يبدو أن اتجاه وزارة المالية والاقتصاد الوطني والسياسات التي يتبعها بنك السودان المركزي للحد من ارتفاع سعر صرف العملات الحرة أمام الجنيه السوداني، بدأت تأتي أكلها. وإن كان على مستوى ضيق لا يكاد يشعر بها المواطن العادي في حياته، غير أن لها آثارا وإفرازات تحسبت لها الجهات المسؤولة بمزيد من الحزم وتشديد الرقابة على طرق صرف وتوزيع العملات الحرة، فكشفت جولة ل «الصحافة» على عدد من المصارف والصرافات وبعض ساحات السوق الموازي لبيع العملات الحرة، عن تباين واضح في أسعارها سواء على مستوى الجهات الرسمية «المصارف والصرافات» والسوق الموازي، حيث وصل سعر شراء الدولار في المصارف الى 2.500 جنيه، وفي الصرافات 2.380 جنيها، وفي السوق الموازي 2.850 جنيها، في وقت يباع فيه بالمصارف بواقع 2.510 جنيهات والصرافات 2.390 جنيها، وفي السوق الموازي بواقع 2.870 جنيها، واشتكى تجار السوق الموازي من ضعف حركة البيع والشراء، وعزوا ذلك إلى السياسات التي اتبعها بنك السودان المركزي أخيراً بتسليم العملات الحرة لطالبيها بالمطار، غير أنهم أكدوا أن القرارات الأخيرة التي أطلقتها وزارة المالية بالتنسيق مع هيئة الجمارك بزيادة التعرفة الجمركية وإيقاف استيراد بعض السلع زاد الطلب على العملات الحرة في السوق الموازي، بيد أنهم أكدوا أن الحملات المستمرة والتضييق عليهم من قبل رجال الأمن الاقتصادي والمحلية حد من انتعاش السوق الموازي، فيما أكد موظفو الصرافات تقيدهم والتزامهم التام بتعليمات البنك المركزي المشددة على تطبيقها بحذافيرها، وأوضحوا أن تلك السياسات خففت حدة الشد والتوتر التي كانوا يعملون تحت ضغوطها من قبل المواطنين، وقالوا إن السياسات الأخيرة قادت إلى حالة من الهدوء وذهاب القلق والهلع الذي تسلل إلى نفوس المواطنين. وقال أحد تجار السوق الموازي بالسوق العربي بالقرب من برج البركة، بعد أن دنوت منه وسألته عن واقع الحال بالسوق، قال إن معظم تجار العملة هجروها بعد سياسة البنك المركزي الأخيرة وتضييقه للخناق على السوق الموازي. وأوضح أن هذه السياسة أثرت على حجم المبيعات والمشتريات بالسوق الموازي، بجانب الحملات المستمرة من الأمن الاقتصادي وسلطات المحلية على التجار. وقال إن الحل الأمثل للقضاء على مسألة تجارة العملة خارج الإطار الرسمي لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق توفير العملات الحرة لكل من يطلبها، فعندها لن تجد من يبحث عنها خارج الإطار الرسمي، وإن ذهب إلى هناك فسيكون السعر موحدا، وبعدها لن يكون عصيَّا عودة سعر الدولار إلى ما كان عليه في السابق. وفي دوائر أحد المصارف أبانت لوحة العملات الحرة به مقارنة بالجنيه السوداني، أن سعر شراء الدولار 2.500 جنيه، وأن سعر بيعه 2.100 جنيه، فيما يباع اليورو بواقع 3.337 جنيها ويشترى ب 3.307 جنيهات، وأن سعر شراء الاسترليني 3.915 جنيها والبيع 3.931 جنيها، فيما يباع الريال السعودي بواقع 0.669 جنيها ويشترى ب 0.663 جنيها. وعلى صعيد المختصين يقول الدكتور محمد الناير إن القرارات الأخيرة التي أصدرتها وزارة المالية والاقتصاد الوطني للحد من استيراد بعض السلع، من شأنها أن تعمل على توفير قدر من النقد الأجنبي بالقدر الذي كان يخصص لشراء تلك السلع «السيارات أو استيراد الاسمنت وجميع السلع التي تشملها القرارات»، مما يقود إلى خلق استقرار نسبي في سعر الصرف على المستوى الرسمي، أما على صعيد السوق الموازي فيقول الناير إن أثر القرارات ربما كان سلبيا، وأنها لن تعالج مشاكله، بل من المتوقع أن يتنامى الطلب على العملات الحرة من السوق الموازي إذا ما أصرَّ التجار على الاستمرار في استيراد السلع التي حظرت استيرادها المالية، فعندها سيلجأون للسوق الموازي للحصول على النقد الأجنبي اللازم لا ستيرادها، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة سعر صرف العملات الحرة به.