جون كيو مواطن أمريكي أسود أنفق عقدين من عمره وهو يكدح في مهنة عمالية في أحد المصانع الأمريكية. ذات يوم يفاجأ جون بتقليص أوقات دوامه في المصنع وبالتالي ينخفض دخله الشهري مما يدفع البنك لاسترداد سيارة زوجته، ويدخل في دوامة المعاناة هو وزوجته وطفله ابن العشر سنوات. لم تتوقف المصائب به عند هذا الحد، اذ يدهمه وهو في خضم محنته المالية هذه مرض ابنه الذي يتضح أنه يعاني من مشاكل خطيرة في القلب تتطلب عملية زراعة قلب. يفاجأ الرجل المسكين أن استقطاعات التأمين الصحي التي أثقلت كاهله طوال سنوات كدحه في المصنع لا تغطي كلفة عملية زراعة القلب البالغة ربع مليون دولار، ويسقط في يده حينما تطالبه ادارة المستشفى بمبلغ خمسة وسبعين ألف دولار نظير ابقاء ابنه في غرفة العناية المكثفة، ودون ذلك طرد الصغير من المستشفى ليواجه مصير الموت المحتوم. لا يركن جون لليأس فراح يبيع عربته وكل أثاث بيته وحلي زوجته وبالكاد نجح في توفير عشرين ألف دولار الا أن ادارة المستشفى لا تملك قلباً رطباً يتفهم ظرفه الانساني ولا تملك أيضاً قلباً تزرعه في جسد طفله الوحيد الا اذا تم ايداع المبلغ الباهظ المطلوب. تحت هذا الضغط الرهيب تداعت قدرة جون كيو على الاحتمال وتقوض صبره على كل تلك القساوة ولم يجد سبيلاً سوى أن يشهر مسدسه في وجه ادارة المستشفى وأطبائه وحتى مرضاه ليحتجزهم رهائن مقابل مطلب انساني.. قلب لابنه المريض. راحت الفضائيات الأمريكية المختلفة تتقاطر صوب المستشفى وتنصب كاميراتها لتنقل الحدث لملايين المشاهدين من أبناء الشعب الأمريكي، ليس تعاطفاً مع جون كيو وابنه ولكن طمعاً في ملايين الدولارات التي تدرها مثل هذه التغطية الحية المباشرة وما يتخللها من اعلانات. كم كان مؤثراً مشهد جون كيو وهو يفاوض من خلف أبواب المستشفى الموصدة رئيس الشرطة الذي انتصبت من حوله بنادق القناصة وكاميرات التلفزة، ويصرخ فيه بصوت حزين ومتهدج: «عندما يمرض الناس ويلجأون للمستشفيات يجب أن يجدوا المساعدة.. أنا لن أدفن ابني.. ابني هو الذي يجب أن يدفنني. ذاك هو مطلبي الوحيد». هكذا أبدع الممثل الأمريكي دنزل واشنطن تجسيد شخصية جون كيو ذاك العامل البسيط الذي أنشبت فيه الرأسمالية كل مخالبها. هذا الفلم تم انتاجه قبل سنوات من الأزمة الحالية التي - وفي خلال بضعة أشهر - أفقدت أكثر من خمسة ملايين أمريكي وظائفهم وطردتهم البنوك من منازلهم وسحبت سياراتهم. ترى كم مثل جون كيو سيخرج من رحم هذه الأزمة المالية؟!