رغم هطول الأمطار وبرودة الطقس، لم تترك أصوات المولدات الكهربائية مكانة لمواطني كسلا للفرحة بهطول الأمطار. وبالرغم من جوها الشاعري فقد ظلت عروس التاكا تشكو لطوب الارض من استمرار قطوعات الكهرباء التي لم تضع لها حكومة الولاية والهيئة القومية للكهرباء حداً بعد ان ظلت احد معوقات العمل في المدينة بأسواقها ومؤسساتها الخدمية والتعليمية، وتسبب عدم توفر الامداد الكهربائي في تعطيل كثير من ضروريات الحياة، بعد ان ظل طلاب وطالبات جامعة كسلا يتدافعون ويكتظون حول مقاهي الانترنت والمكتبات العامة بحثا عن التيار الكهربائي لقضاء حاجاتهم من بحوث وطباعة، وربما المذاكرة في بعض الاحيان نسبة لامتداد انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ست عشرة ساعة في اليوم، لتظل تلك الولاية الفتية بجمالها السامي وجبالها العالية وتراثها الشعبي وادبها البجاوي تنتظر مصابيح مولدات الكهرباء لتضئ اشراقها. المواطن عثمان محمد الطاهر صاحب مزرعة البان بالسواقي الشمالية، شكا من تذبذب امداد الكهرباء منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر، اذ كانت سمته القطوعات المتكررة، مما اثر سلبا على انتاج الالبان والاعلاف، لتطول فترة الانتظار وسط العمالة، مما يعد اهدارا للوقت، وترك آثاراً سالبة على عملية حليب الابقار بعد أن تقلصت عملية الحليب من مرتين إلى مرة واحدة بغرض الحفاظ على جودة الالبان. وأضاف الطاهر قائلاً إن بعض اصحاب مزارع الالبان يلجأون لاستخدام مادة البنسلين داخل الالبان للحفاظ على جودته من التخمير، كما ان تذبذب التيار ادى إلى تلف وتعطيل العديد من طلمبات الري والادوات الكهربية بالمنازل والسواقي، بجانب انتشار ظاهرة السرقات الليلية نسبة للظلام الدامس، مشيرا الى ضبابية رؤية الهيئة القومية للكهرباء حول تحديد القطوعات لتمكين المواطنين واصحاب المزارع من التنسيق في عملية الحليب وسحب المياه لري المزارع، فيما اوضح كمال حسب الكريم صاحب مكتبة المستقبل بسوق كسلا أن انقطاع التيار الكهربائي اثر على العمل بسبب احجام الطلاب عن ارتياد المكتبة لتصوير المستندات وطباعة البحوث، رغم وجود المولدات الكهربائية التي لا تسع طاقتها لتشغيل الاجهزة الكهربائية التي تحتاج لتيار عالٍ، بجانب اصوات المولدات العالية التي اصبحت طاردة للزبون. وقال إن الهيئة القومية للكهرباء لم تجد الحل لتلك القطوعات لأكثر من ثلاثة شهور، واصبح اصحاب المحلات التجارية يعانون من ضعف العملية الشرائية، وبرغم ذلك لم يسلم اصحاب المحلات التجارية من مطاردات سلطات الضرائب والمحليات والنفايات لتحصيل الرسوم، فيما انتقد محمد عثمان كرم الله «حمودة» رئيس اتحاد مزارعي الخضر والفاكهة، قطوعات الكهرباء التي اصبحت احد معوقات النفرة الزراعية لضعف الخط الناقل من سد مروي ريثما ترفع طاقته بعد عامين. وانتقد المواطن عطا الفضيل بلال حي الرملة سياسات الهيئة القومية للكهرباء في طريقة التعامل مع عملائها بوضع عدد من العراقيل والاشتراطات لتوصيل التيار الكهربائي للمنازل، حيث فرضت رسوماً تفوق طاقة المواطن، بحجة أن المحول يخص الهيئة، وقال إن السياسة الخاطئة قد تسببت في كثير من الخلافات وسط المواطنين بعد أن تم توصيل التيار الكهربائي لجزء من المواطنين ومنع الآخرين بحجة عدم التزامهم بسداد مساهمة الجهد الشعبي. ويبقى السؤال متروكاً لحكومة ولاية كسلا وجهازها التشريعي، لوضع حل جذري لقطوعات الكهرباء حتى تستقر الخدمات ويقضي المواطن حاجاته بعد أن خلفت قطوعات الامداد خسائر فادحها اخفها فساد الالبان ومنتجاتها، وربما ترتبت على الأمر آثار صحية سالبة بسبب لجوء بعض تجار الألبان لاستخدام مادة البنسلين للحفاظ عليه، مما يهدد بتفشي الأمراض المزمنة في ظل غياب الرقابة الصحية.