قبل انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989 كان الجبهة تعد مؤسساتها التي تعتمد عليها لحفظ الأمن و الدفاع عن النظام بعد الحكم, كان الدكتور نافع علي نافع هو أحد المسئولين الذين أوكلت أليهم هذه المهمة, و تم استقطاب عناصر جهاز الأمن و المخابرات من العناصر التي كانت نشطة في الحركة الإسلامية الطلابية, أن كانوا في الخرطوم أو خارج السودان و خاصة في جمهورية مصر و الهند و بعض دول أوروبا الشرقية, و قد شرف علي الاستقطاب عدد من العسكريين التابعين للجبهة الإسلامية في القوات المسلحة و الشرطة, و أيضا استفادة من العناصر التي كانت في جهاز الأمن في عهد الرئيس جعفر محمد نميري. بعد استلام البلاد بانقلاب و أخذت تلك المجموعات موقعها في السلطة, رفعت مذكرة للقيادة التي كانت وراء مجلس قيادة الثورة و هي القيادة الأصلية, تحتوي علي تطهير الخدمة من كل القيادات النقابية التابعة للقوي السياسية الأخرى و خاصة الشيوعيين حتى لا تصبح لهم أنياب أو أية قوة يستطيعون الضغط بها علي النظام الجديد, ثم تشكيل عدد من التنظيمات الطلابية داخل الجامعات " المستقلين و المحايدين و غيرهم" و بالفعل استطاعوا من خلال هذه التنظيمات أن يضعفوا حركة المعارضة داخل المؤسسات التعليمية و كانت تجري بعض الاعتقالات لقيادات تلك التنظيمات بهدف التمويه و كانوا أغلبهم يستضافون في غرف جيدة الفرش و جيد الطعام إضافة لتقديم معونات مالية و بعض منهم استوعبوا داخل الجهاز برتب لكي تمنح لهم مرتبات شهرية. التخطيط المهم أيضا كانت مذكرة رفعت من قبل الجهاز للقيادة إن يحدث تغيير شامل داخل المؤسسات الإعلامية خاصة جهازي الإذاعة و التلفزيون, و بالفعل استطاعوا أن يدفعوا بكوادرهم للجهازين. و بعد الانشقاق الذي حدث في جسم الجبهة الإسلامية القومية و خرج الدكتور حسن عبد الله الترابي و مجموعته رفعت مذكرة أيضا للقيادة أن يقوم الجهاز بتأسيس عدد من الصحف اليومية و عدد من المراكز الإعلامية لكي يوجه العملية الإعلامية و يستطيع التأثير في الرأي العام و حتى استقطاب أقلام المعارضة التي تدعي الموضوعية و فتح الأبواب لها للتمويه و بالفعل استطاع الجهاز أن يؤسس عددا من الدور الصحفية برأس مال من الجهاز و عناصر من خارج الجهاز باعتبارها عناصر رأسمالية ثم جئ بعدد من كوادر الإسلاميين الذين لديهم ارتباطات بالجهاز و التعاون معه الهدف هو عدم السماح لبروز جرائد لها مواقف حادة تجاه النظام ثم تم تأسيس ما يسمي " تطوير العمل الإعلامي التي بالقرب من مقابر فاروق و هو المقر الرئيسي للعميد المؤول عن الدائرة الإعلامية ثم مؤسسات الفدى و روان وSMC و غيرها من المؤسسات الإعلامية. ثم عددا من المؤسسات التجارية حيث يملك الجهاز نصف مال شركة الاتصالات السودانية و سوداتيل و الخطوط الجوية السودانية التي اعتمد عليها في إرسال ضباطه في المحطات الخارجية و عددا من الشركات المضاربة في الشاي و البن لكي يتمكن من الدخول لكل من كينيا و أوغندا و أثيوبيا ثم شركة الصمغ العربي و شركة أقطان السودان للدخول في أوروبا الغربية و الولاياتالمتحدةالأمريكية و مؤسسات الإغاثة الإسلامية و الدعوة الإسلامية للدخول في أوروبا و دول الخليج بهدف استقطاب الدعم. و بعد التوقيع علي اتفاقية السلام كانت خطط الفريق صلاح عبد الله أن يلعب الجهاز دورا كبيرا في عملية استقطاب النخبة الجنوبية العائدة من خلال توظيف عددا منهم في الجهاز و من ثم ملك زمام الحركة الشعبية و لكن فوجئ النظام إن النخبة الجنوبية العائدة ليست كما كان يعتقد لذلك رفعت مذكرة من قبل الجهاز للقيادة إن النخبة الجنوبية سوف تسير في طريق الانفصال و عليهم الاستعداد لما بعد الانفصال لذلك بدأ الجهاز في إرسال شركات للجنوب تعمل في شتي المجالات بهدف استقطاب يجري علي ما بعد الانفصال و تدفق المعلومات للجهاز. هذا ما حدث في الماضي, بعد لقاء النائب الأول لرئيس الجمهورية مع الدكتور علي الحاج في ألمانيا و الحديث عن الحوار ثم حديث الرئيس في البرلمان عن الحوار و إطلاق سراح المعتقلين كانت مذكرة الجهاز التي رفعت من رئيس الجهاز عبر وزير شؤون الرئاسة بثلاثة صور الأولي إلي النائب الأول للرئيس و الثانية إلي وزير الدفاع و الثالثة إلي مساعد رئيس الجمهورية تشير المذكرة قبل البدء في عملية الحوار يرغب الجهاز في تنفيذ بعض الإجراءات التي تجعل الحوار يدور في مصلحة النظام. الإجراء الأولي - التضييق علي الصحف التي لا تقع تحت مسؤوليتهم المباشرة و مصادرة أعداد منها و استدعاء بعض الصحافيين لمكاتب الأمن و مسألة عدد منهم و كل تلك الإجراءات أنها سوف تضيق مساحة الحرية و إن الرقيب الذاتي سوف يعمل بصورة فاعلة و بالتالي تقلل من رسالات الانتقاد للنظام و رموزه و هذه في مصلحة الحور الذي يجب أن يكون في حدود. الإجراء الثاني – إن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين يترك الإجراء لجهاز الأمن و المخابرات تنفيذه في أوقات مختلفة بهدف التركيز الموضوع في عملية إطلاق سراح المعتقلين ثم بعد ذلك أن يكون الحوار حول كيفية وحدة الإسلاميين و المصالحة و حصر جل الحوار في هذا الاتجاه و التضييق علي الآراء الأخرى التي تنادي بعملية التحول الديمقراطية و التغيير الشامل. الإجراء الثالث – العمل علي بذر بذور الشقاق بين المعارضة و فتح حوار مع البعض و تأخير البعض لحدوث تشكيك في جانب المعارضة الأمر الذي يجعلهم في خلافات متواصلة. الإجراء الرابع – العمل من خلال الجهاز و الحزب علي فتح حوارات مع بعض القيادات في حزب الأمة و أقناعهم بالمشاركة أو مشاركتهم في الانتخابات القادمة و إذا تم استقطاب حزب الأمة سوف يتحول الصراع بين المعارضة و حزب الأمة و يمكن الاستعانة بالعقيد عبد الرحمن المهدي و بعض القيادات التاريخية في الحزب. الإجراء الخامس – العمل علي تكثيف الوجود من خلال منظمات شركات في كمبالا لمعرفة تحركات و خطط الجبهة الثورية حيث يوجد في كمبالا أعدد كبيرة من السودانيين و هؤلاء رصيد للحركات المسلحة و يمكن الاستفادة من المواطنين السودانيين التابعين لإقليم دارفور لاختراق المجموعات السودانية و الحركات في كمبالا. قبل أشهر ماضية كان مالك لواحدة من الصحف يبحث عن دعم مالي ينقذ صحيفته و ذهب لعدد من الرأسماليين الذين اعتذروا بأنهم لا يملكون السيولة الكافية خاصة إن البلاد تشهد أزمة اقتصادية و تدهور للعملة المحلية تجاه الدولار و في النهاية أشاروا إليه أن يذهب إلي أحدي وزراء النظام الذي يملك ثروة كبيرة و بالفعل قد وافق الرجل نزولا لتوصية من جهاز الأمن و المخابرات و لكن بشرط إن يلتزموا بشروط النشر التي سوف يطبقها رئيس التحرير الذي سوف نعينه و هنا تمت الصفقة. الياس اللوزي في المقالة القادمة سوف نتعرض للبنود السرية في الاتفاق الموقع بين المؤتمر الوطني و حزب الأخوان المسلمين في مصر. [email protected]