الأربعاء الماضى وبالتحديد فى تمام الساعة التاسعة والثلث مساء ، وأنا منهمك فى شرح درس فى الرياضيات لإبنى الصغير ، إذا بهاتفى النقال يرن ...نظرت الى نمرة المتصل فوجدتها 00966545915821 ، أدركت أن الاتصال من السعودية وفقاً ل (الكود ) الرقمى فسارعت الى فتح الهاتف عسى أن يكون المتصل أحد الاقارب أو الاصدقاء المقيمين بالمملكة . جاءنى صوت شاب سودانى راح يقول ( يا .................................) ، ولك أن تتصور أيها القارىء الكريم فداحة السباب البذىء الفاحش الذى رمانى به هذا الشاب الساب ...عُهر وفُحش فى القول يمس العرض والاب والام ولا تنطق بمثله حتى المؤمس العريقة فى المواخير وبيوت البغاء الرخيص ...عُهر وفُحش وقول نتن راح يفح به هذا الشاب حتى لتظن أنه لا يصدر من فم آدمى بل من فم مرحاض آسن من المراحيض العامة فى الأسواق الشعبية. حقيقةً صُعقت ولكنى تمالكت أعصابى وغادرت الغرفة التى كنت أجالس فيها إبنى الصغير خشية أن تفلت أعصابى ويسمع ذاك الإبن الصغير قولاً ماعهده منى طوال حياتى ...خرجت الى الحوش وأنا أجاهد كى أقاطع المتصل لأبين له من أنا ولكن دون فائدة ، إذ مضى فى سبابه المنتن ذاك دون توقف لفترة قاربت الدقيقة . وبعد أن سكت لبرهة تمالكت أعصابى وقلت له ( يا إبنى أنا فلان الفلانى وأكيد أنت أخطأت الرقم )....وجم الشاب للحظة ثم قال (معليش ياعم ..النمرة غلط ) وأغلق الخط ....هكذا والله وبكل بساطة !! جلست فى الحوش وأنا أتميز من الغيظ وقررت أن أتصل به فوراً فى السعودية لأعاتبه وأنصحه ، على الرغم من أن رصيدى لا يسمح بهذا الترف ، وبالفعل إتصلت به وأنا أحاول أن ألملم ما تبقى فىّ من أعصاب وسألته بصوت جاهدت أن يكون هادئاً ( ياإبنى أنت مسلم ؟ ) ، أجابنى بنفاذ صبر : (طبعاً ) ...قلت له ( وأنت تعيش فى تلك الرحاب الكريمة ...أو لم تسمع بنبينا المصطفى (ص) حين قال :( ليس المؤمن بطعّان ولا لعّان ولا فاحش ولا بذىء) ؟...قاطعنى بضجر ونفاذ صبر ( ياعم ما قلنا ليك معليش والنمرة غلط ...تانى داير شنو ؟) ...وأغلق السماعة ! ما ضرنى ولا آلمنى ذاك السباب البذىء الذى قذفه الشاب بأذنى وهو يحسب ويظن أننى غريمه وعدوه ، ولكن آلمنى أكثر أنه فوق ذاك السؤ لا يملك أدنى رصيد من أدب الإعتذار. إنى أشهد أن جيل اليوم من أبنائنا الشباب معظمهم من أهل الأدب الكريم والخلق القويم والإستقامة والتدين ، وأن هذا الشاب البائس مجرد نموذج شائه وثمرة معطوبة وسقط متاع ، وعندما وضعت رقم هاتفه كاملاً على صدر هذا العمود لم أبتغ أن يقتص لى أحد ...ولكن آمل أن يدرك أهل هذا الشاب مدى فداحة الحصاد حين لا نُحسن تربية الأبناء . حسبنا الله ونعم الوكيل .