في مثل هذا التاريخ من العام المنصرم (22 سبتمبر 9002م)، رحلت عن دنيانا الفانية الاخت الاستاذة والقدوة والرائدة والملهمة سعاد أبو كشوة، امرأة صدم رحيلها المفاجئ افئدة المجتمع السوداني بكافة منظماته وتوجهاته إذ انها كانت ببساطة صديقة وزميلة للجميع وكان الجميع ومازالوا يتطلعون الى المستقبل من خلال مشاركاتها وكان الجميع وما زالوا في انتظار ندوة، تحليل، ورشة، نقد بناء او ونسة وضحكة كما عهدت الراحلة ان تفعل مع الجميع. سعاد ابو كشوة تركت وراءها آمالا لاناس كانوا ينتظرون منها الكثير بعد، فهي امرأة يحوي حديثها فكرا وبرامج وآفاق عمل، تزامن موت سعاد مع رحيل نساء أخريات أثرين ساحات العمل النسوي والأكاديمي والسياسي مثل سارة الفاضل المهدي، آمال كنه وبدور ابو عفان فجعلن الساحة النسوية منتدى كبيرا اعتذر عن حضوره متحدثات وفاعلات قديرات، لم يكن احد يشعر او يعرف انها مريضة فسعاد ابو كشوة كانت امرأة شجاعة لم تعرف اليأس والخنوع وكانت تريد دورا اكبر رغم انها كانت امرأة تودع الحياة، كانت تريد ان تقهر الموت بداخلها عبر هذا الفيض من العطاء، انها من النساء الرائدات اللائي شققن الصمت وخرجن من كهف العصور ووقفن بروعة امام العصر. كتب عنها الكثيرون عقب وفاتها منهم الدكتور فتح الرحمن القاضي (سعاد أبو كشوة: حياة ذاخرة انطوت وسيرة باقية للتبصر) حيث اورد في مقاله عنها: تخرجت سعاد في كلية الآداب بجامعة الخرطوم قسم التنمية الريفية وقد كانت من اوائل العناصر النسائية اللائي استعان بهن الاستاذ كامل شوقي مفوض عام الاغاثة واعادة التعمير للانخراط في الادارة العامة لاعادة التعمير. ولم تكتف الاستاذة سعاد بخبرتها العملية بل سعت للمزاوجة بين العمل والعلم حيث شدت الرحال للولايات المتحدةالامريكية لتنال حظا اوفر من العلم فحصلت على درجتي الدبلوم والماجستير في التنمية من جامعة كلورادو لتعود الى البلاد مسلحة بمزيد من الخبرات المتعاظمة في مضمار العلم والعمل. واستمر عمل سعاد ممتدا على نحو موصول في مفوضية الاغاثة في عهود الاستاذ ابراهيم أبو عوف وعوض خليفة ومحمد أحمد الاغبش لتلتحق من بعد ذلك بمعهد الدراسات الانمائية بجامعة الخرطوم حيث شهد لها من واكب عملها بالبذل والاخلاص والتفاني وتعتبر الاستاذة سامية نهار التي زاملتها في المعهد من اللائي يشهدن لها بذلك الفضل. ولم تتقوقع سعاد في صومعة علمية بجامعة الخرطوم بل كانت ناشطة في مد جسور التواصل مع كافة مؤسسات المجتمع الرسمي والمدني في اشعاع فريد لا يعكس رسالة جامعة الخرطوم فحسب وانما يبرز بجلاء الرسالة الحقيقية لمؤسسات التعليم العالي في التواصل مع المجتمع وريادته. ويسجل التاريخ مساهمة الاستاذة سعاد الى جانب الدكتورة حسنات عوض ساتي في تأسيس معهد تنمية المرأة والعلوم الاسرية بجامعة افريقيا العالمية، وانخراطها للتعاون بهيئة التدريس. وبحكم اهتمامها فقد كانت سعاد تمتاز بعلائق وثيقة تربطها بمؤسسات المجتمع المدني حيث كان لها دور مشهود في مواكبة مسيرة هيئة سلام العزة في سائر مراحل التأسيس والتطوير تعزيزا لقضايا تنمية المرأة، وقد كانت سعاد الى حين مماتها تشغل موقعا متقدما بمجلس ادارة سلام العزة لترتقي الهيئة بفضل تلك الجهود وتحوز على الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الاجتماعي للامم المتحدة مؤخرا. ولم تجعل سعاد جهدها حصريا على سلام العزة بل انداحت خبراتها المتراكمة لتشمل العديد من مؤسسات العمل العام والطوعي فادوارها في ترقية الاتحاد العام للمرأة السودانية ومنظمة البر والتواصل معروفة ومشهودة وهي بلا شك تنسجم تماما مع اهتماماتها غير المسبوقة بقضايا التنمية بوجه عام وتنمية المرأة بوجه خاص). ندعو لها جميعا بالرحمة والمغفرة اللهم اغفر لها وارحمها واعف عنها واكرم نزلها ووسع مدخلها وأغسلها من خطاياها بالماء والثلج والبرد اللهم نقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس. أسرة معهد الدراسات والبحوث الانمائية جامعة الخرطوم