تشاء الصدف أن أشهد فعاليات مناشط منظمة صناع الامل الوليدة، وكان منشطها تحضير وجبة الإفطار لمرافقي مرضى السرطان بمستشفي الذرة، وحقاً كان منشطاً رائعاً وخيراً في شهر رمضان، حيث يكون الناس أقرب الى ربهم خصوصاً المرضى وذويهم يطلبون الشفاء ببركة الشهر الفضيل، هذه ليست الحكاية التي نحن بصددها، ولكن الكلام بجيب الكلام، فقد كانت الفرصة سانحة للتعرف عن كثب على اوضاع مستشفى الذرة وزيارة المرضى لاستكشاف ما وراء العيون الحزينة، وقد كان، فقد اكتشفنا وهي رسالة نهديها للجعجاعين في وزارة الصحة أن كل اربعة او خمسة اطفال من المصابين يرقدون في غرفة واحدة، أي بمعنى انه لا يوجد تخصيص بالنسبة للاطفال ولا لغيرهم، وإنما يكب المرضى جميعاً في غرف ضيقة لا تتحمل الانفاس ولا طول الزيارة. ويعيش المبنى الذي شيد على نفقة الرئيس في ظلام يلف الدرجات المؤدية الى الطوابق والسلالم، بل ذكرت لنا بعض المصادر ان المعدات التي جلبت خصيصاً لمرضى الذرة تختفي كل فترة بطريقة منظمة، وهي طريقة رفضتها احدى الطبيبات حينما اوصاها احدهم بضرورة فرش عيادتها الخاصة ببعض المعدات الموجودة في مخزن مستشفى الذرة. نعم اختفت التلفزيونات والاسرة والمراتب واغلب المعدات التي خصصت لبرج الذرة، ولا احد ينادي باجراء تحقيق، ولا احد يزور هؤلاء البؤساء الذين كتب عليهم ان يلازموا سرير المرض في مستشفى الذرة، والأنكى أن الأدوية التي تتبرع بها أسرة ضحية السرطان الفتى الالماني «مايكل»، هذه الأدوية يتم الحجز عليها في جمارك المطار في انتظار دفع المعلوم ليطلق سراحها، لتجد سبيلها الى مرضي السرطان، أي بمعنى ان الكافر الذي يتبرع بالدواء لمرضى المسلمين يقوم مسلمون آخرون بوضع رسوم لادخال هذه الادوية لمعالجة أهاليهم..!! إن ملف الصحة ملف موبوء بالفشل من أي اتجاه امسكته، واذا تركنا مرضى السرطان وهم يغالبون الصبر والتصبر في انتظار شفاء الله الذي يشفي الاسقام، فإن حكاية الجهاز الذي يرقد كالجنازة في عمارة سوداتل بمستشفى الخرطوم يحكي عن الكثير المثير الخطر، ويكشف التخبط الاداري والتصرف غير الموضوعي بشراء جهاز بالملايين وتركه عامين كاملين دون تشغيل بسبب انعدام بعض الملحقات الخاصة بالجهاز، ان الجهة التي اشترت الجهاز كانت تعلم بأهمية هذه الملحقات، ولهذا جاءت به ناقصاً نكاية في وزارة الصحة واللجنة الفنية التي باشرت عملية الشراء، او ان الموضوع اكبر من ذلك بكثير. إنه ملف الصحة ذلك الذي نتحدث عنه كل يوم، ولا أحد يستجيب أو يكون لجنة تحقيق في ما يجري، وإنما يستمر الوضع على ما هو عليه وتستمر عملية الترويج لإنشاءات جديدة تكلف المليارات ولا أحد يأبه لحال المستشفيات والمباني القائمة أصلاً لخدمة قضايا الصحة وتقديم الخدمة للمواطن، لا احد يهتم بنوعية الخدمة المقدمة للمواطن وتوفرها وعدم تكبيده مشقة السفر للعاصمة او للخارج بحثاً عن العلاج، وانما ينصب جل اهتمام رجال الدولة التنفيذيين في الصرف على المباني.