أقام مركز الزهور الطبي الثقافي في منتداه الدوري احتفالية بشعر د.تاج السر الحسن، والراحل المقيم الحسين الحسن.. وقد تحدث في بداية الاحتفالية د.سيف الدين أحمد بابكر قائلاً ان تاج السر الحسن لو لم يكتب شعراً غير آسيا وأفريقيا لكفاه ذلك.. وقال ان القصيدة قد وثقت لمرحلة باندونق فترة التحرر الوطني وفي باندونق وضع الازهري منديله الابيض كعلم سوداني. لم يذكره المؤرخون كأول علم سوداني وقد تحدث في البداية الناقد مجذوب عيدروس قائلا: ان تاج السر الحسن الذي عاش حياته الأولى بين النهود في كردفان ارتولي والباوقة ومقرات وكبوشية في ولاية نهر النيل.. وقد تلقى تعليمه في النهود المدرسة الشرقية الاولية ثم المعهد العلمي ومن معهد النهود العلمي الى الازهر في القاهرة، وكانت نقلة مهمة في حياة الشاعر تزامنت مع ثورة 32 يوليو 2591م. ونظرة الى المشهد الشعري العربي والسوداني، نوضح حجم المعاناة التي لقيها رواد التجديد ممن عرفوا بشعراء التفعيلة فقد التقط افراد جيل التاج والفيتوري وجيلي عبد الرحمن ومحيي الدين فارس مبادرة السياب ونازك والبياتي ورفاقهم وقد لعب شعراؤنا بمن فيهم تاج السر دورا في تثبيت اركان شعر التفعيلة الى جانب رصفائهم المصريين من جيل صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي.. خاصة ان مصر كان فيها من كبار النقاد والأدباء من يعارض التجديد في الأدب وفي الشعر بصفة خاصة ، وضرب مجذوب عيدروس مثلا بما قام به الاستاذ عباس محمود العقاد الذي كان يرأس لجنة الشعر في المجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية وقد أحال ديوان عبد الصبور الى لجنة النثر الأمر الذي دعا عبد الصبور الى كتابة مقاله الشهير (موزون والله العظيم).. ورغم ان العقاد كان أول أمره مجدداً ووقف بحدة مع المازني ضد أحمد شوقي وجماعة أبولو الا ان الامر انتهى به الى رفضه تجديد الموجة الثانية من المجددين (شعراء التفعيلة). وتطرق مجذوب عيدروس الى شعر الحسين الحسن وهو من أفراد هذه الأسرة الشاعرة.. وذكر العوض أحمد الحسين (ديوان مشاعر إنسان) وأغنية يا نسيم ارجوك للتاج مصطفى والجيل الجديد من الشعراء (حسن عثمان الحسن) الذي كتب مقدمة ديوانه د.تاج السر الحسن. وأشار الى ما اتسم به شعر الحسين الحسن المموسق والذي تعرف عليه الجمهور العريض من خلال قصائده التي تغنى بها الكابلي (حبيبة عمري)، (طائر الهوى) (أكاد لا أصدق) وهي في الديوان تحمل عنوانا آخر (دائماً معي) وحبيبة عمري التي صارت عنواناً للمجموعة الشعرية (انني أعتذر) ومن خصائص شعر الحسين انه يميل الى السرد فهو في هذه القصائد يحكي قصة.. يطوف بها المتلقي.. تفشى الخبر وذاع.. الى الأغنية المعروفة.. وكذلك تتجلى أدواته وقدرته على الحكي والقص في قصائد متعددة نخص منها الشاعر والبلبل وضوء القمر.. ولم يجد الحسين الاهتمام النقدي الواجب وربما كان عمله في سلك القضاء والقضاء العسكري بعد ذلك وهجرته الى سلطنة عمان بعد ذلك، أثره والى ان مجموعته الشعرية لم تطبع الا في 5002م ولم توزع كما يجب رغم انها ثمرة لجهد مشترك بين وزارة الثقافة ودار جامعة الخرطوم للنشر.. وقد أحدث شعر الحسين نقلة واضافة للغناء السوداني المكتوب باللغة العربية الفصحى ولعل انتشار هذه الاغنيات وسيرورتها بين الناس يدحض كل ما يقال عن ان الفصحى هي عائق أمام التلحين والغناء. وهناك دور مهم قام به تاج السر الحسن، وهو انخراطه في نشاط المنتديات الادبية ففي منتديات القاهرة قال الباحث الكبير زكريا الحجاوي ان الفتية السمر (الفيتوري تاج السر جيلي فارس) قد تفوقوا على البيض وكذلك مساهماته في نشاط الندوة الادبية بأم درمان ورائدها عبد الله حامد الطيب حبيب مدثر بالاضافة الى مشاركات د.عبد المجيد عابدين ود.احسان عباس.. وقد كان ان خرجت من الندوة فكرة ان يغني الكابلي آسيا وأفريقيا لتاج السر الحسن والمولد للمجذوب، وان يغني عثمان حسين في محراب النيل للتجاني يوسف بشير. وقد ساعد تاج السر انتماؤه لمعسكر مناهض للاستمرار في أجواء مصر عبد الناصر وقد توثقت صلات تاج السر بالحركة الابداعية وتعرف بعد ذهابه الى موسكو على الادب الروسي وتاج السر الحسن ناقد كبير وفي كتاباته عن الابتداعية في الشعر العربي الحديث، آراء نقدية خاصة فيما يتعلق بجماعة الفجر فقد تناول د.تاج السر ظاهرة تحول الرومانسيين الاوروبيين الى المحلية. ويقول د.تاج (وقد برزت هذه الظاهرة بصورة اكثر حدة عند نقاد ابولو، وعند منظري مدرسة الفجر السودانية فقد اطلعنا في مجلة الفجر على أكثر من مقالة في هذا الموضوع (الأدب القومي) وكرس التجاني يوسف شاعر الفجر الاول قصيدة خاصة لهذا الموضوع «الأدب القومي» كما خصص حمزة الملك طمبل جزءا من كتاباته النقدية لهذه القضية، وخاصة في كتابه «الادب السوداني». وعلى الرغم من الضحالة النظرية التي طبعت اعمال الحركة الابتداعية العربية في هذا المجال فان الوعي والرغبة الملحة في تصوير الواقع بهذه الصورة، أعطى الشعر الجديد مذاقا واقعيا خاصا، وهوية لا يمكنه التمتع بها لو وقف عند وصف الناقة والاثافي وحدها!. وأشار مجذوب عيدروس الى ترجمة تاج السر لمقالة المستشرق كراتشكوفسكي عن اقوال طه حسين في قصة انتحال الشعر الجاهلي ورد المستشرق على أقوال طه حسين وكنا قد نشرناها في مجلة الثقافة الوطنية الخرطوم سبتمبر 8891م. كما ان لتاج السر الحسن مساهمات في علم الجمال ضمنها مقالاته التي نشرت فيما بعد في كتابه قضايا جمالية وانسانية. ونواصل في الملف الثقافي القادم افادات مجذوب عيدروس حول تجربة الشاعرين تاج السر والحسين الحسن.. وحديث تاج السر عن مصادر ثقافته والهجوم الذي واجهته أغنية آسيا وأفريقيا ومداخلة الاساتذة عالم عباس، ود.عمر قدور وغيرهم الى جانب الغناء الجميل من يحيى أدروب وصابر في اغنيات مثل آسيا وأفريقيا وحبيبة عمري للحسين والتاج وشذى زهر وغير ذلك من الأغنيات.