النُظم الفعالة للرقابة على الأغذية في مختلف البلدان، هي أمر ضروري لحماية صحة المستهلكين المحليين وضمان سلامتهم. وهذه النُظم أيضاً حاسمة في تمكين البلدان من ضمان سلامة وجودة الأغذية التي تدخل التجارة الدولية وضمان اتفاق الأغذية المستوردة مع الاشتراطات الوطنية. وتفرض بيئة تجارة المنتجات الغذائية العالمية في الوقت الحاضر التزامات كبيرة على كل من البلدان المستوردة والمصدرة حتى تُعزز نُظم الرقابة على الأغذية لديها، وحتى تُطبق وتُنفذ استراتيجيات للرقابة على الأغذية استناداً إلى تقييم الأخطار. وقد أصبح المستهلكون يهتمون اهتماماً غير مسبوق بطريقة إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها، وتتزايد مطالباتهم بأن تتحمل الحكومات مسؤولية أكبر لحماية المستهلك وضمان سلامة الأغذية. وتهتم منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية اهتماماً كبيراً بتعزيز النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية التي تستند إلى المبادئ والخطوط التوجيهية العلمية، والتي تتناول جميع قطاعات السلسلة الغذائية. ولهذا أهمية خاصة في البلدان النامية في سعيها إلى تحسين سلامة الأغذية وجودتها ورفع مستوى التغذية، ولكن هذا الأمر يتطلب مستوى عالياً من الالتزام السياسي. وفي كثير من البلدان تكون الرقابة على الأغذية ضعيفة بسبب كثرة التشريعات وبسبب تعدد جهات الاختصاص وبسبب نقاط الضعف في الرقابة والرصد والإنفاذ. وتسعى الخطوط التوجيهية التالية إلى تقديم المشورة للسلطات الوطنية بشأن استراتيجيات تقوية نُظم الرقابة على الأغذية بما يضمن حماية الصحة العامة ويمنع الغش والتحايل، ويتجنب تلويث الأغذية، ويساعد على تسهيل التجارة. ومن شأن هذه الخطوط التوجيهية أن تساعد السلطات على اختيار أنسب الخيارات في نُظم الرقابة على الأغذية من حيث التشريع والبنية الأساسية وآليات الإنفاذ. وتوضح الوثيقة المبادئ الواسعة التي تحكم نُظم الرقابة على الأغذية، وتقدم أمثلة على البنية الأساسية والأساليب التي يمكن أن تسير عليها النُظم الوطنية. وتستهدف هذه الخطوط التوجيهية السلطات الوطنية المعنية بضمان سلامة الأغذية وجودتها من أجل مصلحة المستهلكين والصحة العامة. كما أن هذه الخطوط التوجيهية ستساعد كثيراً من أصحاب المصلحة ومنهم مجموعات المستهلكين، ومنظمات الصناعة والتجارة، ومجموعات المزارعين وأية مجموعات أو رابطات أخرى تؤثر في السياسة الوطنية في هذا المجال. وسلامة الأغذية قضية أساسية في الصحة العامة في جميع البلدان. وتُعتبر الأمراض المنقولة بالأغذية بسبب كائنات مُمرضة ميكروبية أو توكسينات بيولوجية وملوثات كيميائية، تهديداً كبيراً لصحة آلاف الملايين من الناس. وقد حدثت في العقود الماضية حالات مرضية ضخمة بسبب الأغذية في كل قارة من القارات، مما يُثبت أهمية هذه الأمراض وخطورتها على الصحة العامة والمجتمع. وينظر المستهلكون في كل مكان إلى انتشار الأمراض المنقولة بالأغذية على أنه مصدر قلق متزايد دائماً، ولكن المحتمل أن يكون ظهور الأمراض هو مجرد الجانب الظاهر من مشكلة أوسع من ذلك بكثير وأطول أمداً. وتؤثر تلك الأمراض تأثيراً كبيراً في صحة الناس وطريقة عيشهم، بل أن لها نتائج اقتصادية للأفراد والعائلات والمجتمعات ولدوائر الأعمال ولبلدان بأكملها. وتُلقي هذه الأمراض عبئاً ثقيلاً على نظم الرعاية الصحية، وتقلل من الإنتاجية الاقتصادية بدرجة ظاهرة. ولما كان الفقراء يعيشون من يوم إلى يوم، فإن خسارة الدخل بسبب أمراض منقولة بالأغذية، تعني أن دورة الفقر ستظل قائمة لأمد طويل. [email protected]