□ المرأة في السودان تعاني من تعقيدات المجتمع السوداني (المحافظ) في جميع دور العمل حيث يرى البعض أن عمل المرأة في الأساس (عيب) وغير (مهضوم) ومكانها المنزل وخلف موقد الطبخ وبجوار غسل الأواني وبالقرب من المكنسة والمسّاحة ومتابعة الأبناء. □ ورغم تلك التعقيدات حققت المرأة السودانية عديداً من النجاحات والتميّز الأكاديمي وسطع اسمها في العديد من المجالات بل شكّلت حضوراً إدارياً مميزاً على كافة الأصعدة السياسية والدينية والإعلامية والتعليمية والطبية. □ (تمشي تشتغلي وسط الرجال) عبارة يرددها الكثير من العائلين في إشارة واضحة للرفض الصريح لتواجد المرأة وظيفياً في بيئة تحظى بالكثير من العناصر الرجالية مقابل عدد ضئيل من التواجد النسائي. □ هذا الفهم تحوّل وتبدّل مع الظروف الاقتصادية المعقّدة بالبلاد فباتت المرأة (المنتجة) أي التي تحظى بوظيفة وتتحصّل على راتب شهري هى حلم غالبية الرجال المقبلين على الزواج حتى يتحقق مبدأ المشاركة في الهموم المعيشية. □ المهم، ليس غريباً أن تدرّب إحدى السيدات فريق كرة قدم (نسائية) ولكن الظاهرة الأغرب والأكثر مفاجأة هى وجود امرأة على رأس الإدارة الفنية لفريق كرة قدم رجالي. □ سلمى الماجدي (ظاهرة) تستحق التوقف والحديث عنها فكرة القدم النسائية على وجه الخصوص تجد انتقاداً واسعاً على مستوى السودان فما بالك بمديرة فنية تفود فريق كرة قدم (للرجال) وتحقق معه النجاح تلو الآخر حتى أضحى على أعتاب الظهور في بطولة الدوري الممتاز لأول مرة في تاريخه. □ هذا العمل صعب للغاية وتلك النجاحات لا تعكس سوى وجود تعامل (مثالي ومحترم) بين لاعبين وامرأة تقودهم فنياً وتوزّع لهم التعليمات وتشرح لهم الخطط وما عليهم سوى التنفيذ. □ شخصياً أجد أن هناك دوافع (نفسية) لدى اللاعبين في المقام الأول بالانصياع التام لتعليمات المرأة لأن سيكولوجية الرجل (للغالبية العظمى) تنصاع لما يطلبه النساء غير اللاتي يرتبطن معهم بارتباط عائلي كالزوجة أو الأخت أو العمة …. إلخ. □ سلمى الماجدي قبل حصولها على الرخصة التدريبية (سي) من الاتحاد السوداني لكرة القدم والكاف تحصّلت على دبلوم الدراسات التجارية من كلية النصر التقنية تخصص (محاسبة مالية)، ودبلوم في (الإعلام)، ودبلوم في (علوم الحاسوب) ودبلوم في (الموسيقى). □ وهذا الزخم الأكاديمي في حد ذاته يعبّر عن عقلية (كولاجية) اجتمعت في شخصية سلمى الماجدي ظاهرة التدريب في السودان. □ فريق النهضة ربك الذي تقوده سلمى الماجدي ظل يحقق الانتصار تلو الآخر في بطولة الدوري العام المؤهّل للدوري الممتاز حتى وصل للمرحلة الأخيرة التي نال فيها حتى الآن (4) نقاط من مباراتين وتبقت له (4) مباريات منها لقاءان بربك وتحقيق الفوز فيهما سيمنحه بطاقة الوصول للممتاز مباشرة. □ الفكرة في حد ذاتها مثيرة للغاية ومدى قبولها صعب جداً بالنسبة للمجتمع السوداني لأننا لا نثق في قدرات غالبية المدربين الوطنيين وننتقدهم بشدة فما بالك عندما تجد أحد الفرق الكروية تقوده امرأة تدريبياً. □ فإذا كانت فرنسا بكل انفتاحها الثقافي وعدم حيائها الغربي أثار خبر تعيين أول مدربة لكرة القدم لإحدى أندية الدرجة الثانية جدلاً كثيفاً بوسائل الإعلام الفرنسية فما بالك في مجتمع مسلم. □ (هيلينا كوستا) أول مدربة لفريق كرة قدم رجالي بفرنسا وهو نادي (كليرومونت فوت) والذي ينشط في دوري الدرجة الثانية. □ دعونا نساير التجربة من زاوية تحدٍّ في المقام الأول وهدف تم تحقيقه فالماجدي كانت ترافق شقيقها عندما يذهب للتدريب في فريق البراعم وهى في ربيعها الحادي عشر وكانت تقلّد كل ما يقوم به مدرب شقيقها بالمنزل. □ وهذا يعني أنها عشقت التدريب منذ الصغر ووضعته حلماً يصعب مناله، ولكنها في النهاية حققت فيه نجاحاً مهولاً حتى دون اسمها ضمن قائمة (المائة) لأفضل امرأة في العالم وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية. □ حاجة أخيرة كده :: التحية لسلمى الماجدي ولتجربتها المثيرة.