الخرطوم - صباح أحمد: دافع القيادي الإسلامي الدكتور الحاج آدم يوسف عن تخليه عن حزب المؤتمر الشعبي وانضمامه إلى حزب المؤتمر الوطني وأقسم بالله ان قادة الحزب الحاكم الذين حاوروه نحو عامين لم يعرضوا عليه منصبا أو مالا. وقال الحاج آدم في حوار مع «الصحافة» ينشر لاحقا إنه وجد اتفاقا في كثير من مواقفه ورؤاه مع قيادات المؤتمر الوطني الذين حاوروه ولمس فيهم جدية لمساندة قضايا الوحدة والسلام،ووجد نفسه ملزم شرعا بوضع يديه مع أيديهم وتناسي الخلافات السابقة والعمل بصدق لمصلحة البلاد،ودعا القيادات السياسية بكافة انتماءاتهم إلى تجاوز المرارات لتأمين الوحدة. وأوضح يوسف انه لم يشاور أحدا من قيادات المؤتمر الشعبي في موقفه، وقال انهم كانوا يتفرجون في ما يجري والبلاد تمور بالأحداث والتطورات،مؤكدا أن من حقه تنظيميا أن يدعو إلى قناعاته حتى في داخل المؤتمر الشعبي، لافتا إلى انه لا يرى حرجا في موقفه لأنه لم يكن هناك شيء تحت الأرض أو من وراء ستار. واقسم يوسف بالله انه طوال حواره مع قيادات المؤتمر الوطني لم يعرضوا عليه مالا أو منصبا ،واعتبر موقفه بالانضمام إلى المؤتمر الوطني طبيعيا وقال ان المؤتمر الشعبي ينبغي ألا ينتقد موقفه السياسي لأنه لم يفعل أمرا خاطئا ، ورأى أن المرفوض هو الخيانة أو عقد اتفاقيات سياسية سرية، وتابع»وهذا لم يحدث». وأضاف انه تلقى اتصالات من قيادات وعناصر في المؤتمر الشعبي ذكروا له انه كان ينبغي أن يبلغهم بموقفه الأخير قبل إعلانه حتى يتخذوا ذات الخطوة لو اقتنعوا بطرحه ورؤاه وتوقع أن يلتحق به آخرون، مشيرا إلى انه سيطلع قواعد إسلامية على موقفه ولن يستثني حتى المؤتمر الشعبي. الحاج آدم.... الهجرة إلى( السلطة) هل تضمد جراح الشعب ؟ تقرير : الزين عثمان: في الوقت الذي يستعد فيه الناس في السودان لاستقبال عيد الاضحية خلع الدكتور الحاج آدم عنه جلد المؤتمر الشعبي مرتديا عباءة الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، في مشهد تعددت صورته بعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في العام 1999 وسيادة نمط علاقات العداء بين الجانبين الذي حمل الحاج آدم لواءه لسنوات ممتدة. قبل ان تحمل صحف الأمس في عناوينها انتقال أمين أمانة الأقاليم المتأزمة بالمؤتمر الشعبي ووقوفه أمام رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير معلنا انحيازه لقضايا الوطن ودعم وحدة السودان والجهود المبذولة لاستكمال سلام دارفور، ومؤكدا التزامه بالخط الوطني للدولة وأعرب عن تقديره للجهود التي تبذلها الحكومة والمؤتمر الوطني للحفاظ على وحدة السودان واستكمال سلام دارفور ، وقال إن التحديات التي تواجه السودان تتطلب توحيد الصف وأعلن د. الحاج آدم يوسف أن انحيازه لخيار السلام والوحدة جاء نتيجة لاحتياج البلاد لجهود أبنائها في هذا الظرف ، تلك الخطوة كانت الفصل الاخير لحكاية الدكتور المنحدرة اصوله من اقليم دارفور المشتعل غرب البلاد وامتدادا لحكاوي اخرى رسم فصولها في علاقته مع المؤتمر الوطني، ففي اكتوبر من العام 2003م عممت الأجهزة الأمنية نشرة أمنية بالقبض عليه،حيث اضحت صورته ضمن آخرين ، تطل يومياً لمتصفحي الصحف اليومية بالخرطوم في شكل اعلان بالقبض عليهم والارشاد بهم، بعد ان أعلنت الاجهزة الأمنيه انه المسئول الاول عن المحاولة التخريبية الأولى، قبل ان يطل عبر مؤتمر صحفي من العاصمة الاريترية اسمرا يعلن فيها براءته وحزبه وقتها «المؤتمر الشعبي» من تهمة المحاولة التخريبية، ويعلن انه سيواصل الاطاحة بما أسماه ب»العصابة الحاكمة في السودان» ووصف السودان بأنه بات «سجنا كبيرا» بفعل سياسات النظام الحاكم. قبل ان تقضي في منتصف مايو من العام 2005م، محكمة خاصة في الخرطوم بسجن 28 من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي، ما بين 5 إلى 15 عاما، وذلك بعد إدانتهم بالتخطيط والمشاركة في محاولة انقلابية، وبرأت المحكمة 24 من المتهمين حضورياً أبرزهم القيادي الناشط في الشعبي الناجي عبد الله، كما برأت غيابياً 9 أبرزهم الدكتور الحاج آدم يوسف وزير الزراعة السابق ومسؤول المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم، ليعود بعدها الحاج آدم يوسف من منفاه في اريتريا الى السودان ليمارس نشاطه السياسي ضمن صفوف حزب المؤتمر الشعبي، حتى الانتخابات الاخيرة التي جرت في ابريل الماضي عندما تم ترشيحه من قبل حزبه مرشحاً لمنصب الوالي بولاية جنوب دارفور منافساً لمرشح المؤتمر الوطني عبد الحميد موسى كاشا. «المحاولة التخريبية الأولى» التي اتهم الحاج آدم يوسف بأنه العقل المدبر لها، اتخذ منها زميله في الحزب الاستاذ محمد الحسن الأمين، مبررا ساقه لمغادرة صفوف المؤتمر الشعبي بلا رجعة والتيمم شطر المؤتمر الوطني عبر بيان خطه اعلن فيه تجميد عضويته ونشاطه بالمؤتمر الشعبي، بقوله ( بعد الاحداث الاخيرة التى تبينت فيها تدبيرا يتم لعمل عسكرى لم يجزه التنظيم فى اى من اجهزته ويجهله الكثيرون من اعضاء القيادة بعد ان قرروا سلفا عدم اتباع اى طريق للعنف او اراقة الدماء سبيلا للمعارضة ) واضاف فاننى أتبرأ الى الله سبحانه وتعالى من ذلك، واوقف نشاطى فى المؤتمر الشعبى التزاما بالحفاظ على حياض الدين ووحدة الوطن دون انتمائى لاى جهة اخرى ) إلى جانب احد قيادات دارفور من المؤتمر الشعبي، ومسؤول ملف الأقاليم المتأزمة بالحزب، نافس مرشح المؤتمر الوطني لمنصب والي جنوب دارفور، وشغل في «عشرية الانقاذ الاولى» منصب وزير الزراعة بالولاية الشمالية، ثم والي الولاية الشمالية، ثم انتقل والياً لجنوب دارفور، ثم وزيراً اتحادياً للزراعة والغابات، قبل مفاصلة الإنقاذ الشهيرة في رمضان 1999م، والتي قسمت الحزب الحاكم إلى وطني وشعبي، بعدها تم اعتقاله عدة مرات ومطاردته،، والآن هو رئيس قسم الهندسة الزراعية بكلية الهندسة جامعة الخرطوم. ولم تقف هجرة كوادر»الشعبي» الى «الوطني» عند محمد الحسن الامين والحاج آدم العائد لتوه، فقد سبقهما إليه دكتور بدر الدين طه في منتصف العام 2009م بذات المبررات والدواعي، ولكن المقام لم يطب له كما حدث لصاحبه محمد الحسن الامين الذي شغل منصب نائب رئيس المجلس الوطني حتى قبيل الانتخابات الأخيره، فقد غادر بدر الدين طه الحزب غاضباً مع بدء ترشيحات المؤتمر الوطني لكوادره لخوض انتخابات ابريل الماضية، ليعلن الرجل مغادرته للمؤتمر الوطني بعد أن لعنه ووصفه بالشمولي في قراراته ليخوض غمار الانتخابات مستقلا لمنصب والي ولاية الخرطوم. موسم الهجرة الى المؤتمر الوطني صارت واحدة من ملامح السياسة السودانية وظاهرة يرى فيها الدكتور اسامة زين العابدين استاذ العلوم السياسية بانها ظاهرة توجد وبشكل كثيف في دول العالم الثالث واسماها رحلة الهجرة الى (السلطة) وهي عمل يبدو منطقياً في ظل عدم وجود اللوائح التنظيمية التي تجرمه الا ان الجوانب الاخلاقية يتم النظر اليها في اتجاهات اخرى، ووصف عملية الانسلاخات في الاحزاب السياسية السودانية بانها عملية انتقال مما اسماه المناطق الطاردة الى المناطق الجاذبة والتي حصرها زين العابدين في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فيما يسميه بجاذبية السلطة ويضيف ان معظم الانسلاخات تبدو السلطة هي المحور المحرك لها لغياب آليات الضبط الحزبي في كثير من احزابنا السياسية والسلطة تدفع بالكثيرين للانتقال ليس في عهد الانقاذ فحسب وصراع الشيوعيين في الفترة المايوية يؤكد على هذه الفرضية خصوصا ان السلطة توفر عبر ادواتها وسائل التعيين والتوظيف لمنسوبيها وهي ما يجعل معظم افراد النخبة السياسية في اتخاذ هذا السبيل .اسامة قدم تحليلاً عاماً للظاهرة في الوقت الذي رأى الدكتور والقيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي الذي حلل في اطار الخصوصية المتعلقة بانتقال الحاج آدم للمؤتمر الوطني والذي رأى فيها مؤشرا على ضيق حيز الاختلاف حول القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الوطنية في ظل اقتراب خيار الاستفتاء باعتبارها من القضايا الجوهرية التي يجب الاتفاق حولها ،ووصف العودة بانها تعبر عن عودة للاصول تم فيها تجاوز الخلافات الثانوية من اجل الوطنية وهو ما يرى فيه تعبيراً عن وطنية الحاج آدم ومصداقيته تجاه القضايا الوطنية ووصف العودة بانها تمثل اختراقاً كبيراً في سبيل الوصول لسلام دارفور وان وجود الحاج آدم في صف السلام من شأنه ان يصنع تأثيرات كبيرة على الاوضاع وذلك من خلاله ثقله النوعي في المنطقة واتفاق الناس حوله ستكون لها ابعادها الايجابية. ويرى عبد العاطي في انضمام الحاج آدم للمؤتمر الوطني نقطة تحول تعبر عن طبيعة الاوضاع السائدة في المؤتمر الشعبي وعدم وضوح الرؤية الفكرية وضبابية المواقف فيما يتعلق بالقضايا الوطنية وهوما يعني حدوث متغيرات كبيرة في اروقة الحزب وقال ان ظاهرة الهجرة ستستمر ولن تقف عند محطة آدم بل سيلحق به الكثيرون في هذا الطريق خصوصا في ظل وجود التوترات الكبيرة في داخله، ولن يتوقف الامر على العضوية فحسب فحتى رؤية الناس للحزب ستتغير في اتجاهات سلبية خصوصا بعد انسلاخ عدد كبير من الكوادر الفاعلة والمؤثرة منه واضاف ان الامر يصب في اتجاه استراتيجية سلام دارفور والتي تمضي الى الامام الآن وبخطىً متسارعة ، الا ان القيادي بالمؤتمر الشعبي ابراهيم السنوسي رفض ما طرحه المؤتمر الوطني وقلل من تداعيات هجرة الحاج الى المؤتمر الوطني وذلك من خلال اتصال هاتفي بالصحافة اكد فيه على تماسك حزبه انطلاقا من المبادئ التي ينطلق منها وهي مبادئ الاسلام القائمة على اساس الشورى واحترام حق التعبير فللكل حق التأييد وحق عدمه وللكل الحرية فمن شاء فليبق ومن شاء فليذهب غير مأسوف عليه ونحن لسنا بحزينين على ذهاب الاخ آدم فربما يمنحنا الله بمن هو ابرك منه واكثر صبرا وربما يجد هو البركة حيث ذهب وهو قال انه كان في المؤتمر الوطني منه ذهب واليه عاد ونحن نقول بركة الله و مسيرة المؤتمر الشعبي ستمضي ولن تقف بذهابه، وسخر من الدعوة القائلة بان ذهاب الحاج سيضع حلولا لازمة دارفور وقال ان الازمة اكبر من بقاء احد او ذهابه الى المؤتمر الوطني وتساءل ماذا فعل من سبقوه واضاف ان المؤتمر الشعبي لم يخسر ودارفور لن تكسب فوجود الحاج آدم لن يغير استراتيجية الحكومة في التعامل مع الازمات وبدارفور تحديدا وقال اشك في ايجاد الحل ليس بسبب ذهاب الحاج آدم ولكن بسبب بقاء المؤتمر الوطني .وقال ان كان انسلاخ احد من الشعبي سيحل الازمة فنحن غدا سنلحق به فإن هدفنا هو توفير مقومات السلام في الوطن ومعها الوحدة وحل قضية دارفور التي لم يقدم لها احد بقدر ما قدم المؤتمر الشعبي، واشار السنوسي لتجاوز حزبه لانسلاخ الحاج الذي صار عندهم الآن تاريخا وانهم يسعون لايجاد المعالجات للقضايا الوطنية في اطار الشورى التي ينتهجوها . وقال ان الذين يتحدثون عن اختلافات في المؤتمر الشعبي يحلمون فقط وقال ان الانسلاخ لن يقود لانسلاخات اخرى في التنظيم ومن اراد ان يلحق به فالباب مفتوح على مصراعيه واضاف ان ازمة دارفور الآن في اعلى درجات عنفوانها ونذر الحرب تلوح في الافق يرفع لواءها الآن من اتفقوا مع المؤتمر الوطني نفسه وليست الحركات الاخرى غير الموقعة ووصف ما يحدث الآن فقط بانه زوبعة اعلامية الغرض منها شغل الناس عن ما يحدث في دارفور ليس الا وخوف من تداعيات الاستفتاء وقال ان الامر كله محاولة لصبغ الوان جديدة في جبة النظام المهترئة. وقال انهم مستعدون جميعا للذهاب الى المؤتمر الوطني ان كان يسعى لتغيير حقيقي ولمعالجة المشاكل التي تحيط بالبلاد وحل مشكلة دارفور والحفاظ على وحدة الوطن ونشر قيم العدل والحرية والديمقراطية فهل للنظام القدرة على ذلك ؟ لا اظن . تساؤل السنوسي الذي وضع له إجابة لم يجب على اسئلة اخرى تمور بها الساحة السياسية السودانية مثل الى أي مدى ستستمر سياسة الانسلاخ والانضمام في الاحزاب السياسية وهل يساهم انسلاخ الحاج آدم من الشعبي وانضمامه للوطني في معالجة مشاكل الشعب في دارفور وأزمات الوطن باتجاهاته المتعددة.