أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة د. تاج السر الحسن لمدرسة الفجر
تراث النقد السوداني
نشر في الصحافة يوم 21 - 09 - 2010

في كتابه «الابتدائية في الشعر العربي الحديث» لمؤلفه د. تاج السر الحسن فضل، لعله احد الفصول المهمة في هذا الكتاب الذي يجمع بين روح البحث العلمي الأكاديمي وخبرة الشاعر والاديب، مضافاً إلى ذلك روح الشاعر المتواضعة التي تستهويها البساطة بعيدا عن التعالم والتقعر.
وقد تبع في الفصل الرابع «البيانات الأدبية «المينافيستو» للحركة الادبية في الشعر العربي، وقد اهتم كما يقول بكشف العلاقات الموضوعية الشاملة التي تربط بين القاعدة النظرية والجمالية لفروع الحركة الرومانسية الابتدائية» في كل انحاء الوطن العربي، إن مجموع البيانات الأدبية والنشاط النقدي لهذه الحركة يكشف عن وحدة المقاييس الجمالية لهذه الحركة، ويحدد الاتجاه الرئيسي لها، مما يعطينا الصلاحية الكاملة في تسمية هذه الظاهرة بالمدرسة الابتدائية الرومانسية العربية، ولم نصل إلى هذه النتيجة بمجرد الصدفة، ولكن تم ذلك بسبب استيعابها لظهور ووضوح الاتجاهات الأدبية المشابهة في الآداب العالمية وعلى أساس نظرة شاملة لتاريخ الادب العالمي، ومقارنة التجربة الابداعية العربية واكتشاف خصائصها الذاتية من خلال كل ذلك.
ويقرر د. تاج السر في شرحه لمفهوم المدرسة، أن مفهوم المدرسة الادبية وجد وسيوجد في كل لآداب الانسانية، طالما اتجهت مجموعة من الادباء في جيل بعينه بهذا الدفع او ذاك الى التعبير عن الحياة انطلاقا من قيم فكرية وجمالية بعينها.
إن مصطلح المدرسة في علم نظرية الأدب الحديث يعني التفاف الفنانين حول مبدأ ما او التفاف الطلاب حول الاستاذ، وباختصار هي علاقة ما شخصية وابداعية من الكاتب نحو اتجاه ادبي بعينه او تيار فكري بالذات.
ان كولينشوف يؤكد ما ذهبنا إليه من أن المدرسة تتشكل من الميول المشتركة لأعضائها في توجههم نحو مقاييس بعينها في الفن والفكر، ولكن قبل ان تتكون المدرسة تمر نحو سيرها لبلوغ درجة النضوج بمراحل قد رصدت وعرفت في علم نظرية الادب، واذا كان النشاط الادبي في عهودها قبل التاريخ او في العصور الوسطى تسيطر عليه العفوية بصورة كبيرة، فإن هذه الوضعية قد تغيرت في المائة سنة الاخيرة، وهذا هو استاذنا جنادي بسيبلوف العالم والناقد الروسي الشهير استاذ نظرية الادب بمعهد جوركي للآداب وجامعة موسكو يلقي الضوء على هذه القضية المهمة.
وفي المائة سنة الأخيرة أصبح الإبداع الفني أكثر وعياً، فقد اصبح الكتاب يضعون اعتبارا كبيراً لعامل الوعي في اعداد هذه المبادئ، ومنحها اسماء خاصة بها، كما بدأوا يناقشون في مقالات ادبية القضايا الابداعية المتعلقة بتلك المبادئ، ومن ثم وضعوا نظرية ادبية تدعم هذه المبادئ الابداعية، كما انهم يصدرون بيانات خاصة تشرح عقيدتهم الفنية.
والسؤال الذي يقفز للخاطر أن السودان قد شهد بعد جيل الفجر محاولات لخلق تيارات أو ما يسمى المدرسة الادبية والفنية، ومن أشهرها تيار الغابة والصحراء ومدرسة الخرطوم في التشكيل، ومن الصعوبة بمكان تتبع آثار هذين التيارين، إلا في مصادر كتبت واتكأت على مقالات وحوارات لاستخلاص المبادئ العامة التي تحكم التيارين وما جرى مجراهما في تاريخنا الثقافي.
ولعلنا نذكر الاختلافات حول مفهوم الغابة والصحراء بين اطراف هذا التيار والرؤى المختلفة التي عبر عنها روادها، كما نذكر مدرسة الواحد التشكيلية والاختلافات التي عبر عنها اصحاب البيان، وكانت الكريستالية قد أصدرت بيانها في سبعينيات القرن الماضي وبيان الحديقة التشكيلية في الفترة الأخيرة، وكلها مساهمات لخلق تيارات ومدارس ادبية وفنية، وهي تحتاج منا لقراءة جديدة، مثلما تحتاج مدرسة الفجر السودانية الى قراءة اخرى، تضيف لقراءة د. تاج السر الحسن لها في إطار دراسته الابتدائية في الشعر العربي الحديث.
وتفيدنا هنا قراءة د. تاج السر الحسن الذي يضيف لمعرفتنا المستقاة من ادبنا العربي، ومن قراءات في الادب الانجليزي، وترجمات من الادب الفرنسي، يضيف تاج السر معرفة مستقاة من قراءته المتعمقة في الادب الروسي:
«ولعل خير قانون موضوعي ظهر لتحديد وكشف معالم المدرسة الادبية، هو ذلك الذي توصل اليه العالم الروسي أ. شاخوف في مطلع هذا القرن، فقد حدد بصورة لا تقبل الجدل الخطوات المرحلية التي تؤدي الواحدة منها للاخرى، لتنتهي بسيطرة الاتجاه الادبي المعين. ولكن الذي توصل اليه الاستاذ شاخوف نرجو ألا يفهم على أنه قانون جامد مذهبي، ولكنه في الواقع نظرة علمية قائمة على الرحابة وتقدير إمكانية التنوع والثراء والتناقض الممكن حدوثه حتى في اطار المدرسة الواحدة السائدة. ويختار شاخوف لدراسته الادب الاوربي في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، فهو يقول «إننا نرى الاتجاه الجديد هناك في انتاج شاتوبريان 8671-8481» «الاشارة الى الزمن من عندنا»، هذا الانتاج الذي كان نتاجا للظروف الاجتماعية والنفسية الجديدة. وبدأ يعطي في العشرينيات من القرن التاسع عشر مفاهيمه الجمالية ونظريته النقدية الادبية الخاصة به، ولهذه القاعدة يخضع كل تطور جديد في حقل الادب، اي البدء بالانتاج ومن ثم تصنيفه في وقت متأخر بصورة نظرية جمالية.
ويقرر د. السر الحسن في لغة هادئة رصينة «من بين فروع الحركة الابتدائية العربية» حركة الابتداعيين السودانيين في الثلاثينيات. وتميزت هذه الحركة باستقلالها ونضجها الى حد كبير، خصوصا في مجال الشعر، وعرفت فيما بعد باسم «مدرسة الفجر السودانية»، وبين ايدينا وثيقة مهمة من وثائق تلك المدرسة هي «مجلة الفجر»، واحتوت هذه المجلة نصف الشهرية على سجل شامل لشعراء ونقاد الادب الجديد في السودان، حيث رصدت المجلة للاتجاه التجديدي والدعوة الى تحرر الادب من القيود التقليدية، وتحرير الذات الإنسانية من القيود الصارمة التي فرضتها التقاليد المحافظة، يقول زعيم هذه المدرسة الناقد والشاعر محمد أحمد محجوب «مرت الأيام والشهور ونحن نعاني قسوة الزمن، ونصبر على تعنت المجتمع، ونبلو حياة السآمة والملل وتبلونا، محاولين ان نجد منها مخرجا، ساعين جهدنا لتغيير مجرى الحياة، ولم يطل انتظارنا فها هي الأزمة تنفرج، وتلوح في الافق البعيد طلائع فجر جديد، ونجمع رأينا على اصدار مجلة نصف شهرية تخدم الآداب والفنون، وتعمل على ترقية الادب العربي، وتجمع بين القديم والحديث، وتطعم أدب العرب الجيد المختار من ادب الغرب، واخترنا لها اسم «الفجر» لأننا مؤمنون بأنه فجر صادق سرعان ما يتلوه فلق الصباح فشمس الضحى ووهج الظهيرة».
في هذه السطور القليلة حدد المحجوب أهداف مجلة «الفجر» ودورها في تطوير الادب الجديد، لقد استطاع جماعة الفجر بكل ما اوتوه من قدرة على استيعاب الادب العربي الكلاسيكي ومن تطلع للتعرف على الثقافة الانجليزية وخصوصا الادب الانجليزي في مطلع القرن الماضي، استطاعوا خلق أسس الحركة الابتدائية في السودان، يقول المحجوب: «وها نحن نقرأ الأدب الانجليزي في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر»، ونقرأ الشعراء «البحيرة»، ولا ننسى نصيبنا من الادب العربي قديمه وحديثه». ويضيف المحجوب في نفس الصفحة «ونتجه الى مجلة النهضة السودانية نغذيها بنفثات أقلامنا، ونرسم الأسس الصحيحة للأدب والاجتماع، ونضع مقاييس النقد، ونرسل نفثات الشعر، ونكتب القصة السودانية»..الخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.