من المهم ان يفهم ساستنا الأكارم ان المؤتمر الدولي المزمع عقده في الرابع والعشرين من الشهر الجاري ليس مؤتمراً دولياً بالصورة التي تتبادر الى الذهن وإنما هو عملية مراجعة شاملة للسياسة الامريكية تجاه السودان وتجاه اتفاق السلام الشامل وتجاه موقف الولاياتالمتحدة من مطالبات ما يسمى بمدعي محكمة الجنايات الدولية ، نعم ان المؤتمر سيكون امريكياً وسيجري عقده داخل الاراضي الامريكية لارسال رسالة الى العالم تزعم ان امريكا مع السلام ومع العدالة ومع دولة جديدة حرة ومستقلة تعلن عن نفسها في جنوب السودان وستحشد امريكا لها تأييد كافة دول العالم الحر . لقد ذكرت من قبل في هذه الزاوية ان الخارجية السودانية أغفلت بقصد او بغير قصد خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي ألقاه في دولة غانا إبان زيارته لها مطلع العام الحالي ، ولو تتبع ساستنا العبارات التي اطلقها الرئيس الامريكي في ذلك الخطاب بعنف قاصداً ارسال رسالة قوية الى الحكومة السودانية ، لو تتبعوا تلك العبارات لأدركوا حقيقة الاجندة التي سيتم تمريرها في مؤتمر الرابع والعشرين من الشهر الجاري وهي اجندة قديمة تمثل السياسة الامريكية تجاه السودان وتتلخص في عدم التعاون مع حكومة السودان في المجال الاقتصادي مادام نظام الحكم فيه يتخذ صبغة الاسلام كما تدعم حكومة الجنوب وتساعدها في قيام دولة منفصلة تتمتع بثرواتها النفطية والمعدنية وتكون موطئ قدم مناسب ومقراً دائماً ل ( آفريكوم ) بالاضافة الى ان سياسة امريكا مبنية على دعم العدالة الدولية رغم انها غير منضمة لميثاق روما وبالتالي سيكون من الذكاء المساعدة في عدم الافلات من العدالة كشعار انساني مرغوب . ان اهتمام امريكا بالوضع الحالي في السودان مبعثه ادراك الحكومة الامريكية لضبابية الوضع في السودان والبلاد تتقدم نحو التقسيم مع تقدم موعد الاستفتاء على مصير الجنوب ، هم يعلمون اكثر من الحكومة السودانية نفسها عن المآلات التي يفرزها الاستفتاء ولذلك يعملون على تلافي كثير من المغامرات التي يمكن ان تبرز وتطيح بمخطط تقسيم السودان فيضطرون الى استخدام الخطة ( ب ) كما حدث في العراق ، وحول هذا الامر كشف الرئيس أوباما في خطابه اوائل العام في غانا امام الملايين من الافارقة انهم ربما يضطرون لاستخدام القوات الامريكية الموجودة في افريقيا لمساعدة الافارقة في التخلص من الجنون الآيديولوجي المتمثل في الابادة على اساس العرق والتباين الثقافي وقال بالحرف الواحد ( يجب أن نصمد أمام وحشية حكومات بين ظهرانينا انها ليست ابدا مبررا لاستهداف الابرياء باسم الآيديولوجية وان نحكم بالإعدام على المجتمع ونستخدم القوة لقتل الأطفال في الحروب ، هي العلامة النهائية للإجرام والجبن لإدانة لا هوادة فيها على النساء واغتصابهن ، يجب علينا أن نكون شهودا على قيمة كل طفل في دارفور وكرامة كل امرأة) ثم يضيف ( نرحب بالخطوات التي يجري اتخاذها من قبل منظمات مثل الاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية لحل النزاعات ، وحفظ السلام ، ودعم المحتاجين ، ونحن نشجع على رؤية قوية وبنية الأمن الإقليمي التي يمكن أن تحقق فعالية ، عبر قوة تحمل عند الحاجة ، أمريكا تتحمل مسؤولية دفع هذه الرؤية ، وليس بالكلام فقط ، ولكن مع الدعم الذي يعزز القدرة الأفريقية ، وعندما تكون هناك إبادة جماعية في دارفور أو إرهابيين في الصومال ، فهذه ليست مجرد مشاكل أفريقيا بل تصبح هي تحديات الأمن العالمي ، وتتطلب استجابة عالمية هذا هو السبب في أننا مستعدون للمشاركة من خلال الدبلوماسية ، والمساعدة التقنية ، والدعم اللوجستي ، وسوف تقف وراء الجهود الرامية الى اجراء محاسبة مجرمي الحرب. واسمحوا لي أن أقول بوضوح لدينا قيادة افريقيا لا تركز على اقامة موطئ قدم في القارة ، بل على مواجهة هذه التحديات المشتركة لتعزيز الأمن في أميركا وأفريقيا والعالم .