الحلقة الثانية لم يحدث في تاريخ الاتحاد السوداني لكرة القدم ومنذ نشأة تكوينه على هذه الصيغة التي تقوم على عضوية الاتحادات المحلية التي تترهل مع كل دورة ويتضاعف عددها بحثاً عن الأصوات الانتخابية وآخرها إضافة خمسة عشر اتحاداً كما نقلت الأنباء عقب انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة لم يحدث أن تساءل أحد من المهتمين بهذا الشأن على الصعيدين الرسمي والأهلي: 1- من أين جاء هذا التشكيل والذي يقوم على الاتحادات المحلية كيانات وسيطة بين الأندية والاتحاد؟ 2- هل هذا التشكيل يؤسس لتطوير الكرة السودانية أم إنه من معوقات تطورها؟ 3- هل هو كالشمس لا يملك بشر أن يغير من أين تشرق لأن هذا حكم الواحد الأحد الذي لا يملك بشر أن يغير في أمره؟ 4- إذا كان هذا التشكيل هو من معوقات تطور اللعبة فما هو البديل الأفضل؟ 5- وإذا كان لابد من بديل له من هي الجهة التي تملك اتخاذ القرار وإعادة صياغة البديل؟ وبالطبع فإن هناك أسئلة أخرى فرعية جديبرة بأن يعنى بها متى وجدت هذه الأسئلة من يلتفت اليها ليدرسها دراسة علمية وموضوعية ولأن الأمر برمته يعتمد على السؤال الأخير لأن الإجابة عليه هي التي تفتح الباب للبحث عن إجابة لبقية الأسئلة وهو السؤال الخاص بهوية الجهة المختصة التي تملك اتخاذ القرار بالبديل إذا ثبتت أهمية البديل طالما أنه بدون الإجابة ومعرفة هوية هذه الجهة وإبدائها نوايا جادة للبحث ودراسة الإجابة على بقية الأسئلة فإنه ليس هناك من جدوى للاهتمام بها. وهنا أدعو لوقفة مهمة مع ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء الضبابية حول مواجهة الحقيقة التي تتعلق بالإجابة عن هذا السؤال المهم مفتاح الثورة والتغيير في تشكيلة الاتحاد العام والتي تتمثل في: أ- المنتفعون من التشكيل الحالي للاتحاد العام والذين ورثوه تاريخياً ترسخ لديهم وهم لا سند له إنهم هم أصحاب القرار في التشكيل وأي تغيير فيه وهو فهم لا سند له وبسبب هذا الفهم ظلوا هم أصحاب القرار في هذا الشأن ب- الذي رسخ هذا الفهم الخاطئ لدى التشكيل الحالي للاتحاد اعتقاد خاطئ قائم على سوء فهم بأنهم تحت حماية الفيفا التي ترفض التدخل الحكومي في الاتحاد وهي نظرة خاطئة لا سند لها لأن الفيفا ترفض تدخل الحكومات فيما يقع تحت دائرة اختصاصها وتشكيل الاتحاد ليس من اختصاصات الفيفا ومن يملك ذلك فليأتي بالنص الذي يقول ذلك في قوانينها حيث أن الفيفا تشترط على التشكيل بعد أن تقره الدولة المعنية أن يلتزم بشروطها في استقلالية إدارة النشاط أياً كان هذا التشكيل فاستقلاليته في إدارة النشاط وفق لوائحها الدولية هو الذي يعني الفيفا والدليل على ذلك أنه ليس هناك تشكيل ثابت للاتحادات الأعضاء في الفيفا يحكم كل الدول مما يعني أنها هي صاحبة القرار وفق قوانينها المحلية. ج- وهذا هو الأهم أن الدولة على الصعيد الرسمي وهي الجهة المعنية والمختصة ظلت مغيبة لأن القائمين عليها ظلوا منذ نشأة الاتحاد تحت هذا الفهم الخاطئ حيث صدقوا أن تكوين التشكيل ليس شأناً خاصاً بالدولة ولا تملك أن تفرضه كما أن الدولة لم تكن هي التي قررته في الأصل حتى تفرد له حصانة وحماية وإن كانت هي التي قررته فإنها تملك أن تعيد النظر فيه حسب المصلحة العامة لهذا ظلت الدولة ترتكب خطأً فاحشاً في محورين: أولهما أنها تقنن في قوانينها على هذا التشكيل الذي لم تكن طرفاً فيه بفهم أنه فرض عليها ولا تملك إعادة النظر فيه مما يعني أنها تخلت عن حقها جهلاً غير مدركة لما يسببه هذا من ضرر للحركة الرياضية. ثانيهم بسب هذا الفهم الخاطئ للدولة الذي حكم عليها التخلي عن حقها الشرعي المعترف به من المؤسسة الدولية وبدلاً عن ذلك راحت تبحث لها عن موطئ قدم في شأن إدارة الاتحاد مما أوقعها في مخالفات وخروج عن شروط الفيفا لتدخل في صدامات معها لتشكل هي الأخرى معوقات إضافية تضر بتطور الاتحاد لهذا شهدت السنوات الأخيرة الكثير من الصدامات بين الدولة والفيفا ليصبح موقف الدولة (كالمنشار طالع يضر نازل يضر)، فلا هي اهتمت بحقها المعترف به لتقرر كيف يتشكل الاتحاد ولا التزمت بحق الفيفا بألا تتدخل في إدارة النشاط بالتعدي على استقلاليته. أخلص من هذه الملاحظات الثلاث للإجابة عن أكثر الأسئلة أهمية والذي يؤكد أن الدولة هي جهة الاختصاص في أن تقرر تشكيل الجمعية العمومية للاتحاد وهذا حق معترف به من الفيفا وليس هناك تعارض فيه مع اللوائح الدولية لهذا يتعين على الدولة أولاً أن تسترد حقها وأن تعيد للفيفا أي حق لها سعت لسلبه بقانونها وهذه نقطة البداية لنبحث عن إجابة لما طرحته من أسئلة. ولعل المفارقة الغريبة والتي لم ينتبه لها أحد أن السيد حسن رزق ارتكب خطأً كبيراً عندما أصدر لائحة للرياضة عقب قانون 2003 والتي أضفى فيها شرعية للتشكيل الحالي للاتحاد بالرغم من أن القانون خوله أن يقرر التشكيل كما جاء دستور 2005 بعد سنتين من إصدار القانون ليضع النقط فوق الحروف لإعادة النظر في تشكيل الاتحاد وهذا موضوع الحلقة القادمة.