قصة «عواد» في الفيلم المصري «عايز حقي» الذي تدور احداثه حول شاب جامعي يعمل سائق تاكسي، وفجأة يعثر على كتاب الدستور ويقرأه ليتعرف من خلاله على حقوقه وواجباته بوصفه مواطناً، فيقرر ان يطالب بكل حقوقه وفقا للدستور، ويريد أن يبيع وطنه حتى يأخذ حقه، وبالفعل يقنع أكثر من نصف الشعب بعمل توكيل له حتى يبيع الوطن، وأحداث الفيلم الكوميدية تحمل رسائل كثيرة في اطار كوميدي. فاحد مشاهده تصور «صابر» الذي اوكله الشعب ليبيع الوطن، يلتقي بشيخ كبير ملئ بالحكمة، فيجلس بجواره «صابر» فيناديه الشيخ يا «عواد» ويرد صابر: «أنا مش عواد أنا صابر» ويرد الشيخ: «لا أنت عواد وتاني عواد.. أنت اصلك ما تعرفش عواد»، ويحكي له قصة عواد الذي باع أرضه، وكيف أن العيال كل يوم يزفونه ويهللون حوله قائلين: «عواد باع أرضه يا ناس، عواد باع أرضه يا ناس، شوفوا طولو وعرضه يا ناس، بهدلوه، مع أن الارض كانت أرضه «ملكه». وقال له: «ما بالك بالذي يريد أن يبيع وطنه، ده يزفوا إزاي؟» والمشهد ينتهي بصمت يخيم عليه، وتتسارع أحداث الفيلم ليتهم الشعب «صابر» بالخيانة. والفيلم رغم القالب الكوميدي الذي قدم فيه إلا أنه يبرز معاني كثيرة للوطنية، وكيف أن الضمير لا يموت أبداً، فالوطنية لا تحتاج الى شعارات منمقة وبدل أنيقة «وعمم تتطاول» هنا وهناك، وانما هي أن تعطي كل ما عندك لأجل الوطن، ولا أتصور كيف كان يرى شريكا الحكم مستقبل الوطن طوال الفترة الماضية، فالشاهد يقول إنهما قد حشد جيداً حتى تخرج الانتخابات بالطريقة التي ترضيهما، وقاتلا من أجل أن يظفر أي منهما بالجزء الأكبر من كيكة الوطن، ولم تكن الوحدة الجاذبة من أولوياتهما على الاطلاق، بل اورثونا وطناً تنهشه المصائب من كل طرف، الى أن وصل الوضع الى أن يطالب بعض أهله بحق تقرير المصير، فحالنا أصبح كمن يغرس السكين في داخلك بينما يمسك بمقبض السكين شخص ما في مكان ما ويحرك بغضب وحقد فلا يردعه ضمير ولا أخلاق. ٭ جرس أخير: لم أتفاجأ مثل كثيرين بالصوت الداوي للانفصاليين في المناظرة التي شهدتها قاعة الصداقة الخميس الماضي، ببساطة لأن حضورها لم يكن من عامة الناس، بل الحضور الانفصالي كان هو الطاغي، وغاب فيها صوت المواطن الغلبان، وربما لم يحضروا لأنهم عرفوا ما ستؤول اليه النتيجة بعد الاستفتاء. فالأمر كما يقول أحد الزملاء إن الوحدة أو الانفصال مرهونان باتفاق الطرفين، إن ارادا الوحدة فعلا ذلك وان اختلفا ضاع الوطن، ولا أدري الى ماذا يرمز.. ولكني لا أتصور كيف يكون الوطن بعد اربعة أشهر حسوماً. إذن المسؤولية تاريخية أمام الله والوطن والشعب، فليتحمل هؤلاء عبء تقسيم الوطن وتغيير خارطته الى الابد، أو ينسوا خلافاتهم ولا يكونوا مثل «عواد» الذي يريد أن يبيع وطنه من أجل مكاسبه الشخصية، وعندها لا ينفع الندم ولا البكاء. [email protected]