عن أي هاشم نحكي الشاعر أم المسرحي أم الناقد أم الممثل ونجد ان هاشم صديق أم الاستاذ فنان متكامل يحركه الايقاع وشفافيته تجاه الاشياء وان أخذنا هاشم الشاعر وصوره الشعرية يتجلى الجمال في جان والكريسماس في ديوانه كلام للحلوة:- كان كريسماس في عوالم يمه لعيونك جديده النبيذ في عيوني بق ولهبت روحي الموسيقى والبنات يايمه عينيهن تودر كل لوناً كل رمشاً بي قصيده وجان بترقص ولما تر قص جان بتفرق مره زي لهباً مجنح ومره زي أهل الطريقة الطبول جواي دقت والأبيات الشعرية السابقة لا تأتي إلا من شاعر معطون بالاحساس الشفيف في صورة درامية رائعة في رقص جان وتشبهها بأهل الطريق وبما ان هاشم صديق يمتلك أدوات الدراما فقد وظف الدراما في صوره الشعرية السابقة إلى ان نصل في جان والكريسماس إلى:- والريزم لامن يهوم بالبنية الغايبه زي أهل الطريقة ببقى زولاً شكلو تاني وحرفو تاني ورسمو تاني روحو ريشتو والجمال في الدنيا عيشتو وأرى في الابيات السابقة بتحليل بسيط وأمل ان لا أخرج عن الخط لأن الاستاذ هاشم صديق هو استاذ الدراسة والتحليل بان الايقاع واستخدم بدلاً منه الريزم لايقاع الكلمات انها لا تأتي إلا من صوفي متبتل في محراب الفنون والنفس الصوفي يتضح في الاستحوال عند الصوفية بأن يصبح زولاً شكلو تاني وحرفو تاني ان يترجم والوصول لمرحلة الترجمة عند الصوفية أسمى المراحل في التطهر والتطهير وهي وظيفة اساسية من وظائف الدراما ويقرر الشاعر أن ا لجمال في الدنيا عيشتو وهذه مرحلة تصالح مع الذات لا يصلها إلا من كان يحب الحق والخير والجمال وهذه هي الوظيفة الاساسية للفن الجاد صاحب الرسالة. ونجد ان هاشم صديق منذ قصيدته الاولى اصبح الوطن هو الهاجس بالنسبة له يريد ان يراه وطناً يسع الجميع باختلاف مشاربه وتغنى له في كل قصائده وكان لديه هو الرمز احياناً والمباشرة احياناً في تسامي نادر من شاعر صارت اسلحته هي الحروف والكلمات ضد الظلم والضيم ،ينادي بان يكون الشعب السوداني صاحب خطوة وحظوة في خيارات البلاد من دون انكسار أو خنوع ونجده في ديوانه جواب مسجل للبلد وفي قصيدته بعنوان الديوان يعتز بأسرته ووالديه في كبرياء الابطال وهو صاحب التاريخ الشعري الزاخر بالمجد والبطولات:- يا بلد اسمعيني وهاك كل البيعة كاملة:- اسمي هاشم.. أمي آمنه أبويا ميت وكان خضرجي ومرة صاحب قهوة في ركن الوزارة بيتنا طين واقع مشرم ولما حال الطين يحنن نشقى شأن يلقى الزبالة خلي ألقاب الجرايد من ممثل ولا شاعر ولا كاتب ولا ناقد كلو زي يفط الدكاكين والمطاعم. وبرغم شاعرية هاشم وصيته وشهرته وملكاته فإن ذلك لا يدعوه ان ينسى الغلابة وبيوت الطين ان كان ذلك في أسرته أو في الأسر السودانية من عامة الشعب التي ينتمي إليها وان الألقاب لا تدعوه أن يعيش في برج عاجي «برج المشاهير» وينسى قضايا أمته التي سن قلمه للحديث باسمها والدفاع عنها ولم يكن كمتوهمي النجومية الذين ينتجون عملاً واحداً فقط ويتحدثون عنه طوال السنوات أي «يقصون الجرة» ولكن ظل ومازال ينتج في كل يوم جديد وطال ما به نفس شعراً ومسرحاً شارع أبواب الفكر مفتوحة لعطاء متجدد من خلال تراكم خبراته من حب وحنية وأجمل ما كتب هاشم صديق لأمه في ديوانه الزمن والرحلة بعنوان رسالة:- أكتب ليك رسالة طويلة بي دمي أقالدك فيها يا أمي وأضمك ساعة في حضني وحاتك لا بخط عنوان ولا بكتب اسم انسان وما برمي الجواب في بريد وما بديهولي زولاً كمان في الإيد كفاية أقيف وأنقش في جناح الريح كلامي الدايرو يوصل ليك إنه حديث عن حب الأم والحنان إليها وحنانها الذي كان يحرك الشاعر في حله وترحاله انه رضى الوالدين وهو الدافع نحو أن تكون لهاشم أشعار تعبر عنه وعن والدته وأهله وعن كل أم سودانية وكل من يقرأ القصيدة أو يسمعها مغناة يأذه الحنين والشوق واللهفة لوالدته إنه الشعر الذي يلامس وجدان المتلقي في كلمات شاعرية برؤية جمالية تحقق للمتلقي المتعة والدهشة وهي دهشة يصنعها هاشم صديق برغم رهق الكتابة، وقد رفد هاشم صديق مكتبة الغناء السوداني بعدد كبير من الاغنيات على سبيل المثال لا الحصر «الملحمة» وكانت أوبريتاً شعرياً شكله هاشم صديق بملكاته الشعرية وهو ما يزال في ريعان شبابه وأغنية رسالة «حنان ابراهيم» وآخر المواني «أبو عركي البخيت» وأذن الأذان لأبو عركي ايضاً وأغنية أمونه والتي كانت شعاراً لمسلسل الديناصور الاذاعي الذي أخرجه محمود يسن وأمونة ايضاً كانت شعار المسلسل التلفزيوني طائر الشفق الغريب وكلا المسلسلين الاذاعي والتلفزيوني من تأليف وحوار وسيناريو هاشم صديق وأمونة الشعار غناها أبو عركي البخيت:- كل البنات أمونه يا خرتوم معاي ساعة افتح الدكان معاي ساعة الدرس بالليل معاي في البص على أم درمان من الكبري الكبير في الليل أعاين في البحر مهموم ألاقي وجيها شاقي النيل وفي ساعة التعب والخوف تشيل خطواتي وأمشي عديل ومن الأغنيات حاجة فيك «مصطفى سيد أحمد» والشوق والوطن «صلاح بن البادية» وأغنية أضحكي «أبو عركي البخيت» وأغنية ودعتين «عبد القادر سالم» وأغنية حروف اسمك (محمد الأمين) وعندما طرح الشاعر هاشم صديق ضياع حقوق الشعراء المعنوية والمادية لم يكن ينادي بحقوقه هو شخصياً انما بحقوق قبيلة الشعراء وان المغنيين لا ينتبهوا للشعراء قامت حملة ضده وكأنه أتى فعلاً شنيعاً وكل ما فعله الشاعر هاشم صديق انه انتفض قبل أن تكون هنالك ملكية فكرية.. وقد كانت اشعار هاشم صديق التي تم غناها علامة فارقة في خريطة الغناء السوداني ومازال المستمع يرددها برغم الزمن ويظل هاشم صديق فناناً متكاملاً رغم المتاريس التي توضع أمامه ويظل ابداعه مساهمة كبيرة في تشكيل الثقافة السودانية ولا أقول ذلك تقريظاً أو لأنه أستاذي بل ذلك وفق معطيات خطها هاشم بقلمه المصادم شعراً ودراسة ونقداً ومسرحاً وأجمل ما كتب مسرحية نبته حبيبتي وهي مسرحية شعرية:- حبيبتي نبته متين يزورليك صباح ونواصل عن هاشم