بدت الخرطوم نهار امس اجمل مايكون وغابت شمسها التي تلهب الوجوه والظهور معا وترفع من درجة حرارة الاحتقان والقابلية للانفجار في لحظة الخريف الذي بدأ رشاشه في التساقط علي وجه المدينة والتي كساها حلة زاهية ظهرت حتي في وجوه المارة والتي علاها الابتسام فالخرطوم مابين ليلة وضحاها تحولت لاوربا في اشارة للجوء الربيعي واعاد للاذهان المقولة التي تعود السودانيون علي ترديدها الليلة الجو اوربي وعندهم اوربا والسخانة ضدان لا يلتقيان وتعيد للاذهان تلك الطرفة لاحد نجوم المريخ في الزمن الجميل وتحديدا في معسكر المانيا فعند هبوطه من الطائرة مباشرة وجه حديثه لزملائه قائلا الله ده جو اوربي عديل كدة ضحكاتهم وابتساماتهم انتقلت امس للخرطوم والتي كان اليوم فيها مغايرا تماما وغابت التكشيرة الصباحية في المواصلات وتغيرت تفاصيل العلاقة مابين الركاب والكماسرة بل كثير من الناس استغلوا الجوء ليدخلو الي قلب الخرطوم مشيا مستمتعين برذاذ المطر ورائحة الطين المنبعثة من نيل الحياة وهم يمارسون الضحك وكأنهم يخلصون في دين قديم من الشمس التي يشكل غيابها يوما يستحق الاحتفال به والتعبير عن هذا الاحتفال من خلال لغة الخطاب الصباحي الذي طغي عليها شفت الجو ده ممتع كيف وان حاول الكثيرون استغلال هذا الجو باتجاه اخر من خلال قولهم عليك الله هسة ده جو اشتغلوا فيه بل ان بعضهم استخدم لغة الخطاب المطلبي للحكومة قائلا الليلة مفروض تعلنوا اليوم عطلة رسمية احتفاء بهذا الجو الاستثنائي الذي لن يتكرر قريبا . تغيير الجو افرز تغييرات اخري لعل اكثر المستفيدين منها كانوا اصحاب قدر الفول المنصوبة علي زوايا الاحياء وفي قلب الاسواق حيث ان الغيوم التي تكسو السماء عند السودانيين تجمع مابين الفول واوربا فالجو الاوربي نفسه هو جو الفول في حالة غريبة من تجميع الاشياء لايقدر عليها سوى اهل السودان الذين مابينهم والشمس علاقة وطيدة تظهر حين تغيب وما بينهم والفول علاقة زواج كاثوليكي وما بينهم وبعضهم علاقة وصل لا تنقطع فالجو الذي ساد الخرطوم امس وصل عبر اسلاك الهاتف لكل مدن السودان والتي كان يمارس اهلها حالة السخرية علي جو الخرطوم ويستمتعون با جوائهم الخريفية في مدن الوطن الاخري. اجواء خريفية واحساس بالارتياح واقبال علي وجبة الفول في خرطوم كانت اقرب الي اوربا منها الي سخانة الاستواء في يوم تمني الجميع ان يكون علي الدوام.