استمات الدكتور الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني امس في نفي ما تردد مؤخراً من معلومات تتعلق بتجميد عضويته وحظر نشاطه داخل الحزب على خلفية وجود صراع خفي مكتوم داخل اروقة الحزب الشيوعي بين انصار التجديد الداعين لقيام ثورة شبابية واجراء اصلاحات تستهدف اصلاح حال الحزب وهيكلته مرة اخرى حتى يكون مواكباً للحركة السياسية الناشطة بالبلاد، وبين تيار التقليد المتمسك ببقاء الحزب على ما هو عليه ويقف على قيادته جيل الشيوخ أمثال السكرتير العام محمد ابراهيم نقد وناطقه الرسمي يوسف حسين والتجاني الطيب وسليمان حامد وفاروق أبو عيسى الذي جاء به المؤتمر العام الاخير عضواً باللجنة المركزية للحزب الشيوعي بعد خروجه وانقطاعه من العمل التنظيمي لمدة تزيد عن العشرين عاماً.. ٭ وعودا على بدء فان المعلومة الواردة من داخل الحزب الشيوعي نفسه لا تقف عند حدود تجميد نشاط القيادي الشفيع خضر لكنها تتعدى ذلك لتؤكد ان الرجل توقف عن حضور اجتماعات اللجنة المركزية وقاطع دار الحزب بعد ان كان من اكثر المترددين على مقر الحزب بحي الخرطوم «3» بصورة راتبة ودائمة!! والشاهد ان الأقاويل التي ترددت وتم تداولها في اوساط الحزب تزامنت مع اتجاه آخر تقوده تيارات شبابية تنادي بالتجديد في صفوف الحزب والدعوة لقيام مؤتمر استثنائي لينتخب سكرتيرا عاما جديداً بديلاً لمحمد ابراهيم نقد الذي يصفه دعاة التجديد بانه يمر بمرحلة الشيخوخة الحرجة. ٭ ربما لا.. وحسب ما توفر من معلومات ل «الصحافة» فان الشفيع خضر خرج غاضباً من الخرطوم ممضياً وقتاً زاد عن الشهرين خارج البلاد متنقلاً ما بين العاصمة البريطانية لندن والقاهرة وحتى بعد عودته للخرطوم ظل منكباً على القراءة ومطالعة امهات الكتب مكتفياً بالتدوين والكتابة من داخل داره بدلاً من دار الحزب التي يعتبرها الشيوعيون دارهم الاصل. وبدأ الرجل صاحب القصة وهو الشفيع خضر مهتماً وحريصاً على معرفة مصدر الشائعة والجهات التي اطلقتها اكثر من حرصه على نفيها او اثباتها وذلك من خلال قوله ليَّ «اعطني اسماً واحداً من داخل الحزب لاعطيك بياناً رسمياً ينفي صحة ذلك». ٭ لكن طالما كانت شائعة فانه لا يتعامل مع الشائعات!! وحسبما يذكر لي الرفيق جوزيف موديستو عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي فان الشفيع خضر منتظم في حضور اجتماعات الحزب ويمارس نشاطه بصورة عادية كما انه يكتب بشكل مستمر بصحيفة الحزب «الميدان» فكيف يمكن أن تُجمد عضويته وهو يشارك في الكتابة في «الميدان» والحضور الى الدار؟! وقريباً من ذلك يذهب يوسف حسين الناطق الرسمي للحزب الشيوعي حينما ينفي تجميد عضوية الشفيع خضر ويؤكد لي بان «ليس لدينا تجميد للعضوية حسب ادبيات الحزب وتعامله مع عضويته». وحتى لو ابلغوا بطريقة مؤسسية عبر فرع الحزب في مكان ما بوجود خرق للنظام الداخلي او تجاوز العضو المعين لاي من اسس وقواعد الحزب فان الاجراء المتبع في هذه الحالة طبقاً لافادة يوسف حسين: هو تكوين لجنة لتقصي الحقائق وبعدها يمكن اتخاذ القرار المناسب حسب توصيات اللجنة!! ٭ حسناً لكن قد يقول احدكم ان نفي النفي نفسه ربما يكون اثباتاً لحالة معينة فالمعروف عن الشفيع خضر الذي كان مقيماً بالقاهرة اثناء فترة الكفاح المسلح ضد الانقاذ ممثلاً للحزب الشيوعي في تجمع المعارضة وعضواً ناشطاً بهيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي.. وسبق للحزب الشيوعي ان اختاره دون سواه من القيادات مبعوثاً وموفداً من الحزب الى اسمرا لمقابلة زعيم الحركة الشعبية الراحل د. جون قرنق قبيل توقيع اتفاق نيفاشا المعروف ان الرجل يمثل خياراً كثيراً من الشباب داخل الحزب الشيوعي نسبة لثقافته العالية والمامه باشكالات الحزب وربما لصغر سنه مقارنة بجيل الصف الاول في الحزب. ٭ والحقيقة ان الرجل يعد واحداً من دعاة التغيير والتجديد وله مواقف مشهودة في هذا الشأن سبق له ان اعد ورقة جريئة تناولت بالنقد البناء التجربة الماركسية واوضاع وافكار الحزب الشيوعي واعتبر في ورقته تلك ان الماركسية ما عادت تصلح كمرجعية فكرية للحزب الشيوعي السوداني!! ٭ على ان البعض الآن يتداول بالهمس حديثاً يبدو اقرب الى التصديق خاصة وسط العالمين ببواطن الامور داخل الحزب الشيوعي ان الامر في كثير من حالاته يبدو كصراع شخصي بين الدكتور الشفيع خضر ككادر شبابي ومحمد ابراهيم نقد كتنافس وصراع يتسابق فيه الرجلان نحو صدارة الحزب، وان كان ما ذكر اعلاه يمثل رؤى تجديدية لاصلاح حال الحزب الشيوعي فكيف يتم التعامل مع مطالب ورؤى التجديد وكيف تنظر قيادة الحزب للاصوات المتعالية التي تنشد التغيير عبر المطالبة بعقد مؤتمر استثنائي واعادة النظر في الملفات التنظيمية والسياسية والفكرية وربما حتى بتغيير مسمى الحزب نفسه؟! ٭ فيوسف حسين يعتبر المناداة بعقد المؤتمر الاستثنائي حقاً متاحاً ومشروعاً لاي عضو يقره وينص عليه دستور الحزب دون الخروج عن مقتضى المؤسسية والتسلسل الطبيعي عبر هيئات وفروع الحزب وصولاً للمركزية. يكتب العضو مطالبة مسببة وتناقش عبر هيئة وفرع الحزب واذا ما اوصت نصف هيئات الحزب وفروعه قيام المؤتمر الاستثنائي فالنتيجة قيام المؤتمر والا فالعكس صحيح. لكن.. ان تتم المطالبة بعقده من خلال صفحات الجرائد فهو ما يعتبره يوسف حسين خرقاً للدستور ومجرد «لعب عيال». ٭ حسناً.. ثمة وجهة نظر اخرى متعلقة بهذا الشأن تأتي من خارج اسوار الحزب الشيوعي فالمشجعون احياناً يقومون بادوار تفوق جهد «اللعيبة» فمحمد علي خوجلي الشيوعي السابق يعتبر ان مشكلة الحزب اكبر من شيخوخة نقد او شبابية الشفيع خضر لان اي حل لمشكلات الحزب يتجاوز وصفة المؤتمر الاستثنائي المختص بمعالجة القضايا التنظيمية ليصبح «تحصيل حاصل»، ويقوله لي خوجلي ان الحزب الشيوعي لو عقد مائة مؤتمر عام ولم يناقش قضايا بعينها يصفها بالاحداث المفصلية والتاريخية كثورة 52 مايو 9691م واحداث 91 يوليو والانتفاضة الشعبية في 5891م وقيام حكم الانقاذ في 9891م فلن يتقدم خطوة واحدة ناهيك عن حل كل مشاكله الداخلية التي تعقد الحزب العتيق عن التطور.. وهو ما لم يحدث خلال جلسات المؤتمر العام الاخير. ويقول خوجلي كذلك ان اساس الدعوة لعقد المؤتمر الاستثنائي ينبغي ان يكون جمع العضوية التي خرجت او اخرجت عن الحزب عن طريق الفروع في كل المدن وذلك من اجل اكساب القيادات شرعيتها او الاتيان بقيادة جديدة عبر المؤسسات. ٭ أخيراً.. يبدو الامر غريباً حينما تطفو الاخبار علناً بوجود ثورة شبابية داخل الحزب الشيوعي ثم تظهر شائعة تتزامن مع الخبر اعلاه بان الحزب جمّد عضوية الدكتور الشفيع خضر وذلك لسبب بسيط ذكره لي محمد علي خوجلي حينما قال: كنا في الحزب الشيوعي لمدة اربعين عاماً ولم تخرج اسرار الحزب للخارج فما الذي حدث؟!!». إنه سؤال يجيب عنه الزملاء في الحزب الشيوعي!!