لازالت مأساة قرية مرزوقة بمحلية شرق سنار تراوح مكانها رغم مضي أكثر من عامين على ظهورها ،و لم تفلح الجهود الرسمية الخجولة التي قامت بها حكومة ولاية سنار في وضع حد لمعاناة أهل القرية الذين باتوا يتوجسون خيفة من قادمات الأيام بداعي انتشار المرض وتجاهل الجهات الرسمية لواجباتها الأساسية وضعف تفاعلها مع الوباء الذي يرجع ظهوره وانتشاره الى وجود الماشية بالمنطقة والتي تسببت مخلفاتها في ظهور دودة المادورة او الفرنديت كما جاء في تقرير اللجنة الصحية التي أجرت بحثا بالقرية قبل عام ونصف لتحديد مسببات المرض وخلصت الى أن هذه الدودة السوداء تخترق وتتغلغل في الأطراف (الأرجل والأيدي) وتتسبب في إصابتها بالغرغرينة والصديد ومن ثم إتلافها والعلاج الوحيد هو البتر لإيقاف انتشار الدودة في الجسم ،ومنذ ظهور المرض بالقرية تشير الإحصاءات الى بتر أطراف 79 مواطناً من مختلف الأعمار تعرضوا للإصابة بالمرض الذي لايزال يتهدد السكان بالرغم من تنفيذهم لتوجيهات طبية قضت بضرورة إخراج حظائر الماشية خارج القرية ،إلا أن توصيات إحدى اللجان الصحية طالبت بترحيل القرية عن موقعها الحالي وذلك لوجود المرض في الأرض . وبعد استشعاره بخطورة المرض والأخطار التي تحدق بسكان القرية التي تفاعل معها مواطنو ولاية سنار ،أصدر والي سنار في العام الماضي قراراً قضى بترحيل القرية الى موقع بديل، وتم تكوين لجنة لهذا الغرض تحت اشراف معتمد شرق سنار الأسبق الهادي عبد الله وبرئاسة المدير التنفيذي للمحلية وعضوية آخرين ،ويقول الأستاذ عيسى محمد أحمد أحد أعضاء اللجنة التي تم تكليفها للنظر في مواقع بديلة لترحيل قرية مرزوقة إنهم زاروا القرية والعديد من المواقع وبعد دراسة متأنية تم تحديد ثلاثة مواقع لتكون مكانا للقرية الجديدة وهي جنوب القرية ،وجنينة الصقيرابي وهي تقع بالقرب من قرية كساب الجعليين ،بالإضافة الى منطقة كريمة البحر ،ويضيف: قمنا برفع التوصيات التي خلصنا إليها الى المعتمد ومن ثم الوالي الذي وجه بتنفيذ أمر ترحيل القرية الى الموقع الذي وقع عليه الاختيار من قبل أهل القرية وهو جنينة الصقيرابي . الى هنا تبدو القضية قد تم حلها ولكن على أرض الواقع ورغم مضي أكثر من عام على قرار الوالي لم يتم حلها وذلك بداعي رفض سكان منطقة كساب الجعليين للقرار والذي عملوا للحيلولة دون تنفيذه طوال الفترة الماضية ،وأمس الأول تصاعدت وتيرة الأحداث حينما شرعت السلطات في تنفيذ قرار الوالي وإجراء المسوحات والتخطيط توطئة لترحيل القرية الى الموقع الجديد إذ أن سكان كساب الجعليين تمترسوا خلف قرار رفضهم ،وحال تدخل معتمد شرق سنار بين مواجهات بين الشرطة ومواطني سكاب، والذين أرجع محمد المصطفى المكي وهو أحد مواطني القرية رفضهم القاطع بإنشاء قرية جديدة لأهالي مرزوقة بجنينة الصقيرابي الى عدد من الأسباب وقال :سكان قرية مرزوقة يمتهنون الرعي ويملكون أعداداً كبيرة من الماشية ومواطنو قرية كساب مزارعون وتحيط مزارعهم بالموقع البديل من كل الاتجاهات والذي يبعد عن قرية كساب خمسة كيلو مترات وهذا يعني تعرض زراعتهم للتعدي والتلف من قبل ماشية أهل مرزوقة وهذا أمر متوقع ويصعب السيطرة عليه وذلك لعدم وجود مراعي في المنطقة ،وبالإضافة الى ذلك لم تتم استشارتنا من قبل حكومة الولاية حول هذا الأمر ،ولذلك رفضنا ونخشى أن يتم تنفيذ القرار . من جانبها تؤكد الأستاذة رجاء السماني مشرفة الكتاب بمحلية شرق سنار على ضرورة ترحيل قرية مرزوقة من موقعها الحالي وذلك لان المرض استوطن ومن الصعب التخلص منه في ظل وجود السكان بالمنطقة ،وأشارت الى خطورته على الأطفال وكبار السن وكافة فئات القرية الذين ليس لهم ذنب ويجب أن يجدوا تعاطفاً من كل مواطني الولاية والمحلية وذلك لأنهم يواجهون مأساة حقيقية تتطلب تفاعل المجتمع والبحث عن حلول عاجلة ،وناشدت منظمات الصحة العالمية بالتدخل لاحتواء ومحاصرة المرض. إذا ربما تكون لسكان قرية كساب الجعليين دفوعاتهم وقناعاتهم التي يرتكزون عليها في قرار رفضهم ونؤكد احترامنا لها ولهم ،بيد أننا نتساءل مثل غيرنا من مواطني محلية شرق سنار (أليس المؤمنون كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟؟)