صدر حديثا عن دار النسيم للنشر والتوزيع كتاب "مسامرة من وراء المحيط" للكاتب المسرحي والشاعر السوداني عفيف إسماعيل، يروي فيه تجربته كمثقف ومناضل سودانى عانى من اضهاد النظام فى بلاده حتى اضطر للرحيل عنها مرغما. في المقدمة يقول الكاتب د. الشفيع خضر: عَدَّ النظام على "عفيف" أنفاسَه، راقَبَ خطوَهُ، لاحَقَه وضايَقَه في رزقه وحياته الخاصة. لم يَكتَفِ باعتقاله في ليلة زفافه إلى عروسه "نازك"، ظنًّا منه أنه بقتله فرحة ليلة العمر، سيتم اكتمال تدمير "عفيف" الإنسان، بَلَغ الأمر أنْ طلبَت سُلطات الإنقاذ منه أن يَخرج إلى الشارع مُتأبِّطًا قسيمة زواجه حتى يتمشَّى مع زوجته، في المدينة التي تعرفُهُما حيطانُها وأسواقُها وسُكَّانُها، بل ويعرفهما زبانيةُ النظام الذين اختطفوا العريس من عروسه، وسط دهشة وغضب المبتهجين بحفلة العرس، هكذا كانت الإنقاذ ترتعد خوفًا من طاقة «عفيف» الإبداعيّة المنذورة لنشر الوعي وتثوير الآخرين. ترَبَّصُوا بليالي الشعر والمسرح والتلاقي الحرّ، في المنتديات الصغيرة والأندية التي تتشبث بالحياة. مشيرا إلى رحلة الرجل خارج بلاده بقوله: ولَمَّا خَرَج مُحَلّقًا فوق أرض الوطن إلى بلاد المهجر، حَطَّ رِحَالَه في القاهرة التي لم تكن جبلاً أكبر من الخرطوم سيضربُ فيه خيمتَهُ إلى حينٍ ويُغادر، بل انخَرَطَ في أوساط مُبدِعيها من المصريين، واهتَمَّ بأُمور ناسِها من السودانيين، ورغم دفء حضن القاهرة، وترحابها، وحرارة استقبالها للقادمين من السودان؛ المقطوعة أرزاقهم، كانت الحياةُ فيها قاسيةً بدون مصدر دخْل ثابت. ومنذ أن وَطِئت قدَماه أرضَ الكنانة، كان «عفيف» يَخرُج منذ الصباح الباكر بحثًا عن عمل شريف يوفِّر له ما يَسُدّ به رَمَق أسرته الصغيرة. وما إن يُرْخِي المساءُ أسدالَهُ، حتى يتحوَّل تجوالُ البحث عن العمل إلى رحلةٍ جادّةٍ لتنفيذ مشروع إبداعيٍّ جديد، لا تدري متى كان التفكير فيه والتخطيط له، رُبَّما مع إيقاع خطوات البحث عن العمل، ويَهيمُ «عفيف» في ليل القاهرة الجميل مع أوساط المبدعين المصريين والسودانيين. "مُسامَرة من وراء المحيط"، تعكس الأحداثَ العامة والخاصة في تداخُلاتها وتقاطُعاتها، داخل الإنسان، كيف يَتجاوَبُ معها ويصنَعُها في ذات الوقت، فيُصبح ما يُذهِل الآخرين جزءًا يسيرًا من حركته الدائبة نحو الناس والحياة. جدير بالذكر أن عفيف إسماعيل أسَّس في القاهرة "منتدى شموس الثقافي السوداني" في العام 2001، مع مجموعةٍ من الأصدقاء، منهم؛ الفنان النذير السر، وليد الشوَيّة، والموسيقار عاصم الطيب، وماجد وعبد الفتاح عرمان، ونازك عبد الباقي، وسمية قسم، وعبد المنعم الحاج، وغيرهم. الموجز