رمضان في بلادي له طقوس و نكهة خاصة وطعم مختلف يميز أهل السودان عن غيرهم من الدول العربية والإسلامية، طقوس الافطار فى رمضان تعرف ب (شراب المويات) وهى عبارة يطلقها السودانيون على لحظات الإفطار التي تحتضنها الشوارع والساحات العامة وليس داخل المنازل او حتى المساجد كما فى المجتمعات الاسلامية الاخرى ويعتبر من العار عدم المشاركة فى حلقات الافطار الجماعى. تجمع حلقات الافطار الجماعى فى العادة الرجال والصبيهة من اهل البيوت المتجاورة على جانبى الشارع، وقبيل حلول الشهر الكريم ينشط الشباب ويقومون بردم مساحة كافيه من الارض تستوعب الحضور من اهل الحى بجانب الاحتياطي من الضيوف حتى تصبح أعلى قليلا من مستوى الشارع، وفي بعض الاحياء التى يقطنها الميسوريون تفرش ساحات الإفطار بالرمل المشوب بالبياض ويحرصون على مد مستطيل باتجاه القبلة ليقوم مقام المحراب. وعند الأصيل حينما يبدأ العد التنازلي للإفطار يقوم الشباب برش المساحة المذكورة وما حولها بالماء لتلطيف الجو ومن ثم يفرشونها بما تيسر من المفروشات وفق المستوى المالى لاهل الحى، وهناك مفروشات لا يخرجها صاحبها الا فى رمضان ويطلق عليها اهل المنزل اسم «فراش رمضان». وقبيل أذان المغرب يجلس الرجال فوق هذه المفارش بينما ينهمك الشبان فى احضار الصوانى الرحبة التى تحمل طعام الافطار لوضعها فى المساحات غير المفروشة. وبعد اكتمال عملية احضار الصوانى يجلس الشبان الى جانب الكبار ومع ارتفاع صوت المؤذن تمتد الايدى الى اطباق البلح اولا على سبيل الاقتداء بالسنة ثم يعقب ذلك تناول المشروبات واهمها «الحلو مر» وعصير الليمون والفواكه المختلفه الى جانب المشروبات المحليه (المديدة) وهى مشروب ثخين القوام من الذره الرفيعه او القمح او الدخن او اللبن الخاثر المسكر المخلوط بالماء ويعرف (بالغباشة) وغيرها من المشروبات المحلية، بالاضافة الى المشروبات المجلوبة مثل قمرالدين وغيرها وبعد ان يتناول الصائمون ما تيسر من (البليلة) والمشروبات يرتفع صوت كبير المجموعه او امامها «استووا يرحمكم الله» فيقف الجميع لاداء صلاة المغرب وهى بالضبط ساعة الصفر لتنفيذ مشاريع الصغار حيث يهجمون على الصوانى وهم على يقين تام بان احدا لن يهتم بامر عدوانهم حرصا على صلاته فيسرحون ويمرحون ويفاخرون بعضهم البعض بأيهم ملأ بطنه اكثر من الآخر. وبعد الصلاة يتجه الكبار الى تناول وجبة الافطار وهى فى العاده السائده تحتوى على طبق رئيسى «العصيده» المصنوعة من الذره الرفيعه واحياناً تكون مخلوطه بدقيق القمح اما الإدام «الملاح» فغالباً ما يكون من التقليه او الروب او النعيميه وتختلف التقليه السودانيه عن نظيرتها المصريه فى ان قوامها مسحوق اللحم القديد المجفف اما ملاح الروب فهو طبيخ يختلط فيه البصل والزيت وزبدة الفول السودانى واللبن الرائب ومسحوق الباميه المجففه (الويكه) واما النعيمية فهى ملاح الروب نفسه مضافا اليه اللحم المفروم ومعجون الطماطم و البعض يضيف الى الملاح بعد سكبه على العصيده مقادير من السمن البلدى. وبعد تناول الافطار يتسع مجلس الأنس «الونسة» وخلال هذه الونسة يتسلى اهل المجلس من حين للآخر (بالبليلة) من الذرة او اللوبيا بانواعها او الحمص وهى فى العادة تكون مسلوقه مع قليل من الملح بالاضافه الى البلح وفى مجالس الميسورين التين والزبيب ومن آن لآخر تأتى آنية الشاى وقهوة البن وقبيل موعد صلاة التراويح والعشاء يذهب كل الى حال سبيله