في هذا الزمن البائس بتنا لا نميز بين الخير والشر وبين الخبيث والطيب وبين الصالح والطالح بين ما هو وطني وبين ما هو جريمة فى حق الوطن وبين وبين وبين والقائمة تطول ووقعنا فى الشبهات بل أصبحت المحرمات الوطنية هى الأصل وتشابهت علينا بقرة الحق وفقدنا البوصلة وأصبحت ضمائرنا فى سبات عميق يطمرها غبار الباطل وران على قلوبنا بسقم دواخلنا وقبح أفعالنا . نيفاشا وما أدراك ما نيفاشا بعد ما توقيع ما يسمى سلا م نيفاشا أصبحت الآلة الإعلامية للإنقاذ تسوق وتروج ليلا ونهارا للشعب السوداني تضليلا وتكذيبا بان اتفاق نيفاشا هو سلام وكأن الشعب السوداني قطيع من البهائم لا يفقهون من القول إلا قليلا وتناسوا بأن الشعب السوداني هم من أكثر الشعوب المفطورة على السياسة نيفاشا كان طعنا للوطن للأسف في مقتل لا يجدي معه ترميم الأسنان لابتسامات الذل والهوان والتفريط بعد فوات الأوان بل كنا فى حوجة شديدة لترميم الضمائر وإصلاح وتوسيع مساحات الوطنية فى نفوسنا قبل وبعد استسلام نيفاشا !! نعم استسلام نيفاشا دعنا نسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية ولو لمرة واحدة بعيدا من التضليل الحكومي , لا احد كائن من كان يستطيع ان يقنع الشعب السودانى الصابر الصامت ان اتفاق نيفاشا كان سلاما ولسبب بسيط جدا لا سلام مع حق تقرير المصير لان السلام الذى لا يأمن وحدة تراب الوطن ويتركها للاماني الطيبة (الوحدة الجاذبة) بكل بساطة هو استسلام وتفريط وجريمة فى حق المليون ميل مربع انا هنا لا ألوم أبدا الحركة الشعبية لتحرير السودان التى نالت سقف مطالبها لأن حق تقرير المصير هو الأمنية القصوى لأي حركة متمردة فى العالم وبمجرد الاعتراف بهذا المطلب (الحق) يكون التمرد قد حقق انتصارا وتنتفي عنده أسباب التمرد وسوف يجنح للسلام بعد أن الحق بالحكومة ذل الهزيمة , والهزيمة ليس بالضرورة ان يكون عسكريا لأن الحرب ما هي إلا وسيلة لإجبار الخصم لنيل المطالب والعبرة كما يقولون بالنتائج والنتيجة لم تستطيع الحكومة أن تحافظ على وحدة وطننا وميراث آبائنا بحجج واهية ومفلسة وفتحنا بابا لا نستطيع أبدا إغلاقه , اليوم الجنوب وغدا بالتأكيد دارفور والبقية آتية وكل ذلك بسبب مياعة سودانية (محن سودانية كما يسميها الأستاذ شوقي بدري ) نعم لابد من الاعتراف بأننا فقط جلاليب وعمم وعكاكيز ( يأخى عملنا جفاف وتصحر ) . نقول نحن ونحن كأننا نريد أن نريد ان نبرهن شيئا لا نستطيع إثباته أو كأن الهوية السودانية غير كافية أو كأننا لسنا من جنس ادم ونظرة سريعة لأي مراقب يستطيع بشكل سريع أن يرى حجم انجازاتنا ملايين من القتلى جنوبا وغربا ( بدم بارد ) وملايين أخرى من الجوعى والمشردين تملأ شاشات التلفاز وعملنا صور مجانية لتلفازات العالم كلما تأتى المناسبة عن الجوع والفقر والمرض وأضفنا لأول مرة فى التاريخ ضلع رابع للثالوث القاتل وهو التشرد وبعد كدة نهلل ونرقص فوق الجماجم بدون مبالاة على ايقاع الإفراط والتفريط ( النار ولعت ) ونسترسل فى تمجيد الذات ليلا ونهارا فى القنوات السودانية عودة الى الجاهلية البغيضة التى هي بذرة الشرور كلها : يقولون نحن وما نحن إلا شتات قوم قليلي الفعال نشيد من الأوهام قصورا ونرجو الواقع فى الخيال يقولون وكأننا بالقول سنبنى امة أو نحسم أمر النزال فديتك يا جنوب بأم نفسي إذا آلت أمورك الى انفصال النيل بالخير منك يجرى الم تدرى هواك من الشمال ووصلنا لمرحلة المياعة التى تتخلى الدولة فيها بكل بساطة ثلث أراضيها فقط لأنها سئمت الحرب ( إنها الهزيمة بعينها ) أو بحجج الضغوطات الخارجية ( انه العجز والإفلاس السياسي ألا جلستم فى بيوت أمهاتكم وآبائكم !!!! ) أو كيدا لخصومها السياسيين ( عدم وطنية ومسؤولية وتطفل ) أسوة بمؤتمر اسمرا للقرارات المصيرية وكثيرا ما يعللون تفريطهم هذا بقولهم لسنا الأول فى تقديم حق تقرير المصير وكأننا فى مزاد رخيص لتمزيق الوطن وتناسوا أنهم فى السلطة وهم المسؤوليين فى الحفاظ على وحدة البلد وليس ناس المعارضة الذين هم خارج السلطة وإذا كانت المعارضة فعلت ما فعلت وتفعل ما تفعل وهى خارج السلطة كتكتيك مرحلي لا ينبغي للحكومة أن تجارى المعارضة فى تكتيكاتها ويجب عليها أن تتصرف بطريقة مسئولة تصون وحدة البلاد ومصالح العباد , لا قدر الله اذا انفصل الجنوب أين ستذهب المسيرية وعرب الرزيقات بأبقارهم فى رحلة الشتاء والصيف ساذج من يظن أن الأمور سوف تسير على ما هى عليه الآن وعندئذ سوف تظهر مشاكل لا يعلم حجمها إلا الله سبحانه وتعالى وسوف نندم كثيرا حيث لا ينفع الندم . فى نيفاشا قد تم ذبح السودان بأيدى الإنقاذ وعملوا خنجرهم المسموم فى صدر الوطن وجعلوا من الفعلة أبطالا للسلام ومفكرين لا يشق لهم غبار وكأن فصل الجنوب هو التفكير العبقري الذي جادت به قريحة الإنقاذ لحل المشكلة بل هذا التفكير الجهمنى الانهزامي كان دافعا وسببا آخرا فى انفجار مشكلة دارفور. دارفور وما أدراك ما دارفور دارفور الآن تمر بنفس سيناريو الجنوب لقد قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي بعد انتصاره على الانجليز عن الثورة انهم يتجاهلونها ثم يسخرون منها ثم يحاربونها ثم تنتصر هذا الوصف انطبق تماما على مشكلة الجنوب والآن دارفور تسير فى نفس الخطى إذا لم تحل المشكلة حلا جذريا سوف يأتي اليوم الذي يظهر فيه حركات انفصالية كما حصل للجنوب فتتعقد المشكلة أكثر وأكثر . والآن بعد استسلام نيفاشا حق للإنقاذ أن تصون أسنانه لكى تضحك قليلا ( وسوف تبكى كثيرا) وهى ترى سمومها الانفصالية قد تفشى على بقية الأحزاب وهم يتكالبون إلى جوبا يخطبون ود أبطال الحركة الشعبية الذين مهروا بدمائهم نصف قرن من الزمان من أجل تحقيق العدالة فى السودان وقد فطنوا مبكرا اختلال موازيين العدالة فى السودان وانعدامها هو السبب الكامن للحرب طوال الخمسون سنة الماضية وكان مطلبهم إما عدالة ومواطنة كاملة أو تقرير المصير وبكل أسف أبت الروح العنصرية لقادة الإنقاذ الا أن تختار الأخير ضاربين بعرض الحائط وحدة البلاد ومصالح العباد , ألان العالم كله يسمع عويل الإنقاذ وهى تهرول شرقا وغربا وتستجدى ( البيسوا والمابيسوا ) من الدول لكى تخرج من عنق الزجاجة بعد ان جنت كذلك فى أهل دارفور لأنهم فقط طالبوا بالعدالة وتحقيق المواطنة وكأن الإنقاذ لم تستفيد من دروس الجنوب ولم تستوعب بعد لماذا كل هذا التمرد فى السودان خلافا لكل دول العالم الثالث ولا اعتقد أن سألت نفسها يوما هذا السؤال لكي تتلمس وتحسس مكامن الخلل في السودان وتعمل على تصحيحها ومعالجتها , ان العلاج والترياق الناجع لكل مشاكل السودان واضح كوضوح الشمس ( لا يحتاج إلى درس عصر ) ألا وهو العدالة ( رسن التعايش ) وهى خيط السبحة الذي يجمع ويربط الشعوب والقبائل داخل حدود الوطن الواحد باختلاف معتقداتهم وسحناتهم وألسنتهم . بكل أسف لا يوجد تخصص في الطب ما يسمى بطب الضمير والوطنية ربما هذه دعوة للتفكير فيه يقال أن الوطنية جينات تأتى عبر حليب الأم وتتوارث عبر الأجيال وهى العاطفة التي تربط بين الوطن والمواطن وهى تماثل العاطفة التي تربط بين الأم والرضيع , الظاهر أن هناك عطبا فى الجينات الوطنية لدى كثير من قادة الإنقاذ ويتجلى ذلك أن مساحات مقدرة من الاراضى السودانية محتلة فى حلايب وغيرها ولا يحرك فيهم ساكنا وثلث البلاد معرض للانفصال والثلث الآخر مبنى فى المجهول وقادتنا طال الله أعمارهم يضيعون وقتا ثمينا بين الفستان والبنطال أهو حرام أم حلال وتنجرف تفكير الأمة كلها إلى ( ما وراء ذلك ) مغيبين العقل فى الشهوات فى هروب جماعي خوفا من غد مجهول وحاضر السلام فيه مفقود ولعل حمل كثير من القبائل السودانية العصي والسكاكين فى حواضرهم وبواديهم (كأنهم يحسبون كل صيحة عليهم ) رغم وجودهم فى السودان منذ مئات السنين أكبر دليل , وهذه الظاهرة تستحق الدارسة لأن حمل السلاح هو فى حد ذاته نقطة ضعف وان كان ظاهريا يوحى خلاف ذلك وهو تعويض لنقص ولا يحمل السلاح من يشعر بالأمان والأمان لا يأتي إلا بإفشاء ثقافة السلام والسلام لا يأتي إلا بالعدالة ألم تدرك يا هذا أن العدالة هى كلمة السر , وربما سئل سائل كيف السبيل إلى تحقيق العدالة والجواب بسيط جدا هو تحقيق العدالة بتم فقط بمحاربة كل أشكال الفساد كما تعلمون أن الفساد المالي يضيع حقوق العباد ويثير الأحقاد وتنفرط معه عرى القيم الأخلاق والمثال للفساد المالي ( الدعوة الأخيرة لتأسيس اقتصاد سوداني عادل بعيداً عن الظلم والغش والتطفيف، اقتصاد يعود خيره للجميع، بلا تمييز وبعيداً عن الاحتكار ) والفساد العدلي يؤدى الى الظلم والظلم ظلمات يوم القيامة ومصدر كل الشرور والفتن والمثال للفساد العدلي (قضية بنطال الأستاذة لبنى والكيفية التي انتهت بها المحاكمة ) والفساد القانوني يقود الى الفوضى والمحاباة والمحسوبية وقانون الغاب والمثال الحي للفساد القانوني ( قانون النظام العام والمحاكم المتخصصة والمحليات باعتبارها دولة داخل دولة فى طريقة جمعها وصرفها للأموال العامة دون رقيب أو حسيب وقوانين الضرائب والجمارك والمرور القائمة على الرشوة الرسمية لمنسوبيها والفساد الديني اختصارا هو النفاق والنفاق هو عدم الإخلاص لله والعياذ بالله ( اتخاذ الدين ستارا وأكل حقوق الناس بالباطل والثراء الحرام [ التمكين ] والفساد الوطني هو المحصلة النهائية لكل أشكال الفساد ويؤدى إلى كساد الضمير والذي يؤدى بدوره الى الأنانية ( أنا او الطوفان ) والأنانية تقود إلى عدم المبالاة وعدم المبالاة يقود إلى ضياع الوطن هذا ما سميناه آنفا مياعة سودانية (جلاليب وعمم ) والمثال على الفساد الوطني هو التفريط فى وحدة الوطن وتآكل البلد من أطرافها ) الجنوب يكاد أن يفلت بين ايدينا بسبب هذة المياعة بعد أن فشلنا في تحقيق العدالة ومشكلة دارفور أساسها الفساد وهو السبب الرئيسي والمباشر والمسكوت عنه , معروف من مول التمرد في دارفور في بداياته وكيف حولت ملايين الدولارات من مشروع وهمي ( خلوها مستورة المقولة المشهورة) الى حسابات فى الخارج من عرق ستات الشاي وماسحي الأحذية وانين المرضى وفطور الطلاب , اذا كانت هناك محاسبة لما كانت هناك مشكلة فى دارفور وإذا كنا قد حاربنا كل أشكال الفساد وأقمنا موازين القسط والعدالة لما تحول المشروع الحضاري إلى مشروع غير حضاري يقتل فيه المسلم أخاه المسلم وبدلا إلى الدعوة إلى روح الإسلام من أخاء وعدالة ومساواة أصبحت الدعوة إلى القبلية هي الشغل الشاغل للإنقاذ ممثلة في الفضائية السودانية ( أبوك من وين وحبوبتك جاية من وين ودرست وين وهلم جرا من الأسئلة البدائية السخيفة القائمة على عدم الموضوعية والخواء الفكري والابداعى ) لقد وقعت الإنقاذ على استسلام نيفاشا كسبا للوقت وتطويلا لعمرها على سدة الحكم لمدة ست سنوات إضافية ولو كان على حساب وحدة الوطن والآن وقد مضت السنوات سريعة ونمت شجرة نيفاشا وقوى سوقها الانفصالي والحكومة تكاد أن تتنصل من الاتفاقية وبدلا من إيجاد الحلول الناجعة لمشكلة السودان المتمثلة في انعدام العدالة والمواطنة الحقة لجميع مواطنيها تريد أن تتمكيج بالبسمات العريضة بعد أن دقت الخازوق الذي لا ينفع معه كل الكريمات والمساحيق ولو لم ترتقي الحكومة لمستوى المسؤولية الوطنية وتعالج قضية حق تقرير المصير بصورة تحفظ للسودان وحدته وذلك باقناع الإخوة الجنوبيين وترضيتهم مهما كلف الأمر ( القضية قضية وطن ) سوف يذكر الشعب السوداني وكتب التاريخ حكومة الإنقاذ بأنها حكومة الإهمال التى فرطت على المليون ميل مربع وسوف لا يكون هناك أبطالا للسلام ولا يحزنون الا فى جنوب السودان . رسالة إلى المؤتمرين فى جوبا المؤتمر الوطني يقاطع مؤتمر جوبا ليس حرصا لعملية السلام كما يدعى لكنه سوف يعمل ببساطة كعادته في سرقة مجهوداتكم وخاصة الفقرات التي تخص موضوع الجنوب وسوف يقوم بتقديم كثير من الوعود الوهمية لإرباك واستمالة الحركة الشعبية مرة أخرى والعمل لإفراغ المؤتمر من أجندته وتوصياته الذي يرى فيه التهديد الاساسى لكسبه الانتخابات القادمة وعليه على المؤتمرين الأخذ بالاعتبار هذا الاحتمال . وكل سنة والشعب السوداني بخير 27/9/2009 salah mokhtar [[email protected]]