أوضحت في الحلقة السابقة أن ثورة التغيير التي غيرت خارطة الرياضة مع مطلع الثمانينات أصبحت قضية استقطاب للأصوات وأنها المحرك الرئيس للاتحاد العام للكرة لدرجة أن اللوائح الدولية والقواعد التي تحكم الرياضة لم تسلم من أن تصبح من أدوات الاستقطاب وأوضحت كيف أن الاتحاد توجه بكل خبرات صديقي اللدود سابقاً والودود حالياً لاستغلال الجفوة بين الأقاليم والخرطوم التي يعتبرها المهدد الوحيد لبسط سيطرته على الاتحاد وذلك بتطويع اللوائح والقواعد العامة لخدمة هذا الهدف حتى لو كان ذلك مخالفاً للوائح الدولية وقد أوردت في المقالة السابقة بعض هذه السلوكيات وأواصل اليوم تناول هذه السلوكيات: 1- في خطوة لم تكن تخطر بخيال أبرع كاتب مسرحي أقدم الاتحاد على إصدار قرار يخرج عن واحدة من القواعد الثابتة في إدارة التنافس الرياضي وعدالته كما أمنت عليها القواعد الفنية للعبة والتي تصدر عن أعلى جهة رياضية تتمثل في المجلس الأعلى للرياضة عالمياً والذي لا تملك الفيفا نفسها أن تمس شعرة من موجهاته ولوائحه المنظمة للعبة بما عرف بالقانون الفني للعبة حيث أن الفيفا ليست إلا واحد من أربعة أعضاء في المحلس الأعلى للرياضة والتي يقف على رأسها أن منافسات الدوري يتصدرها النادي الأعلى نقاطاً ويهبط منه النادي الأقل نقاطاً ولكن صديقي وفي سبيل تأمين مصالحه الانتخابية في الأقاليم قرر أن يأتي ببدعة عير مسبوقة ومخالفة للوائح والقواعد المنظمة للتنافس عندما قرر أن يستثني الفريق الأقل نقاطاً من الهبوط إذا كان النادي من أندية الأقاليم ليهبط بديلاً له النادي الأقل نقاطاً من أندية الخرطوم إذا كان عدد أندية الخرطوم في الدرجة الممتازة يزيد عن خمسة أندية ومعنى ذلك أن يهبط صاحب المركز السادس في الدورى إذا كان من أندية الخرطوم ليهبط بدلاً عن النادي الذي يأتي ترتيبه في آخر الدوري في المركز الثانة عشر إذا كان من أندية الولايات. تعديل لا يصدقه العقل لم يسبق الاتحاد عليه أحد ولن يشهد التاريخ حدثاً مثله ولم يكن من دافع لهذا القرار غير كسب الولايات على حساب الخرطوم والتي كانت ممثلة بعدد أكبر في الدرجة الممتازة والغريب في هذا القرار بالرغم من أنه قصد به كسب ود الولايات الا أنه من ناحية فنية لا يصب لصالح هذه الأندية لأنه يقتل فيها روح التنافس ما دام القرار يوفر لأندية الولايات الحماية من الهبوط ما دام هناك ضحية تنقذه من الهبوط من أندية الخرطوم مهما بلغ الفارق بينهما في النقاط. كان من الطبيعي أن تواجه أندية الخرطوم عبر اتحادها هذا القرار بكل قوة وعنف ولأن القرار كان هشاً مخالفاً لكل النظم الرياضية المحلية والدولية كان من الطبيعي ألا يصمد القرار وأن يلغى في نهاية الأمر بقرار من الوزير بعد معركة كبيرة تفجرت بين مسجل الهيئات الرياضية الأستاذ عصام عطا وبين صديقي الودود وهو الخلاف الذي أخذ طريقه يومها لوزارة العدل ثم المحكمة الدستورية التي حكمت لصالح عصام عطا مما أجبر الوزير أن يتدخل ويلغي القرار كمخرج للاتحاد من تلك الورطة ويومها لم يكن الاتحاد يملك أن يشكو الوزير للفيفا لأنه لا يملك ما يدافع به عن قراره الذي سيثير دهشة الفيفا قبل المحكمة وهكذا سقط القرار العجيب الذي استهدف أصوات الأقاليم الانتخابية. ويا لها من مفارقة فقد أدى هذا الموقف للإطاحة بالأستاذ عصام عطا في القانون الجديد انتقاماً منه. 2- ثاني البدع في هذه الحلقة وهي بدعة لا تقل غرابة عن تلك عندما عدل الاتحاد لوائحه المحلية في خدمة جديدة للأندية استهدف بها الهلال والمريخ عندما أجرى تعديلاً يمنع اي لاعب من أن ينتقل لنادٍ ترتيبه أعلى منه في الدوري في الموسم السابق وحيث أن الهلال والمريخ يتبادلان المركزين الأول والثاني فإن القرار استهدف حرمان أي لاعب يرغب في الانتقال لأي منهما في الموسم التالي الأمر الذي يعتبر مصادرة لحق الأندية ولحق اللاعب في نفس الوقت، بل من مفارقات هذا القرار أن الذي يحتل المركز الثاني من القمة يحق له أن يسجل أي لاعب من النادي المتصدر للدورىيبينما يقف الطرف الثاني من القمة المتصدر عاجزاً عن تسجيل لاعب من صاحب المركز الثاني. لكم ان تتصوروا أن يصدر الاتحاد الإسباني قراراً يمنع انتقال لاعب من برشبلونة لريال مدريد إذا تصدر ريال مدريد أو العكس كما يمنع انتقال أي لاعب من أندية إسبانيا لأي من الناديين في المركزين الأوائل ترى ماذا كان يكون رد الفعل في إسبانيا بل وفي أوروبا لو تعرضوا لهذه البدعة ولكن هذا حدث في السودان وكل هذا إرضاء وحماية لأندية الأقاليم. 3- مع أن اللوائح الدولية تساوي بين الأندية ولا تفرق بينها كما تساوي بين حقوق اللاعبين على مستوى العالم وليس هناك أي تمييز بين الأندية واللاعبين وبهذا من حق كل الأندية المنتسبة للفيفا ولكل الدرجات ومن حق اللاعبين أن يوقعوا عقود الاحتراف طالما ارتضى الطرفان توقيع عقد الاحتراف وما يؤكد ذلك آلاف اللاعبين الذين يحترفون في الدرجات الدنيا في أوروبا وفي أندية الخليج وبينهم أكبر نجوم السودان ومع ذلك تمنع لوائح الاتحاد السوداني الأندية واللاعبين التمتع بهذا الحق باستثناء الدرجة الممتازة ويترتب على هذا الوضع الذي يصادر حقوق الأندية واللاعبين أن تصل المخالفات بالاتحاد لدرجة أن يتدخل في عقود الاحتراف ويلغي عقود اللاعبين بأمر منه وهو ليس طرفاً في العقد ولا يحق له ذلك حيث أن عقد الاحتراف لا يلغى إلا بنهاية التعاقد أو برضا الطرفين قبل ذلك ولكن الاتحاد يلغي بقرار منه عقد الاحتراف إذا هبط النادي من الدرجة الممتازة بعد موسم واحد إذا فشل في العودة للدرجة الممتازة ويصادر بهذا حق النادي واللاعب الذي يفرض عليه أن يصبح مفصولاً من العمل ويرغمه أن يبقى هاوياً في النادي مع أنه ليس طرفاً في العقد وقد تكون الفترة المتبقية للتعاقد ثلاث سنوات كل هذا لتنفيذ مخالفته بحرمان غير أندية الممتاز من توقيع عقود الاحتراف.. (عجائب) أواصل.