اقترح أحد النواب الكويتيين في البرلمان الكويتي أن تدفع الحكومة مبلغ أربعة عشر ألف دولار أمريكي، ما يعادل حوالي الخمسة والعشرين مليون جنيه سوداني (بالقديم) لأي رجل متزوج يرغب في أن يتزوج بامرأة كويتية تجاوزت الأربعين من عمرها. وقال النائب البرلماني إنه اقترح ذلك بسبب المعدلات المخيفة للعنوسة في أوساط النساء الكويتيات. وطبعاً تلقى النائب الجرئ ردود فعل متباينة في المجتمع فمن الناس من أهداه باقات الورد ومنهم من قذفه بالبيض الفاسد شأنه شأن كل من رأى رأياً يتجاذبه الناس مدحاً وقدحاً. ولكني لم أر انتقاد أمرَّ من انتقاد امرأة قد تجاوزت الأربعين (وأظنها داخلة دخولاً قوياً على الخمسين) تشئ بذلك وجنتاها المنطفئتان اللتان تشبهان حبتي طماطم تركتا خارج الثلاجة ليوم ونصف... قالت إنها عانس وقالت إنها ناشطة في حقوق الإنسان وهي ترى أن هذا الاقتراح يسئ إلى كرامة المرأة الكويتية، وقد استمعت إلى كلامها كله ولكني لم استطع أن أخرج برأي قريب مما ذهبت إليه. وهي - فيما يبدو - من الكويتيات اللائي درسن في الغرب ويحرسن الثقافة الغربية ويرين أن كرامة المرأة هي في هذا الاتجاه البراقماتي الجديد الذي يرى أن أية محاولة لمساعدة المرأة هو طعن في قدراتها وكرامتها وإشارة إلى (الأفكار القديمة) بأنها ضعيفة تفتقر إلى العون! عموماً توصل بعض من حلل الأمر إلى أن هذه الغنيمة الباردة ستذهب في معظمها إلى سكان الأرياف الذين أصلاً سيتزوجون دفعت لهم هذه المعونة أو لم تدفع، وأن أهل القطاع الحضري هناك لن يستفيدوا منها لأن السكان في الكويت ليسوا محتاجين إلى إعانة للتزوج لو أنهم رغبوا فيه، لأنهم من أغنى سكان الكرة الأرضية. هل عنوسة النساء حالة نفسية معترية للرجال والنساء لا دخل للمال فيها؟ أم أن متطلبات الزواج هناك خرافية لا يستطيعها حتى الأغنياء في ذلك المجتمع الخاص؟ لم أتابع إن كان الاقتراح قد نجح أو فشل في الكويت، ولكني قلت: لماذا لا نجربه عندنا هنا في السودان؟ خاصة وان العقبة المالية هي العقبة الرئيسية في إحجام الرجال عن الزواج... طبعاً لا استبعد أية عوامل أخرى ولكني أراها تأتي في المحل الثاني أو الثالث أو الرابع في جدول الأولويات السودانية. لا أطلب للعريس السوداني 25 مليون جنيه كالتي ستدفع للعريس الكويتي، ولكن بحسب الحال فلتكن النصف أو حتى الثلث... وتبقى مشكلة المتزوجين الماثلة هي: من الذي سيكسر القيد ويستلم المال ويدخل في القفص الذهبي الثاني غير آبهٍ بتهديدات (الاستعمار القديم) هذا هو السؤال... كما يقول شكسبير ولويل.