كسلا: اشرف فوجي: للمجتمعات الانسانية خصوصيتها ونظامها الغذائي الذي تتميز به عن الآخرين، وحتى في الدولة الواحدة تجد بعض الاختلاف في النمط الغذائي، واحيانا يكون هنالك تباين واضح حتى في الولاية الواحدة، وعلى سبيل المثال فإن مواطني المنطقة المروية بالجزيرة يعتمدون في غذائهم على الذرة البيضاء من عينات طابت وود احمد، بينما يعتمد مواطنو القطاع المطري جنوبالمناقل وشرق الجزيرة على عينة «الفتريتة». والزائر لمناطق شرق السودان يجد تبايناً لافتاً في النمط الغذائي، ومن أبرز مكوناته السلات وهو وجبة شرقاوية المنشأ والأصل، والسلات من أبرز مقومات الغذاء بين البجا الذين يسكنون مناطق شرق السودان، وهو من ابرز وجباتهم على الاطلاق، ويتناولونه حاراً، وكانوا في السابق يتناولونه مع العجوة، غير انهم في السنوات الاخيرة صاروا يأكلونه مع العسل، وقد ادخلت بعض الاضافات في المناطق الحضرية، مثل تحديقه ببعض البهارات من توم وليمون وملح. ولم يعرف البجا بداية الاعتماد على السلات لعدم ممارسة التدوين والتوثيق لمبتدريه القدامى الذين كانوا أميين واهل بادية. ويعود بروز السلات وفقاً للباحثين في غذاء البجا الى ان البجا قوم رعاة ولم يعرفوا ادوات الطهي حتى التقليدية منها، اذ انهم في ترحال دائم بحثاً عن الماء والكلأ، ولذلك كانوا يعمدون الى اعداد السلات وتجفيفه ليستخدموه اثناء ترحالهم المتواصل، اذ كانوا يحملون السلات في اناء جلدي حافظ. ويتم اعداد السلات بوضع كمية من الرمل في اناء كبير كالطشت مثلاً، او رص كمية من الطوب الاحمر في شكل دائري ليحل محل اناء الطشت في حال عدم وجوده، ثم يوضع الفحم على الرمل ويرص، وتوضع الحجارة على الفحم بحيث تتم تغطية كل الفحم، ومن ثم يتم تنظيف المحارة باستخدام الدهون بالمسح المتكرر ليوضع اللحم بعد تخليصه من العظم، وبعد نضجه يتم تقطيعه الى قطع صغيرة توطئة لتقديمه مع طبق آخر يحتوي على العسل وآخر به السلطة مع الشوربة كأشهى وجبة غذائية. والحجر الذي يطهى عليه السلات هو حجر خاص ومميز ويوجد على شواطئ البحار او الانهار، واللحوم التي يصنع منها السلات لحوم مختارة ومستخلصة من اجزاء معينة من الذبائح، ويعتبر الدوش والزند وبيت الكلاوي اكثر انواع اللحوم المفضلة لاعداد السلات، والخراف صغيرة السن التي تعرف ب «البج» هي المفضلة. «الصحافة» التقت ابو علي اكلاب وهو من الباحثين في الموروث الثقافي البجاوي، وموسى عثمان وعلي ابو دقن والمعلم تاج الدين الحاج، حيث اكدوا صحة المعلومات التي اوردتها «الصحافة» وزادوا على ذلك بأم وجبة السلات اسهل الوجبات هضماً واحتمالاً، وان في تناولها علاج لفقدان الشهية، اذ ان رائحتها تساعد في افراز انزيمات الرغبة وعدم الانطفاء السريع. أما خبير اللحوم المخضرم عبد الله ويس الشيخ النويري، فقد أكد ان البجا اميز من يجيد طهي واكل اللحوم بالبلاد، ويذهب صاحب مطعم الفلوجة الشهير بكسلا محمود حوتة الى ان السلات وجبة غذائية متكاملة لا نظير لها، حيث الاستساغة والفائدة الغذائية والطعم. ومن اهم خصائصها ومميزاتها النادرة عدم حاجتها لاية اضافات او مكونات اخرى، اللهم الا على سبيل الابتداع والزيادة، وهذا ما لا يتوفر لأية وجبة اخرى سيما اذا ارادها صحابها حلوة المذاق.