قيل إن أجمل بيت في الرثاء كتبه الطبيب وهو يزيد إبن عمر وهو شاعر مخضرم من قصيدته التي يرثي فيها قيس إبن عاصم المنقري حيث قال : فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما ويقول : عليك سلام الله قيس إبن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما تحية ما غادرته غرض الردى إذا زاد عن شحط بلادك سلما هذا الرثاء لا مثيل له إلا ما جاء به المتنبئ في رثاء خولة أخت سيف الدولة الحمداني والذي قال : طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بآمالي إلى الكذب حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا شرقت بالدمع حتيى كاد يشرق بي لقد رثا هؤلاء أحبابهم فمن يرثي لنا جنوب السودان الذي سوف ينفصل عنا ويغيب من غير مفاجأة حيث تمضي كافة الترتيبات علي قدم وساق لتقول ما كان فقد الجنوب هو فقد شخص واحد ولو كان في كرم قيس بن عاصم وجمال وجه خولة وصفاء نفسها ولكنه بنيان أمة كاملة أساسه الجماجم ودعامته الأعصاب وسقفه الآمال العراض ولكنه اليوم يتهدم ويزول بين عشية وضحاها. 2 - من يهدي للإنفصاليين الذين يريدون لأبناء الجنوب أن يخرجوا من الشمال حفاة عراة إذا وقع الإنفصال هذا القول الذي قاله مسكين الدارمي وهو ربيعة إبن عامر لمعاوية إبن أبي سفيان : أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح وإن إبن عم المرء فاعلم جناحه وهل ينهض البازي بغير جناح وما طالب الحاجات إلا مقرر وما نال شيئا طالب كنجاح 3 - ما نحن فيه اليوم من كيل بمكيالين في حياتنا ومعاملاتنا وتقديرنا للأمور حتيى ضاعت من شروط العدل والإنصاف لينطبق على حالنا ما قاله عبد الله إبن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : فعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا وقيل إن عبدالله هذا كان صديقا للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب فجرى بينهما شئ وقال فيه : إن حسينا كان شيئا ملفقا فكشفه التمحيص حتى بدا ليا فأنت أخي ما لم تكن لي حاجة فإن عرضت أيقنت أن لا أخا ليا فلا زاد ما بيني وبينك بعدما بلوتك في الحاجات الا تماديا 4- أريد مقالة يسمعها الفريق أول سلفاكير ميارديت فيعرض عن فكرة الإنفصال ويسمعها أبناء الجنوب فيقولون إنا باقون في وطننا الأم ويسمعها أبناء الشمال فيقولون منقو قل لا عاش من يفصلنا . نريد كلمة تحقن الدماء وتعيد للوطن هيبته وللإخوة ألقها ومكانها الطبيعي وهذا من تراثنا العربي وأدبنا النبوي ومشروعنا الرسالي القائم على لم الشمل .قيل إن الخليفة الثالث للمسلمين عثمان بن عفان تمثل بيت الشعر الذي يقول : فإن كنت مأكولا فكن خير آكل وإلا فأدركني ولما أمزق وكان ذلك في يوم الدار وأصل بيت الشعر لشاس بن نهار يخاطب به عمر بن المنذر بن إمرئ القيس لما هم الأخير بغزو قوم الشاعر فلما سمع ما قاله تركهم فما الذي ينهانا عن فصل بلادنا من قول أو حديث أو حكمة أو مقالة قائل أو خطبة قائد سياسي إبعثوا حكما من هنا وحكما من هنا وإن يريدا إصلاحا يوفقهما الله . 5- ظللنا نقول لأعدائنا الذين يحاولون النيل من بلادنا وتصغيرها من خلال المواقف أو فصل بعضها عن بعض : كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأعيا قرنه الوعل وها نحن في عقبنا الذي نحن فيه اليوم نقول لجنوبنا الحبيب : ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل وليس في الأمر من تناقض بين البيتين رغم ما في الأول من تحدي وفي الثاني من لوعة الفراق وهذا هو الأعشى الكبير دائما وأبدا من أهل الصهيل والأطيط . نخشى أن تكون حواء السودان قد عقمت في أن تلد من يوحد البلاد ويسعد الوطن ويجعل منه الأمة السودانية الواحدة صاحبة العطاء والكرم والمروءة : عقم النساء فلم يلدن شبيهة إن النساء بمثله عقم . وهذه طريقة سودانية في قول الشعر الذي يدعوأبناء الوطن لأن يضربوا المثل الأعلى في القدوة حتى أسماءهم تؤل لغيرهم من بني جلتهم تيمنا وتشبها بالرجال : فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح . أمات البنات إتلموا وبقوا إلدوا وعليهو يسموا وقد نسب المؤرخون هذا الكلام المليان للشاعر بن الأزرق وقيل إنه عني بقوله هذا أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان الذي قال فيه أيضا : نزر الكلام من الحياء تخاله ضمنا وليس بجسمه سقم .