العرب ورغم أنهم كانوا أسبق حضارياً عن الأغلبية العظمى من دول العالم الا أنهم في تاريخهم الحديث وبصفة خاصة في القرن الماضي وحتى الآن في القرن الحالي أدمنوا الفشل وذلك بلا شك يرجع في أهم أسبابه الى أننا وفي عهد الحرية والديمقراطية التي سادت دول الحضارة فإن الشعوب العربية لم تعرف حتى اليوم علو كلمة الشعوب مع أنهم يعتنقون آخر الأديان وأفضلها بما يحمله من قيم وأخلاقيات لم تجد طريقها في المجتمعات الإسلامية كما أنه نادى بالشورى (الديمقراطية) قبل أن يعرفها العالم ولكن الإسلام أصبح مظهراً يغطي على كل الإخفاقات التي لازمت كل الدول العربية بسبب غياب الجوهر عن الإسلام الذي اغتالته شعارات المزايدة به لتحقيق المصالح الذاتية. وليس أدل على هذا من تلك المقولة الشهيرة ما يتناقله العالم على لسان أحد المستشرقين الذي اعتنق الإسلام بالعقل وليس بالوراثة التقليدية فعرف ما يحمله من قيم لو سادت لحققت السلام والتعايش والتآخي والمساواة، بل لأن كل من ينزع حقاً لإنسان إنما هو خارج عن قيم الإسلام لهذا كانت مقولته عندما وقف على الحال في بعض الدول الإسلامية فقال: (ذهبت لدولة إسلامية فوجدت الإسلام ولكني لم أجد مسلمين وفي أوربا وجدت مسلمين ولكني لم أجد الإسلام) وهي قولة حق لأن الدول المصنفة بالإسلامية فإنك لا تلمس له وجوداً في سلوكيات المسلمين على كل مستوياتهم الا في مظاهر العبادة. دفعني لهذه المقدمة ما تناقلته الأنباء أن بعض ممثلي الدول العربية في أولمبياد لندن بصدد مقاطعة أي منافسة تشارك فيها بعثة إسرائيل كما تنافلت الأنباء ذلك التهديد القوي والصريح من رئيس اللجنة الأولمبية الدولية مهدداً هذا السلوك الذي يخالف الميثاق الأولمبي الذي توافق عليه العالم كله بالعقاب الذي قد يصل إسقاط عضوية من يسلك هذا السلوك. هكذا العرب دائماً في مواجهة إسرائيل لا يعرفون غير سلاح الانفعال ورد الفعل العشوائي والمزايدة بالشعارات ولا يعرفون إلا التباهي بالمظاهر التي يخلقون منها بطولات وهمية من العدم وفي نهاية الأمر ظلت إسرائيل دائماً تخرج رابحة من مواقف العرب.. وليست أحداث أولمبياد ميونخ ببعيدة عندما ارتكب أدعياء البطولات تفجيرات ميونخ التي راح ضحيتها أبرياء لا علاقة لهم بإسرائيل وفي مناسبة يجتمع فيها الأعداء على التسامح تحت القيم الأولمبية ولم يكسب العرب والمسلمون منها إلا سمعة الإرهاب وقتل الأبرياء وبقيت إسرائيل موغلة في عدوانها ومكاسبها السياسية تزداد قوة وتوسع في مواجهة العرب فماذا كسب العرب وماذا تكسب فلسطين من مقاطعة إسرائيل في الملعب الأولمبي الذي يهدف لغرس القيم الأولمبية في نبذ العنف ويدعو لاحترام حقوق الإنسان التي هي غايتنا في فلسطين، فالأولمبياد تجمع لنبذ الحرب والعدوان وإهدار كرامة الإنسان فلماذا نخلي الساحة للمعتدين ممثلو دولة لا تعرف هذه القيم بدلاً من أن نواجهها في هذه الملحمة العالمية لنعمق تناقضاتها هذه عبر أكبر محفل دولي كما أن تجمع الأولمبياد هو تجمع شبابي بعيد عن الحكومات سبب الكوارث الإنسانية علينا عبر الاحتكاك في الأولمبياد كما يقتضي الميثاق أن نسلط الأضواء على هذه القيم لتعرية إسرائيل الدولة العوانية فهذا سلاح أقوى من مظاهر التهريج وادعاء البطولات الوهمية التي تخدم إسرائيل بمساعدتها على خداع العالم وكسب الرأي العام العالمي. لنهزمهم عبر الملعب في ترسيخ قيم السلام وعدم انتهاك حقوق الإنسان فهذا سلاح ربما يكون أقوى من العنف الذي كلما لوحنا به خرجنا خاسرين وإسرائيل رابحة. وكلما أشهرناه في وجهها ونحن عاجزين أعطيناها ولم نأخذ منها شئ فتبدو هي الضحية ونحن المعتدين. إنها خطوة حمقاء تخرج منها الدول العربية التي ترتكبها خاسرة إلا من باب المزايدات وادعاء البطولات الوهمية لأسباب سياسية لا تخدم فلسطين. نعم مشاركتنا في مواجهة إسرائيل تحت راية الأولمبياد هي انتصار لنا لتعرية تناقضاتها وعدم احترامها لقيم السلام واحترام حقوق الإنسانية ونبذ العدوان وإن كان هناك من يستوجب عليه الانسحاب فهو الخارج عن القيم الأولمبية التي تجمع العالم اليوم وليس العكس. العرب بحاجة لكسب الرأي العالمي كآلية قوية للضغط على إسرائيل وهذا لا يتحقق بارتكاب حماقة كهذه نخلي فيها الأجواء لمن لا يحترم القيم الأولمبية. فضونا من الانفعال حباً في التظاهر بأننا أبطال.