تونس - وصف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس الاثنين قتال مسلحين اسلاميين متطرفين قوات الجيش والامن التونسي بأنه "كفر" و"اعمال ارهابية"، في نقض لتصريحات سابقة أثنى فيها على السلفيين الذين وصفهم بأنهم أبناؤه الذين يذكرونه بشبابه. وقال الغنوشي في تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" التونسية الخاصة "نحيي ابطال الجيش الوطني والشرطة والمجتمع المدني في التصدي لأعمال إرهابية". واضاف "وندعو كل الشباب الاسلامي الى ان يستيقنوا ان قتال المسلم كفر وفسوق وجريمة من اعظم الجرائم". وأضاف الغنوشي "شرطتنا شرطة مسلمة، جيشنا جيش مسلم، مجتمعنا مجتمع مسلم، وهذا الجهاد المدعى هو جهاد في غير مكانه وموجه لغير اهله، ومن اراد ان يجاهد فالجهاد في فلسطين وليس في جبل الشعانبي وليس في القصرين (..) هذه اعمال ضالة مضلة". ويقول عدد من التونسيين إنهم لا يمكنوا ان يصدقوا كلام شيخ النهضة والرجل الأول فيها، ويتهمونه بأنه رجل لا يوثق في تصريحاته لأنه كثيرا ما يضمر عكس ما يقوله في العلن ولوسائل الإعلام. ويرى هؤلاء أن تصريح الغنوشي يدخل في باب الانحناءة للعاصفة ليس إلا لأنه لا يمكن ان يجد الشجاعة ليقول عكس ما صرح به بينما يستشيط الشارع غضبا من الأوضاع التي آلت اليها البلاد من تدهور اقتصادي وامني يحملون فيه حكم النهضة وحلفائها المسؤولية الرئيسية. وكان الغنوشي قد قال في 2012، في محاضرة قدمها في مركز دراسة الإسلام والديمقراطية إن "السلفيين أبناؤنا وهم ثمرة نظام ديكتاتوري كما كانت النهضة ثمرة نظام بورقيبة الاستبدادي" ودعا إلى ضرورة "الحوار معهم واحتضانهم". ويرى عدد من المتابعين للشأن التونسي أن سياسة حكومة النهضة المتواطئة مع المتشددين هي التي شجعت على نمو الإرهاب ودفعته للتجرؤ على سيادة الدولة التونسية. وتواجه قوات من الجيش والامن التونسي منذ ايام مجموعة اسلامية متطرفة متحصنة في منطقة جبل الشعانبي اعلى قمة في تونس (1544 مترا) بولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائر. واصيب الاثنين جنديان احدهما بترت ساقه والآخر تضررت عينه، في انفجار لغم ارضي رابع زرعته العناصر المسلحة في جبل الشعانبي. والاسبوع الماضي اصيب 15 بين جنود وعناصر في جهاز الحرس الوطني، بينهم اثنان بترت أرجلهما وآخر اصيب بالعمى، في انفجار ثلاثة الغام بالجبل نفسه بحسب وزارة الدفاع التونسية. وفي العاشر من كانون الاول/ديسمبر 2012، قتلت مجموعة جهادية مسلحة رجل أمن بقرية درناية من معتمدية فريانة الجبلية بولاية القصرين ثم تحصنت بجبل الشعانبي الذي يمسح حوالي 100 كلم مربع. وأعلن وزير الداخلية السابق علي العريض في 21 كانون الاول/ديسمبر 2012 ان المجموعة التي اطلقت على نفسها اسم "كتيبة عقبة بن نافع" تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وانها سعت الى اقامة "معسكر" في جبال القصرين القريبة من الحدود الجزائرية. وقال العريض وقتئذ في مؤتمر صحافي ان اغلب عناصر المجموعة من ولاية القصرين وانه "يشرف على تدريبهم ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع امير القاعدة في المغرب الاسلامي أبو مصعب عبد الودود". واضاف ان المجموعة سعت الى تكوين تنظيم في تونس تابع للقاعدة "الغاية منه القيام بأعمال تخريبية (في تونس) تحت عنوان الجهاد او احياء الجهاد وفرض الشريعة الاسلامية (..) واستقطاب عناصر شبابية متبنية للفكر (الديني) المتشدد لتدريبها عقائديا وعسكريا (..) وارسالها للتدرب في معسكرات تابعة للقاعدة في ليبيا والجزائر". وفي 13 شباط/فبراير الماضي، نبهت "مجموعة الازمات الدولية" غير الحكومية في تقرير بعنوان "تونس:العنف والتحدي السلفي" الى انه "ينبغي أن تقدم تونس أجوبة اجتماعية وأيديولوجية وسياسية مختلفة على (...) التهديد (السلفي) الجهادي" في البلاد.