عودة للسؤال الذي اختتمت به مقالي ووفاء بما وعدت به في ان اساهم في الاجابة عليه فانني اؤكد أولا ما أمنّت عليه بان أي علة او ازمة اذا لم تتم معرفة سببها او سبب الأزمة ليسمها كل بما يشاء فأنه لا احد اذن يملك الحل لهذا فان علينا أن نتفق على سبب الاخفاق في كرة القدم خاصة والرياضة عامة . شخصيا قلت رأيي واؤكد عليه أن العلة في النظام الرياضي الذي يقوم عليه الاتحاد السوداني لكرة القدم والتي اوضحت تكوينه في الحلقة الأولى لأن سبب الفشل في كرة القدم هو الهيكل الذي يقوم عليه الاتحاد لهذا فان سبب فشلنا في معالجة أزمة الكرة ان القائمين على الامر يرفضون ان يضعوا أياديهم على سبب العلة هربا من مواجهة الحل ويصرون على ان الفشل يرجع للاشخاص مع انه يرجع للهيكل قبل الاشخاص منكرين بذلك ان كرة القدم السودانية وتحت ظل كل الكوادر التي تعاقبت عليها لم تغير من واقعها واخفاقها مع التفاوت النسبي في الفشل وكل هذا لان السبب لا يسأل عنه الاشخاص وحدهم رغم تفاوت كفاءتهم وقدراتهم ونتائجهم وانما يكمن في الهيكل الرياضي كسبب اساسي مهما بلغ الاشخاص من كفاءة: في عام 1996 وعندما وصل الهلال المملكة السعودية لمنازلة الشباب في مباراتين في بطولة الاندية العربية والتي خسرها بالطبع وكالعادة نظمت رابطة الاعلاميين الرياضيين بالمملكة ندوة على شرف البعثة واخفاقها عن ازمة الكرة السودانية المستقبل والحلول بحضور الزملاء المرافقين للهلال اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الزملاء ميرغنى ابوشنب وعبد المجيد عبد الرازق ودسوقي وطلب مني يوما ان اقدم محاضرة حول هذا الموضوع وقد كان فحوى ما خلصت اليه هو نفس ما اردده اليوم من ان الازمة في الهيكل وقلت بالتحديد طالما ان هذا الهيكل قائم لا تطمعوا ان يكون للسودان وجودا مشرفا خارجيا وذلك الحديث موثق في شريط فيديو وكنت قد قدمته لقناة قوون لتعميم الفائدة والحوار ولكنها لم توليه أي اهمية . ودارت الايام وبعد سبعة عشر عاما من ذلك اللقاء تمت دعوتي من الجالية السودانية بمسقط للمشاركة بورقة حول نفس الموضوع ولم اخرج عن ما قلته سنة 96 الا في متغيرات بسيطة لم تخالف الجوهر وقلت لهم اخاف ان يعود نفس الموضوع ليطرح بعد سبعة عشر سنة اخرى من الفشل طالما بقيّ هذا الهيكل وايضا هذا الحديث مسجل فيديو. وقد يندهش البعض اذا قلت لهم ان هذا الرأي حول هذا النظام الكروي الفاشل تناولناه بالنقاش عام 79 فيما سمى بمؤتمر التضامن الذي نظمته اتحادات مدني وبورتسودان والابيض بمدني وهو اللقاء الذي ترتب عليه بداية مرحلة جديدة اداريا تمثلت يومها في تولي الشباب ادارة الاتحادات وهي ما اسميها مرحلة مابعد جيل الدكتور حليم رحمة الله عليه والتي عُرفت حتى اليوم بمرحلة الصديقين الدكتور كمال شداد ومحمد الشيخ مدني وهي المرحلة الممتدة حتى اليوم حتى لو غاب عنها الدكتور شكلا بصفة مؤقتة. كانت تطلعاتنا يومها ان هذا الشباب سوف يضع على رأس اجندته ان يعيد النظر في الهيكل لاستنباط نظام كروي قائم على التخطيط والعلم والقادر على استثمار الامكانات المحدودة والشحيحة بما يحقق للسودان طفرة رياضية وجاءت النتيجة عكس ما تطلعنا له تؤكد ذلك نتائج هذه المرحلة الاكثر فشلا في تاريخ السودان التي ستظل ما بقى الهيكل اكثر فشلا عن كل المراحل التي سبقتها مهما استبدلنا الاشخاص والسبب في ذلك والذي تكشف لنا ان الشباب الذي بسط هيمنته على كرة القدم بما اسميناها يومها ثورة رياضية ان الشباب ليس في موقف ليحدث ثورة في الهيكل طالما انه بحاجة لنفس الهيكل ليؤكد هيمنته على كرة القدم وذلك بتقديم التنازلات لاصحاب الاصول الانتخابية والعمل على توسيع قاعدة الاتحادات المحلية كسبا للاصوات وذلك من اجل البقاء على المقاعد الادارية في مواجهة العاصمة التي كانت يومها الخصم الاول وهو ما تحقق لهم فعلا وان افرز هذا مزيدا من الصراعات لاستقطاب الاصوات حتى بين اصدقاء الامس بأي وسيلة كانت لتتعقد الازمة وتستفحل كما نراها اليوم. اعترف اليوم اننا اخطأنا وقتها عندما توهمنا ان الشباب الذي يحل مكان ذلك الجيل يملك ان يحدث هذه الثورة في الهيكل ولكنا اغفلنا انه لايمكن اعادة النظر في الهيكل وفكيف لمن جاء باصواتهم ان يلغي وجود من جاءوا بهم حتى اصبحوا رهينة لهذه الاصوات" اردت بهذا التفصيل والتوضيح بهذه الفذلكة التاريخية ان امهد لما اطرحه من اجابة على المخرج من هذه الازمة التي يكمن حلها اولا في الغاء هذا الهيكل للاتحاد السوداني لكرة القدم الذي يقوم على هذا الكم الهائل من الاتحادات والاندية واللاعبين والذين يتضاغف عددهم سنويا لنأتي باتحاد بديل يقوم على عدد محدود من الاندية ذات مواصفات عالية وامكانات كبيرة وان تكون هذه الاندية هي المكون لعضوية الجمعية العمومية باعتبارها صاحبة الشأن لتنتخب وتحاسب من يتم انتخابهم دون وكالة لغير المعنيين بهم وهو هيكل يراعي فيه الأسس العلمية والمقومات التي تواكب الانظمة الرياضية في كافة دول العالم حتى لانغرد خارج المنظومة العالمية بل الافريقية والعربية حيث ان كل الاتحادات من حولنا عربيا وافريقيا تقوم على هذه المقومات مما يمكنها من ان تشرف على عدد محدود من الاندية تتجمع فيها افضل المواهب الكروية لتوجه لها الامكانات المحدودة المتاحة بدلا من هذا التشتت في كم لاجدوى منه. ولعل من غرائب الصدف ان تصدر الفيفا نفسها نظاما جديدا استهدف الارتقاء بمستوى الكرة بان اصدرت لائحة لترخيص الاندية التي يحق لها المشاركة خارجيا وحددت لها المواصفات الفنية التي نتطلع اليها في الاندية المنضوية تحت الاتحاد العام. وحتى لا يتوهم احد ان هذه دعوة لحرمان الكم الهائل من الاندية التي تنخرط تحت مظلة الاتحاد دون حاجة لها فلقد كفانا دستور السودان لسنة 2005 المؤقت ان نص على ان الرياضة نشاط خاص بالولايات وان السودان دولة لامركزية فيدرالية لهذا فلتواصل كل الاندية نشاطها بالولاية الا من توفرت فيه المواصفات المؤهلة للرخصة .. متى حقق أي نادي منها المواصفات المطلوبة في التنظيم المركزي خاصة ان نفس الدستور قصر مسئولية السلطة التنفيذية القومية والنظم المركزية في العلاقلت الخارجية فقط وفق ضوابط حددها الدستور نفسه ولكن منذ أن صدر هذا الدستور لم يحترمه او يعمل به القائمون على الرياضة سواء الاتحاد الوزارة المعنية والاجهزة الرسمية الذين اسلموا ارادتهم للقوة المهيمنة على الهيكل البالي والتي ترفض للسودان ان يخرج عنه لمصالحهم التي يتهددها ان تتحول الارادة من الاتحادات المحلية للاندية مباشرة والتي تتوفر فيها لائحة الفيفا لقد فرض علي ضيق المساحة ان اتناول الامر باختزال شديد ولكني ضمنت هذه القراءة في مشاركتي للجالية في مسقط بدراسة كاملة من 25 صفحة.بكل التفاصيل المطلوبة واذا كنت قدمت هذه المساهمة في هذه الحلقة باختزال شديد فانني لا ادعي ان ما توصلت اليه هو وحده المخرج ولكنه دعوة لان نرتفع بمستوى الحوار لبحث الازمة فلربما تأتي مقترحات اكثر نفعا ولكن المهم ان نخرج من دائرة هذا الهيكل وهنا ينبع سؤال لايقل اهمية: اذا كان النظام الرياضي الحالي لايمكن اصلاحه من الداخل لان القابضين عليه والمنتفعين منه لن يسمحوا به لهذا لابد لنا ان نجيب على سؤال لايقل اهمية ماهي الجهة التي تملك اذاً اعادة النظر في الهيكل؟ وهذا موضوع حلقة خاصة قادمة