القاهرة أصبحت مهمة تحديد مواعيد عرض الأفلام في الموسم السينمائي الحالي بمصر، مهمة صعبة خاصة مع سيطرة الخوف على المنتجين، والقليل منهم فقط هو من يتفاءل بتحقيق أفلام موسم الصيف لإيرادات كبيرة. ويرفض المنتجون السينمائيون المصريون تحدي حالة الركود التي سيطرت على السينما خلال المواسم الماضية. وعلى الرغم من أنه كان متوقعا أن يشارك عدد كبير من الأفلام في الموسم السينمائي الحالي إلا أن الجمهور تفاجأ بتقلص عدد هذه الأفلام، لتفتتح أربعة أفلام فقط الموسم السينمائي الصيفي. ولم يعلن المنتجون المصريون عن مواعيد عرض أفلامهم الجديدة على الرغم من تبقي أقل من شهر على بداية موسم العرض الصيفي. وتقول المنتجة إسعاد يونس إن الظروف التي نمر بها حاليا في مصر، جعلت مسألة تحديد مواعيد عرض الأفلام مهمة صعبة لأن المنتج هو من يتحمل الخسارة أو عدم تغطية الإيرادات لتكلفة الإنتاجية لأفلامه، في حال فشلت الأفلام في جلب الجمهور إلى قاعات السينما. وأضافت يونس أن المنتجين في ظل هذه التقلبات أصبحوا غير قادرين على رسم أفق واضح لموسم الصيف السينمائي الذي من المفترض أن ينطلق قريبا. وأكدت ان الموسم أصبح يواجه مصيرا مجهولا، بعد أن تعرض عدد من المنتجين خلال الفترة الماضية إلى خسارة كبيرة في أكثر المواسم تحقيقا للإيرادات مثل موسم رأس السنة وموسم الصيف. واستطردت قائلة "لعل هذه الخسارة تجعلهم يترددون قبل أن يأخذوا قرارا بعرض الأفلام، فقد أصبح عرض الفيلم في دور العرض السينمائية مغامرة تحمل داخلها مخاطرة كبيرة". وقالت إسعاد يونس، أساسا التكهن بتحقيق فيلم معين للإيرادات أصبح شيئا صعبا، خاصة وأن أفلاما لا تحمل أي مضمون استطاعت في السنوات السابقة القفز بالإيرادات عاليا، وفي المقابل تعرضت أفلام تناقش قضايا مهمة للخسارة، ولم تجد أي إقبال جماهيري عليها في حين أنها نجحت فيما بعد عند عرضها على القنوات. وتضيف أن هذه المشكلة تفاقمت أكثر فأكثر "خاصة وأنه لا أحد حاليا يستطيع أن يحدد ما يريده الجمهور، وهل أنه يفتقد للكوميديا أم ينتظر أفلاما تتعايش معه وتعرض له واقعه، أم أنه في حالة لا تسمح له أصلا بالذهاب للسينما ومشاهدة أفلام جديدة؟. ومن جهته، اختار المنتج أحمد السبكي ألا يخاطر بكل أعماله لأن الموسم السينمائي الصيفي يحمل داخله مخاطرة كبيرة كما يقول. وقرر السبكي أن يقوم بعرض فيلميه "تتح" لمحمد سعد ودوللي شاهين يوم 5 أيار/مايو، وفيلم "الحرامي والعبيط" لخالد صالح وخالد الصاوي يوم 22 مايو، في حين فضل تأجيل فيلمه الثالث "قلب الأسد" لمحمد رمضان إلى موسم عيد الفطر، على الرغم من أنه كان من المقرر عرضه في الموسم الصيفي أيضا. وأكد السبكي أن هناك حالة من التخبط السياسي في مصر أثرت بشكل عام على الحركة الفنية؛ مما يجعل إحساس المنتجين بالخوف والفشل ما يزال مستمرا واحتمالات انتعاش السينما من جديد احتمال ضعيف. ومع هذا لا يزال المنتج أحمد السبكي متفائلا أو على الأقل يحاول أن يعطي لنفسه هذا الشعور؛ لأنه يخشى أن يتسبب خوف المنتجين من الخسارة في تراجع مستوى الفن في مصر. وعن قراره بعرض فيلم واحد، قال السبكي "إنني لا أريد أن أغامر بكل الأفلام، ولا أريد أن أطرح جميع أفلامي في موسم واحد، فلا أجد ما أطرحه في المواسم القادمة، ولكن تأجيلي لا يعني خوفي والدليل هو أن الأفلام الأربعة التي تفتتح موسم الصيف اثنان منها من إنتاجي". وعلى العكس من خوف المنتجين، فقد كانت هناك حالة من التفاؤل عند الفنانين، حيث يرى الفنان أحمد مكي أنه يستطيع إنعاش السينما من جديد من خلال فيلمه الجديد "سمير أبو النيل" والذي سيكون أول فيلم يفتتح الموسم الصيفي هذا العام. وأكد مكي أن ما يشعر به المنتجون هو شيء طبيعي، ودائما ما كنا نخشى منه فنانون ومنتجون، لأن الإيرادات تعتبر واحدا من أهم مقاييس نجاح الفيلم أو فشله، بالإضافة إلى رأي الجمهور والنقاد، لذلك فإن تحقيق الفيلم لإيرادات شيء يهم الفنان والمنتج بغض النظر عن أن المنتج هو من يتحمل الخسارة المادية، ولكن أيضا الفنان يتحمل مسؤولية فشل فيلمه في تحقيق الإيرادات المتوقعة. وأضاف أنه كان سعيدا بتحديد موعد عرض فيلمه في بداية الموسم الصيفي، خاصة وأن موسم الصيف أصبح قصيرا؛ بسبب تضمنه لشهر رمضان؛ مما يجعل إيراداته تتناقص بسبب عزوف الجمهور عن السينما للاهتمام بالدراما طيلة هذا الشهر. ورفضت أيضا الفنانة علا غانم هذا الاتجاه الذي يسير فيه المنتجون. فعلى الرغم من أن الفنان ليست له علاقة بتحديد مواعيد عرض الأفلام وأن هذا الأمر يعود للمنتج وحده، إلا أنها تجد أن تراجع المنتجين عن عرض الأفلام رغم الانتهاء من تصويرها سيتسبب في تراجع مستوى الفن بشكل عام، وسيجعل عجلة الإنتاج السينمائي تتوقف. وعن فيلمها "كريسماس"، أكدت غانم أنها حتى الآن لا تعلم موعد عرضه الفعلي، إلا أنها علمت أنه سيعرض في سباق موسم الصيف وتتمنى ألا يتم تأجيله مرة أخرى. واشارت إلى أن اضطراب أوضاع الشارع المصري السياسية ستستمر خاصة وأن مصر تمر بفترة انتقالية، وإذا انتظر المنتجون استقرار الأوضاع فسوف ينتظرون كثيرا. ويضع الناقد طارق الشناوي حلولا لخروج المنتجين من أزمتهم وخوفهم من خوض مغامرة الموسم الصيفي. وأكد الشناوي أن المنتجين لابد ألا يعتمدوا خلال الفترة المقبلة على الأفلام ذات التكلفة الإنتاجية الضخمة، خاصة في ظل الإيرادات الضعيفة التي تسيطر على الساحة السينمائية في أكثر من موسم مضى. وبالتالي، يضيف، فإن تغطيتهم للتكلفة الإنتاجية سيكون أمرا سهلا، مما سيمكنهم من إنقاذ عجلة الإنتاج السينمائي من التوقف، كما ستستمر عملية إنتاج الأفلام أملا في أن تنتعش السينما من جديد.