أوردت صحيفة الرأي العام ( الحكومية ) بتاريخ 7شعبان الموافق 9يوليو خبرا يحمل عنوانا عريضا له ( ورشة برلمانية تحذر من انحلال خلقي وسط طلاب الجامعات ) ، ومفاده أن ورشة برلمانية أقيمت ( من النواب الجدد المنتخبين ) يمثلون لجنة التربية و التعليم و البحث العلمي بالمجلس الوطني ، أقاموا ورشة عمل كشفت عن وجود احصائيات مخيفة وسط طلاب الجامعات تؤكد تفشي ظواهر الانحلال الخلقي وسطهم ! ! ؟ الورشة حصرت هذه الظواهرالسالبة في تعاطي المخدرات و الزواج العرفي و تبادل الصور و الأفلام الفاضحة وسط الطلاب ، فيما جاء في الخبرأنها وضعت (توصيات) ؟ وصفت بأنها ( صارمة )؟ للحد من تلك الظواهر ،و لم يتأتَ للأسف الشديد نفس الخبر على ذكرها ؟، ثم أوصت الورشة في الأخير البرلمان باجراء دراسات علمية حول هذه الظواهر السالبة ؟، وطالبت الورشة بدعوة الأحزاب السياسية لايقاف تحريض منسوبيها على العنف داخل الجامعات ثم عقد مؤتمر ( قومي ) ؟ حول ظاهرة العنف الطلابي و إعادة النظر في مهام عمادات الطلاب .......... والى ذلك تقريبا تنتهي خلاصة الخبر ! ! ؟ هنا قد ينصرف فكر القارئ الكريم كما حدا بي الأمر في بادئه نحو التساؤل عن ما أثار انتباهي في هذه القضايا المتناولة من قبل نواب البرلمان ! ! ؟ هل من هولها أوشدة بأس ذكرها في بلد يدعى الأممية الإسلامية على مختلف بقاع و أرقاع الأرض ، أم من فرضية مدى تأثير النتائج المترتبة عليها على تماسك و استقرار المجتمع ؟ وحتى لا يخيب ظنك في شخصي الضعيف أيها الأعز الأشم في درجة ميولي الغريزي نحو التقاط الخبر المفيد من غيره الغث الذي لايغني ولا يسمن من جوع ، وحتى لا ينتابك أيضا شك في درجة انتمائي الوطني لتراب هذا البلد ، أو اهتمامي العام بهمومه وقضاياه الساخنة أيا كانت صبغتها ؟ أستسمحك الصراحة و الوضوح بإعلامك أن المقصد و المبتغى غير ذلك تماما ! ! ؟ فأنا لم أخطط القلم للكتابة لأشرّح هذه الظواهر ، ثم لأفُتي و أنُظر في الأسباب التي راجت من أجلها المخدرات وسط اليفع والشباب ، أو لأتساءل معك لماذا انحدر بنا الأمر ليطفو على السطح كدر كمثل ماينشر من حوادث الشقق المستأجرة !! ؟ فللأسف الشديد وجدت هواي قد جنح و اشتط بي بعيدا عن كل ذلك ، حتى أنني خلت نفسي وبدأت بمحاسبتها و اتهامها من هول ما ذكره وتناوله النواب بالبرلمان من قضايا انحراف اجتماعي يهتز لها البدن و تقشعر لها الأطراف و تتهادى معها الأوصال ولم تحرك فيني شيئا أنني أضحيت شخصا غريب الأطوار ومتبلد الأحاسيس وسلبي التفاعل تجاه مايجري من حولي ، وقد يمتد بي الحال فرسخا لأسير في الأخير على البرية كالرجرجة الدهماء صائحا بملئ فمي وبأعلى صوت لي كأفراد شعبي الذين تداركوا الصعاب و هزموا روح الإباء فيهم و قنعوا بالقليل مستأثرين باللحاف القدر الكراعهم وهم يرددون شعارات مافتئت تنخر أجسادهم من فرط تغلغلها فيها كشاكلة ( جنا تعرفه أخير ليك من جنا مابتعرفه ) أو ذلك الآخر ( الباب البجيب ليك منه الريح سده و أستريح ) ........ ! ! ؟ نعم أيها الكريم الحليم يامن تجاسرت معك الهمم وتجمعت لك القسمات فإني أستفتيت قلبي و أستفتاني و آراني كيف أن القاصي و الداني في بلدي يعلم أن مجتمعه المحلي المتشكل حديثا ( في مدى العقدين السابقين ) يرى في مثل هذه القضايا الاجتماعية من فيلق الحديث عن الزواج العرفي أو انتشار المخدرات وسط فئة الشباب من الطلاب أو غيرهم ، أو ظاهرة رواج الأغاني الهابطة أو حوادث الشقق المفروشة المؤجرة ، ثم حوادث الانتحار من زمرة اليائسين من شظف و درك الحياة بالسودان قفزا من (كبري أو عمود كهربا ) ، تكرارا لروايات متجددة و اسرافا للوقت و ترفا للحديث وملهاة يتداولها الناس حينا بعد حين للمؤانسة لا غير دون أن يحرك ذلك في أحدهم ساكنا أو من أية جهة بعينها سواء كانت تلك الجهة رسمية (قيادة تنفيذية مثل الوزارات أو إعلام مرئي - مسموع ) أو غير رسمية كمثل منظمات حقوق الإنسان و المجتمع المدني ! ! ؟ لذلك سوف أتفق قطعا معك في الأخير أنك قد لا تلقى جديدا في ذلك الخبر أو تلك القضايا المبتذلة تكرارا و لواكة كمحصلة شخصي الضعيف فيها ، سوى أنه إن أمعنت النظرقليلا في صفات شخوصها و دققت الانتباه في خلفياتهم الاعتبارية ، قد تلحظ خفتة أنها بقدرة واحد أحد كانت بالأمس تروى و تغنى و تغرد بلسان الأحزاب و القوى السياسية المعارضة ، وتحولت اليوم عبر نواب ( الشجرة ) بالبرلمان و مسؤولي الصندوق القومي للطلاب تصدح وتتعالى و تتلعلع بلسان الحكومة ... وفي ظني أن ذلك في عينه تطورايجابي ملحوظ أرجو منك أن لا تسفهه لأنه يظل أول الغيث على مسار الاعتراف الجماعي للنخبة بوجود المشكل وتأصله في تربتنا !!؟ وحتى لا ندور كثيرا نعود للقول بأن حديثنا و مقصدنا يا كريم الأصل و صادق النية نحا و اتجه بنا عن المتداول من خرطميات الأزمات المتجددة في البلاد متخطيا عتبة عناوينها الى أدراج إطارها الخارجي ؟ فجنحت مليا سائحا متأملا و متفكرا في ظاهرة أو موضة عقد ورش العمل التي تنظم في السودان لمعالجة القضايا و الأزمات ! ! ؟ ثم مايأخذك بعدها أمر بريق كلماتها التي تترى و أوراق عملها التي تطفح و لمعان توصياتها التي تجمع في الأخيرلتخلد للذكرى والتأريخ ! ! ؟ و يأتي تباعا لذلك المنحى مربط الفرس و التساؤل الذي يحوم حولها ؟ ماذا كانت النتائج المستقاة منها واثرها في معالجة هذه القضايا على أرض الواقع ؟ هل يجد نتاجها آذانا صاغية من صانع القرار ؟ وهل أحدثت تغييرا حقيقيا على مسار العلاج لهذه القضايا على مقدار كمها المنظم ؟ أم أنها لم تتجاوز بكامل مخرجاتها ردهات القاعات الفخيمة و مراسم الضيافة الطائية و الفنكهة و الفرشخة المراسمية دون أن تجد في الأخير أي من هذه التوصيات أو أوراق العمل طريقها للتبلور في إطار برنامج محدد أو استراتيجة ملموسة يستشعر نتائجها الشارع العام ! !؟ ، فنتفادى في أحسن الأحوال واقل التقديرات اعترافا صريحا واضحا من داخل برلمان الأمة( المنتخب ) من نفر من نوابه نتنسم بموجبه صفة أننا بتنا أمة مسطولة تجنح لضيق وشظف عيشها للزواج العرفي و تتسلطن (عبر التعبير الشامي ) بفن الغناء الهابط ، ثم أنها تنشر في الخفاء ثقافة الغرب المنحل عبر نشاطها الدؤوب في الشقق السياحية المفروشة ! ! ؟ والشاهد أننا أيضا وقبل أن نستطرد طويلا في جرد حسابها و مخرجاتها، سوف نجد أننا ( و بشهادة العالم بأسره ) من زمرة قوم تمرسنا فيها وأستعصمنا منذ أمد ليس ببعيد بحبل و حرفة عقدها وتنظيمها واستقبال أرتال من ضيوفها و توديع آخرين ثم معاود الكرة قبل أن يتلاشى دخان طائرات السالفين من سماء الخرطوم ، بقدر أراه أنه أن قيض له أن تضع له احصائيات رسمية دولية سوف يجد له لا محال طريقا معبدا سلسبيلا ليسجل في موسوعة قينيس للأرقام القياسية ، مع حقوق النشر المحفوظة لدوائر الأرشيف الوزارية التي سوف تحتضن في الأخير مخرجات كل هذه التظاهرات الألاحتفالية ! ! ؟ فالحديث عن ورش العمل التي تعقد في بلادنا يمكن لك أن تقرأ عنه توالي خبري يومي في الصحف والإعلام المرئي والمسموع عبر تظاهرة هنا أو هناك أقامتها جهة حكومية أو غير ذلك ؟ وقد يستهديك الله عز وجل أيها اللبيب الحاذق لترى كيفما رأيت أن الأمر لن يخرج في خاتمة المطاف من مسار تقليدي وحلقة ضيقة واحدة تندرج في ( عرض القضية - الحديث عن انتشارها ولا ضير من إضافة و ذكر مضارها - الفذلكة المصاحبة للعرض ثقافية كانت أو فكرية - ثم التنديد والدعوة لمحاربتها (إنشائيا ) عبر رزمة من البرامج الموضوعة داخل ردهات القاعة المكتظة بالحضور - وبعدها يتم تناول الوجبات والمرطبات - و انفضاض المؤتمر أو الورشة الميمونة بعد أن يتجاذب الحضور فيما بينهم القصص و الأحاجي و خلق العلاقات الاجتماعية ذات المنحى الشخصي و المغزى الخاص ) والأمثلة على ذلك تطول و تسرح ولا تنتهي ....... ! ! ؟ فنواب البرلمان الذين عقدوا الورشة المذكورة أعلاه ، بدأوا بعرض القضية بالاعتراف بأن ( 5-7 متعاطين ) يتم ضبطهم أسبوعيا في جامعة السودان ، وأن التفاوت الطبقي في وجود طلاب أثرياء وآخرين فقراء هو سبب الزواج العرفي بينهم؟ ، ثم قاموا بدعوة الصندوق القومي لعدم ايجار المنازل للطلاب لأنه تسبب في وجود انحلال خلقى وسطهم ( دون أن يتكرموا بذكر البدائل الفورية للصندوق لتسكين الطلاب ) ! ! ؟ . بعدها عاثوا جردا و تفصيلا في أسباب استفحال و انتشارهذه الظواهر السالبة ؟ ، وقرروا أنه يجب أن تعقد دراسات علمية لفهمها من جهة ؟ ، ثم ومن جهة أخرى حددوا ومن نفس الورشة متجاوزين أمر هذه الدراسات المفترضة ؟روشتة الحل والعلاج فطالبوا بتوحيد الزي الجامعي لدرء هذه الظواهر لأن مايلبسه الطلاب حاليا هو نواة انحلالهم الخلقي ؟ وقاموا في الأخير بمطالبة البرلمان و ديوان الزكاة و الصندوق القومي لدعم الطلاب بتصحيح الأوضاع و معالجة القصور ثم الاستمرار في تقييم هذه الظواهر بإعداد اوراق العمل و الدراسات الاضافية المختصة ! ! ؟