. وبالأمس رفض مكتب المتابعة والتنسيق التابع لحكومة الجنوببالخرطوم استلام مذكرة احتجاجية تقدمت بها شبكة الصحفيين السودانيين بعد أن نظمت أمس وقفة احتجاجية أمام مكتب حكومة الجنوب تضامنا مع صحفيين بجنوب السودان تم اعتقالهم بواسطة الأجهزة الأمنية في جنوب السودان واعتبرت شبكة الصحفيين اعتقال الصحفيين بمثابة انتهاك لاتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي وطالبت الشبكة بإطلاق سراح المعتقلين أو تقديمهم لمحاكمة عادلة مع التحقيق في موضوع اعتقالهم المخالف لنصوص الاتفاقية والدستور. وأمام هذا الواقع تحركت شبكة الصحفيين لتنظيم وقفة احتجاجية أمام مكتب حكومة الجنوب كدأب شبكة الصحفيين في مثل هذه المواقف. ففي الأسبوع الفائت نظمت الشبكة وقفتين احتجاجيتين. وناشدت شبكة الصحفيين السودانيين كافة الصحفيين في كافة المواقع للعمل من أجل وحدة الصف الصحفي ومجابهة ما أسمته بالمعوقات التي تعترض مسار حرية الصحافة وحق التعبير في السودان. بالأمس وقفت الشبكة ذات الوقفة الاحتجاجية أمام مكتب حكومة الجنوب بالعمارات بالخرطوم وكانت حكومة الجنوب قد اعتقلت عددا من الصحفيين يعملون بالتلفزيون والإذاعة بالجنوب ومنهم بثينة محمد صالح وللي ويلسون وقابريال لورو وادريس محمد التوم وجوزيف عقرب ورائول بولينو وصمويل من عمال هيئة الاذاعة والتلفزيون. وقالت مصادر إن اعتقال الصحفيين جاء بعد المطالبة بحقوق مالية، مما ترتب عليه وعد من حكومة الجنوب بدفع استحقاقات الصحفيين التى يطالبون بها إلا أنه لم يتم ذلك مما دفع بالصحفيين لإعلان إضراب عن العمل تزامنا مع الاحتفال بتنصيب رئيس حكومة الجنوب سلفاكير الأمر الذى اعتبرته حكومة الجنوب بمثابة قصد مبيت لإفشال الاحتفال من قبل الصحفيين واعتقلت الأجهزة الأمنية الصحفيين ولم تقدمهم الى أي محاكمة هذا الأمر جعل شبكة الصحفيين السودانيين تنظم وقفة احتجاجية سلمية أمام مكتب حكومة الجنوب المتابع بالخرطوم لتعلن من خلالها رفضها التام للانتهاكات التى يتعرض لها الصحفيون بالجنوب وتطالب إما بإطلاق سراحهم او تقديمهم للمحاكمة إلا أن مكتب حكومة الجنوب لم يكتف برفضه لاستلام المذكرة فقط بل مضى الى أكثر من ذلك عندما تهكم أفراده من الصحفيين وطالبوهم ساخرين بالسفر الى الجنوب لتسليم المذكرة، ثم مضوا بعد ذلك الى تهديد الصحفيين بفضهم عنوة او الاتصال بالشرطة لتقوم بذلك، وأعلن متحدث باسم الشبكة عن أسفهم لرفض مكتب حكومة الجنوب استلام المذكرة الاحتجاجية قبل أن يتلو محتوى المذكرة أمام الإعلام المحلي والعالمي وهي المذكرة التي تتحدث عن أن اتفاقية السلام التى وقعت عليها الحركة الشعبية تنص على احترام حقوق الانسان ،وركزت على حق التعبير واعتبرت انتهاكه خرقا للاتفاقية نفسها وأن الدستور الانتقالي لسنة 2005م والذى جاء نتيجة نص بموجب المادة 27(3) أكد أن جميع الحقوق والحريات الواردة فى الاتفاقيات والعهود المعنية بحقوق الإنسان التى يصادق عليها السودان وتعتبر جزءا من وثيقة الحقوق بجانب المادة "4" من الدستور الانتقالى والتى نصت على منع انتقاص الحقوق والحريات الواردة فى وثيقة الحقوق وأوكلت للمحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الأخرى حمايتها وتطبيقها ،ولمفوضية حقوق الإنسان مراقبة تطبيقها فى الدولة فضلا عن المادة "39"من الدستور الانتقالي والتى تتطابق مع المادة "2" من دستور جنوب السودان الانتقالي إذ تنص على "أن لكل مواطن حق لا يقيد فى حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول الى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقا لما يحدده القانون تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقا لما ينظمه القانون فى مجتمع ديمقراطي ، وتلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب". وفى نهاية مذكرتها طالبت شبكة الصحفيين السودانيين من حكومة الجنوب إطلاق سراح الزملاء العاملين بهيئة إذاعة وتلفزيون جنوب السودان فورا أو تقديمهم للمحاكمة العادلة مع التحقيق فى موضوع اعتقالهم المخالفة لنصوص الاتفاقية والدستور. ومن جهتها فإن حكومة الجنوب والحركة الشعبية تعلنان في كل مناسبة عدم علمهما بوجود معتقلين صحفيين من قبل الأجهزة الأمنية بحكومة الجنوب ونفى أكثر من قيادي بالحركة الشعبية وجود حالات اعتقال وسط الصحفيين بحكومة الجنوب وفي هذا الاتجاه ترك باقان اموم الباب مفتوحا على عدة اتجاهات عندما لم ينف ولم يثبت في ذات الوقت وجود معتقلين من قبيلة الصحفيين بجنوب السودان وأكد باقان في حديث صحفي على ضرورة معرفة الجهة التي اعتقلت الصحفيين إن تأكدت تلك الأنباء وهو ذات ماذهب اليه قيادي آخر بالحركة الشعبية عندما أثبت وجود اعتقالات ولكن ليس وسط الصحفيين بل وسط مجموعة من الموظفين الحكوميين غير أن أتيم قرنق نائب رئيس البرلمان الجديد والقيادي بالحركة الشعبية أراد بحديثه هذا نفي وجود تكبيل للحريات بعاصمة الجنوب فنسب الاعتقال للموظفيين دون الصحفيين وكأن الأمر سيتغير كثيرا ! بينما عابت بعض القيادات بالحركة التي أقرت بوجود معتقلين من الصحفين بجوبا أعابوا على أولئك الصحفيين دخولهم في عملية الإضراب دون إنذار مسبق غير أن قياديين آخرين من الحركة الشعبية ثمنوا موقف شبكة الصحفيين السودانيين الداعمة لزملائهم من الصحفيين في جنوب السودان إلا أن معظم أولئك القياديين قالوا إن شبكة الصحفيين سلمت المذكرة الى الجهة الخطأ . وفي بيان لها صدر أمس نددت شبكة الصحفيين بموقف حكومة الجنوب من قضية الصحفيين المعتقلين لديها مطالبة بإطلاق سراحهم فورا أو تقديمهم للمحاكمة العاجلة كما نددت الشبكة بالاستفزاز الذي وجدته من بعض المسئولين أثناء وقفتهم الاحتجاجية امس وكان أحد المسئولين قد طلب من أعضاء الشبكة الذهاب الى جوبا لتقديم مذكرتهم الاحتجاجية هناك وأعلنت شبكة الصحفيين أن الموقف من قضية الحريات لايتجزأ وأنها مثلما ظلت تدين حجر الحريات الصحفية في الخرطوم فهي تفعل ذات الشيء عندما يتكرر ذات المسلك بجوبا.