يبدو أن صراعاً (مكتوماً) يدور الآن داخل أروقة الحزب الشيوعي (العجوز) في السودان والتي بدأت تطفو على السطح منذ انعقاد أول مرّة لمؤتمره العام (الخامس) بقاعة الصداقة العام الماضي بصورة علنية مما جعل حاجب الدهشة يرتفع حيث لم يعتد الحزب الشيوعي على العمل جهراً، وعقد مؤتمراته نهاراً وظل من أدبياته العمل في الخفاء وبسرية و(تحت الأرض) بصورة ترسخ في الأذهان، أنه ظل يعيش طور المراهقة السياسية لعقود ولا يجرؤ الظهور للعلن، وظلت كوادره (كأولاد الحور) يخشون ويرهبون العمل تحت ضوء الشمس أما لتكتيك أو لدواعي التخفي كحزب ذو قاعدة ضعيفة وفكر مستهجن في بلد يهوى ويتعلق بالتيار الإسلامي، والحراك السياسي الجهير، ولذلك لم يعقد الحزب مؤتمراً عاماً منذ (40) سنة، ولذا سارعت الجهات المسئولة على تأمينه لدى تدشينه مؤتمرهم العام (الخامس) بحضور الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني، ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض، ومحمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل. إلا أن خلافات نشبت بقوة بين الرفاق عندما برز وجود صراع ل(3) تيارات للحزب حول قضايا فكرية وهيكلية تنظيمية حيث طالب سكرتير الحزب محمد إبراهيم نقد بعدم التغيير فيما نادى القيادي بالحزب د.الشفيع خضر بضرورة المزاوجة بين القديم والجديد، بينما دعا التيار الثالث بقيادة سليمان حامد بأهمية إحداث تغيّرات كبيرة في كافة القضايا المطروحة الفكرية والتنظيمية وتجديد دماء الحزب باستبدال قيادة الحزب بقيادة شابة. ويبدو أن (الجودية) داخل الحزب جعلت ال(3) تيارات تنكمش إلى (تيارين) الأول يساند سكرتير الحزب نقد بعد انضمام تيار د.خضر إليه فيما فضل التيار الثاني دعم تيار القيادي سليمان حامد. والمعروف أن الحزب الشيوعي في السودان بدأت الصراعات داخله منذ العام (1947م) عندما سادت العلاقات الشخصية أكثر من الروابط التنظيمية، وهذا حسب إفادة عبدالخالق محجوب نفسه بكتابه بعنوان (لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني) ثم صراع آخر في العام (1952م) فجره تيار بقيادة السكرتير السابق للحزب الشيوعي عوض عبدالرازق حسم خلال المؤتمر الثاني للحزب الذي أقر وجود الحزب الشيوعي المستقل فخرجت مجموعة عبدالرازق من الحزب إلى غير رجعة، وحالياً يتجدد الصراع بعد ما رفع أعضاء أصيلين بالحزب مذكرة تطالب بدعوة اللجنة المركزية لعقد مؤتمر عام استثنائي للحزب بموجب صلاحيات اللجنة المجازة في دستور الحزب، وجاء في أخبار (الرائد) أن كل من الشفيع خضر، وسليمان حامد، وسعاد إبراهيم أحمد، تقدموا بمذكرة ضمت أكثر من (18) توقيعاً من عضوية مركزية الشيوعي التي تتجاوز (40) عضواً وبحسب مصادر رفيعة بالشيوعي فإن كل من جوزيف مديستو، ويوسف حسين عضو اللجنة يقودا تياراً مناصراً للسكرتير العام محمد إبراهيم نقد يعارض عقد المؤتمر الاستثنائي ووفقا لمصادر (الرائد) فإن مذكرة خضر وسعاد إبراهيم أحمد طالبت بعقد المؤتمر لوجود قضايا تتطلب البت العاجل بما لا يحتمل التأجيل إلى موعد عقد المؤتمر الدوري للحزب إلى جانب أن دستور الحزب يمنح المؤتمر الاستثنائي صلاحيات المؤتمر الدوري، ونفس الإجراءات في حال الموافقة على عقده قبل شهر على الأقل من الموعد. ولكن هل يقر الحزب العجوز بالخلافات المتصاعدة داخله أم يسعى جاهداً لإخفائها وإخماد أوراها توجهنا بسؤالٍ عن المغزى من معارضة مطلب أعضاء لانعقاد مؤتمر عام استثنائي للحزب، ويؤكد القيادي بالحزب الشيوعي واحد من تردد عن معارضتهم لانعقاد مؤتمر عام استثنائي للحزب ل(الرائد) أن (99%) من عضوية الحزب يروا أهمية إنفاذ توصيات وقرارات المؤتمر العام الخامس للحزب أولاً الذي تعمل اللجنة المركزية حالياً في إنفاذها، ويوضح حسب دستور الحزب فإن المؤتمر لا ينعقد إلا بنصاب يبلغ ال(50%) إلا أنه ينفي صدور الدعوة لانعقاد مؤتمر استثنائي من خضر الشفيع أو د.سعاد إبراهيم، ويرى أم من حق الأعضاء الآخرين الذين طالبوا بمؤتمر استثنائي المطالبة بذلك داخل هيئات الحزب إلا أن يستدرك ويشدد بالقول على إن من تقدموا بتلك الدعوة غير منتمين للحزب، ويدلل على ذلك بأنهم لجأوا في تلك الدعوة للإعلام لترويجها ولم تقدم للجنة المركزية للحزب. إذن هل ينجح الحزب الشيوعي في تطويق ولملمة خلافاته أم يفشل كما فشل من قبل في الاندياح بفكره الماركسي داخل السودان وترجمته واقعاً..؟ الأيام كفيلة بإجلاء الحقائق. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 5/7/2010م