قوات الجبهة الثورية تنفجر في كردفان،والقوات تقترب من السيطرة على مناطق مركزية والتطور الصاروخي في الأوضاع العسكرية يقود إلى توقع كل الاحتمالات غير المتوقعة في السابق،ما لم يحدث بالأمس فسوف يحدث اليوم،والمفاوضات مع قطاع الشمال تصل إلى طريق مسدود كشيء طبيعي..وكأننا في اتجاه العسكرة المتكاملة للحلول..ثم أنباء عن تعليق السلطة الإقليمية لدارفور مشاركتها في الحكومة أو ما شابه ذلك..أنباء لم تؤكدها أو تنفيها السلطة،تطورات جديدة أخرى تُضاف إلى القاع،والخناق يضيق شيئا شيئا على المركز. الجبهة الثورية التي تجمع حركات دارفور المسلحة وقطاع الشمال،أصبحت الآن واقعا عملياً لابد من التعامل معه..منذ إعلان تحالف كاودا وحتى ميثاق الفجر الجديد الموقع بكمبالا بين الجبهة الثورية وعدد من الأحزاب السياسية،لا زال خطاب الحكومة لم يبارح مكانه،وقد لا تخشى الحكومة أيضا هذه التطورات التي حدثت بأم روابة،ليس طبعاً لاستصغارها التحركات العسكرية للجبهة،لأنها تعلمها أكثر منّا،لكنها أي الحكومة تعودت على المكابرة وتجاوز الأزمات بإدعاء كاذب يفضحها الواقع...ويموت الأبرياء في ذلك دون أقل درجات الحماية والأمن،وبعيداً عن التطور العسكري والأمني،فإن ما يحفل به المشهد السياسي يدلل على انهيار وشيك،الإقصاء يُمارس على كل من نطق تغيير أو إصلاح أو حتى أقر ضمنياً بأن الوضع الحالي لا يتجه نحو الأمان،الإقصاء حتى على أهل الجلد والرأس،الطريق أصبح واحدا والقائد واحدا..ولا يعرف سوى اتجاه واحد،فإن كان بالأمس الحديث عن توافق وطني بين كافة الأحزاب،اليوم الحديث عن اجتماع الحزب الواحد على كلمة سواء،ناهيك أن يتفق في الرؤى مع حزب آخر،وإن كان ذلك يحدث في أحزاب المعارضة،هاهو يحدث داخل الحزب الحاكم الأكثر قوة بالقوة،وهناك فرق كبير باهظ الثمن في أن يحدث انقسام في أحزاب المعارضة أو في الحزب الحاكم في ظل هذه الأوضاع القابلة للانفجار،واشنطن تدعو نافع بشكل شخصي لزيارتها لأجل التباحث حول عدة قضايا ليست بعيدة عن الوضع الراهن،لكن بالمعيار الأمريكي طبعاً،ورغم أن الحزب ونافع يحتفون بهذه الدعوة لحد الفرح،إلا أن نافع نفسه انتقد بشدة دعوة واشنطن لقطاع الشمال عقب توقيع ميثاق كمبالا،ما الجديد،هل دخلت أمريكا الإسلام..؟ الزيارة وتوقيتها يضعان عدد من التصورات لما بعد الزيارة،والوضع مقروء أولاً بالتقدم الذي أُحرز في العلاقات مع دولة جنوب السودان،ومستقبل قطاع الشمال حال استقرت العلاقات مع جوبا،ومقروء كذلك بالمحاولات الحثيثة التي تصر على البشير عدم التنحي حيث أن البلاد ستموت حال غادر الكرسي،وربما ليس بعيداً عن الإقصاء العنيف الذي مورس ضد قيادات رفيعة بالحزب كانت على علاقات مع الولاياتالمتحدة،لكن يبقى أن هناك شيء واحد مُسلم به،وهو أن الولايات لا تفضل إلا من فضلته في السابق ولا زال هو الأفضل بالنسبة لها