() رحلة المعاناة والالم بين شلاتين وكريمة () المعاملة القاسية من الجانب المصري () غياب تام لسفارتنا في القاهرة!! () لابد من قيام ميناء جاف وفتح مطار مروي للشحن الجوي!! أجراه / حسن وراق المدن كالكائنات الحية تخضع لدولاب تطور ابن خلدون و تمر بالعديد من مراحل الازدهار والتطور وبعضها يصاب بالضعف والتردي والانهيار و منها ما يستعيد موقعه ومنها ما يموت و ينزوي وبعضها يتوقف نمؤه والأمثلة في تاريخ السودان حية كما هو الحال في مدينة اربجي التي ما تزال آثارها شاهدة علي حضارة سادت ثم بادت بفعل الحروب و مدينة المسلمية التي كانت اكبر المراكز الادارية والتجارية في السودان قبل قيام مشروع الجزيرة الذي انشأ مركز تجاري واداري بديل في الحصاحيصا ، مدينة ابوعشر الاقدم في المنطقة كما جاء في طبقات ودضيف الله توقف نمؤها و لم تراوح مكانها كمدينة ريفية . . مدينة كريمة حاضرة محافظة مروي ارتبطت تاريخيا بخط سكة حديد منحني النيل الذي شكل ثورة في حركة نقل البضائع والركاب وعرفت كريمة أيضاً بأنها من اكبر المواني النهرية المشهورة بوجود اكبر عدد من البواخر النيلية التي تصل حتي دنقلا. كل هذه البنيات التحتية في النقل أسهمت في تفجير الطاقات الاقتصادية الكامنة في المنطقة بقيام اول مصنعين في السودان لتعليب الخضر والفاكهة و آخر لتبخير وحفظ التمور كل ذلك اوجد فرص عمل ثابتة و موسمية لسكان المنطقة وخلق قيمة مضافة للكثير من السلع الزراعية و اثر بشكل فعال في مستوي معيشة المواطنين هنالك . في العقدين الماضيين تأثرت مدينة كريمة سلبا بالمتغيرات الاقتصادية جراء تدهور وانهيار السكة حديد و توقف حركة النقل النهري و مصنعي الخضر والتمور وبدأت الحركة التجارية تعتمد فقط علي موسم البلح لتفقد المدينة كل مقومات الازدهار حتي ظهر الامل في الالفية الثانية مع امتداد الطريق البري لشريان الشمال وقيام كبري كريمة مروي الذي سهل عملية انسياب حركة النقل والمواصلات وقيام سد مروي الذي وفر الطاقة الكهربائية خلق فرص عمل جديدة وعمالة وافدة علي المنطقة. كل ذلك من متغيرات في البنيات التحتية من قيام طرق وكباري وسدود لا يقارن بالطفرة الكبري التي عكستها البنية الفوقية بقيام محطة الجمارك الحدودية بمدينة كريمة . الغرض الاساسي من قيام تلك المحطة لم يك بدافع ترقية الإيرادات للخزينة العامة في المقام الاول بقدر ما كان في تقديم خدمة توفير السلع الغذائية والضرورية لمواطني المنطقة التي تقع حدودها مع جمهورية مصر باسعار تنافس تلك التي تجلب من الخرطوم . العمل الفعلي لهذه المحطة بدأ قبل عشرة اعوام وتحديدا في التاسع من شهر يونيو 2003 وتقوم المحطة بتخليص السلع الواصلة من منطقة شلاتين (المصرية) وكانت الطاقة القصوي بدايةً في حدود 40 شاحنة كبيرة في الشهر التي تعرف ب (زد – واي) ZY حمولة 30 طن هكذا ابتدر حديثه علي الحاج المعروف ب (علي البركل ) أحد وكلاء الترحيل في المحطة والذي تجمع حوله عدد من سائقي تلك الشاحنات وهم يحكون بكل الم عن معاناتهم في الطريق من كريمة والي شلاتين حيث تستغرق الرحلة ذهابا حولي 4 ايام وايابا 6ايام . يقول السائق احمد علي أحمدون انه يعمل في هذا الطريق لاكثر من 12 عاما والطريق يبلغ طوله اكثر من 3الف كيلومتر لا توجد به أي خدمات او علامات ولا أي شكل اسعافي وتنعدم فيه المياه والشاحنة الواحدة تحتاج لثلاثة براميل مياه للشرب الي جانب 14 برميل جاز ذهابا فقط وانهم في الطريق يتوقفون في اليوم لقرابة 6 ساعات للاكل والراحة تحت ظل الشاحنة في منطقة لا توجد بها اشجار او ظلال ويقومون بمعدل رحلة واحدة في الشهر مقابل الف جنيه يواجهون فيها اصناف من العذاب غبار وسيول وعقارب وثعابين ووحشة الطريق وفي حالة حدوث اعطال لا تأتي النجدة الا خلال اسبوع . السائق عثمان محجوب ابوالدنقل والذي يعمل لاكثر من 15 عاما في هذا الطريق تحدث بمرارة عن معاملة الجانب المصري الذي يقوم بسحب اللوحات السودانية مقابل مهلة 8 ايام لتخليص اجراءات الشحن والجمرك الا أن هنالك يومان ونصف تضيع بسبب الروتين والبيروقراطية المتعمدة بغية توقيع عقوبات لا طاقة لنا بها ولا يوجد مسئول من السفارة السودانية او الملحقية التجارية يتابع مشاكل الجانب السوداني ويعمل علي تذليلها علما بأننا نعمل المستحيل من تقديم الاكل والشرب الذي نحمله كزوادة واشياء اخري للجانب المصري ولكن بلا فائدة . هنالك أمر هام يتعلق بالجانب المصري علي حسب الضوابط فانهم يعطون الساقين السودانيين مهلة سته اشهر كحد اقصي للدخول والخروج من و الي شلاتين وفي حالة تجاوز الفترة لاي سبب يحظر السائق من دخول منطقة شلاتين هذا ما جاء علي لسان السائق ابوبكر عثمان الذي حرمته السلطات المصرية من دخول شلاتين لتجاوزه فترة الستة اشهر. الجانب المصري يلزم الشاحنات السودانية ان تأتي محملة باي اصناف وكميات من البضائع السودانية ويضيف ان سلطات البحر الاحمر تفرض جباية مبلغ 1250 جنيه علي كل عربة (500 في الدخول و 750 عند الخروج) برسم خدمات لا وجود لها.ديوان الزكاة هو الآخر يضاعف من معانات السائقين بفرض زكاة عروض تجارة علي كل عربة بمبلغ 200 جنيه يتحملها السائق وحده الذي تنقل عربته بضائع لعدد من التجار الذين لا يدفعون نصيبهم من زكاة العروض للسائق. يوجد بمحطة جمارك كريمة حوالي 25 رخصة تخليص توفر فرص عمل لاكثر من 50 شخص يعملون في مجال تخليص البضائع هكذا بدأ حديثه الاستاذ محمد عثمان يوسف (ود الباشري) خريج اقتصاد جامعة الخرطوم1976 وعمل لعقدين بجمارك السودان وهو يمارس التخليص بمحطة جمارك كريمة موضحا ان البضائع الواصلة من شلاتين عبارة عن مدخلات انتاج وصناعات بلاستيكية والمونيوم وملبوسات واحذية بالاضافة الي الاجهزة الكهربائية. الطاقة القصوي للتخليص تتراوح بين 5 الي 6 شاحنات في اليوم ويبلغ حجم التداول النقدي لمقابلة اجراءت التخليص حوالي 40 مليون جنيه تدور يوميا في سوق كريمة . هذا التداول النقدي ياتي ريعه علي المواطنين من حدوث حراك داخلي في سوق كريمة وانعاش الحركة التجارية و زيادة القوة الشرائية ويظهر بوضوح عند حالة الكساد الذي يضرب المنطقة حال توقف المحطة والتي تستوعب اكثرب من 300 من عمال النقل والتفريغ بالاضافة الي ان حمولة الشاحنات الكبيرة يتم توزيعها بعد التخليص الي 3 شاحنات صغيرة (دفارات). من معوقات العمل الجمركي تلعب الولاية دورا سلبيا وذلك بعدم اهتمامها بمحطة جمارك كريمة حتي تصبح جاذبة للموردين والعاملين بالجمارك وذلك بتوفير خدمات فندقية مريحة ووسائل راحة من منتزهات و متنفسات اذ أن محطة كريمة ما تزال تعرف بمنطقة شدة . الطريق من مفرق ابوحمد وحتي كريمة طوله 170 كيلو الا أن الشاحنات تقطعه في مسيرة يومين مما يؤثر في ارتفاع تكلفة النولون الذي يؤثر في تقييم البضائع ، تعبيد او سفلتت الطريق سيقلل من قيمة النولون واهدار الوقت. هنالك مشاكل تتطلب تعاون الولاية مع المركز وذلك لتقليص الظل الاداري وتسهيل الاجراءات في ما يتعلق بتجارة الحدود وتوفير مستندات الجمارك من سجل المصدرين والمستوردين وفورم IM والاجراءات البنكية المتعلقة بالعمل الجمركي وتجارة الحدود والتي لابد من تحل داخل نطاق المناطق الحدودية .البضائع الواصلة من شلاتين يتم تخليصها في 4 مناطق ، ابوحمد ، العابدية ، دنقلا وكريمة يخلق تنافس حاد بين تلك المحطات لجذب الموردين بتسهيل الاجراءات والتحفيز والتقييم الجمركي المرن . محطة جمارك كريمة تتبع احدث انظمة التعامل الجمركي والذي يعرف ب ( اسكودا وورلد) وهو نظام حوسبة يسهل الاجراءات الجمركية في الوقت الذي لا تعمل به محطة جمارك دنقلا التي تتعامل يدويا وبصورة قد تتسلل منها ممارسات تحرم الخزينة من موارد مالية توفرها محطة كريمة وهذا التفاوت في العمل الجمركي سوف يؤثر علي عمل محطة كريمة عند قيام الطريق البري الذي يربط السودان بمصر عبر معبر اشكيت وارقين مما يتطلب توحيد الغمل الجمركي بين كل المحطات حتي لا تتميز محطة علي الاخري. محطة جمارك كريمة مهددة بالتراجع بنسبة 30% عند قيام طريق اشكيت ارقين المعبد واي تراجع لمحطة جمارك كريمة سيخلق حالة من التردي الاقتصادي و ركود الحركة التجارية وضياع فرص العمل الامر الذي يتطلب تحرك الجهات الشعبية والرسمية باستصدار قرار بتحويل محطة جمارك كريمة الي ميناء جاف يسمح بتخليص الحاويات التي تأتي من مصر علما بأن ذلك سوف يقفز بايرادات المحطة الي اكثر من 100% وهنالك قضية جوهرية تتطلب اعادة النظر في امر مطار مروي الذي تعطلت حركة طائرات الركاب فيه نظرا لقيام طريق شريان الشمال وتحويله الي مطار للشحن الجوي سيما وان المنطقة غنية بسلع الصادر المتمثلة في الفواكه والخضر الطازجة وامكانية تطوير صادرات اللحوم والدواجن وخلافه . السئوال الذي يفرض نفسه ، لمصلحة من يعطل الطيران المدني امكانيات مطار مروي للقيام بمهامه في الشحن الجوي لداخل وخارج البلاد ؟ علي السلطات المحلية في الولاية و المحلية الارتفاع لمستوي المسئولية والاهتمام بامر محطة كريمة الجمركية قبل ان تنهار وتلحق بالنقل النهري .