تحية واحتراماً أنا من الذين يقرأون(بشفافية) ويتنفسون الصعداء لاننا نجد فيه متنفسا يخرج الهواء الساخن من صدورنا... كثيرا ما هممت أن اكتب إليك مشاركا ومعبرا في كثير من القضايا التي والله كنت تتحدث فيها بلساني وهذا احسبه حال كثير من قراء (بشفافية)..وهو ما نراه والله دونما ملق أو رياء ويشهد الله على ذلك فكثير من الشكر والتحايا لك. ما دعاني أن اكتب إليك هذه المرة أمر نجده جد خطيراً وفى ظني انه من اوجب واجبات الجميع ألا وهو أمر التسرب المدرسي أو هروب الطلاب من مدارسهم دون أن يشعر بذلك ادارة مدرستهم أو أسرهم أو حتى المجتمع وتلك لعمري هي الطامة الكبرى. حالتان مرتا بى في يوم واحد...الأولى طالب ثانوي كان يجلس بجواري بالحافلة كنت اظن انه سينزل في شارع المدارس المعروف في الثورة بامدرمان عندما نبلغه الا انه لم ينزل عنده فظننت انه يدرس في محمد حسين الثانوية ولكن تجاوزناها ولم ينزل ايضا لينزل مع الجميع اخيرا في سوق امدرمان . عندها تأكدت انه ليس تاجرا متنكرا في زي طالب إنما هو طالب في حالة ضياع .أوقفته وسألته عن مدرسته وداعي وجوده في السوق في وقت المدرسة فلفق بعض الأكاذيب الواهية وبمحاصرته اقرَ بتهربه من المدرسة ، هددته بانني سأذهب به لأقرب قسم شرطة فانهار باكيا ومعتذرا بعدم تكرار هذا الأمر وقال لي بالحرف ( وديني بيتنا وكلم اهلى ولا وديني المدرسة لكن ما تودينى الشرطة عليك الله ) فهل هذا يعنى أن لادور أو عقاب يخشاه الطالب من المدرسة والأسرة .الحالة الأخرى لم تكن تبعد عن الاولى سوى خطوات قليلة وجدته امام مكتبة الجرائد كان يتصفح بعض الصحف .سألته لماذا انت هنا في وقت الدراسة .بدأ ينسج في الأكاذيب . قلت له انت الآن ترتكب جرمين (زوغة وكذبة ). الشاهد في الامر ان هذه الظاهرة قد تفشت بصورة كبيرة لدرجة تجعلك تظن انه لايوجد طالب لا يزوغ من مدرسته أو حتى تظن أنها باتت مادة في المنهج الجديد. من هاتين الحالتين فقط يمكن النظر إلى الأدوار التربوية الغائبة: أولا: أين دور وزارة التربية والتعليم في ممارسة الرقابة على الطلاب والتلاميذ والمدارس والتأكد ما اذا كانت المدارس تقوم بهذا الدور أم لا ؟ ثانيا:أين دور المدرسة وهيبتها القديمة وأين إخلاص المدرس الذي كان يفتخر بتفوق طلابه فهل انتهى هذا الدور التربوي والاخلاقى لدى المعلم وهل أصبح كل هاجسه استلام راتبه فقط! أم أن الأمر اضحى خارج نطاق المسؤولية التربوية للمدارس والمعلمين! ثالثا: أين دور الرقابة المجتمعية أين دور المجتمع في هذا الأمر اذا كنا نرى الطلاب المتهربين من المدارس ولا نهتم وكل احد يقول لنفسه انا مالي ده أهله ما ربوه . فلو أن اى واحد منا أدى دوره المطلوب تجاه اي طالب متهرب اثناء ساعات الدراسة لانصلح حال التعليم وضمن كل شخص عدم تهرب ابنه .عيب والله إن لايقوم المجتمع بهذا الدور العظيم والمهم وعيب والله أن يتقاعس اي شخص عن أداء هذا الدور. ان غياب هذه الادوار يؤدي الى ضياع طلاب كان يمكن أن ينفعوا أسرهم وأمتهم لو ادت كل جهة واجبها بمسؤولية وحرص. فلو سألنا أنفسنا أين يذهب هذا الطالب بعد التهرب من المدرسة ؟ وماذا يفعل ؟فبماذا نجيب غير انه سيذهب الى الاماكن المشبوهة وسيتعاطى السجائر العادي وبعده البنقو والسلسيون والخمور الى ان يصبح مجرماً كامل الدسم وكامل الخطورة على المجتمع. أخيرا : رسالة إلى كل الآباء وأولياء الأمور وكل فرد في المجتمع أن لا حق لنا على أبنائنا إن لم نقم بواجب حقهم علينا وهو التربية والمتابعة السليمة ولنا العبرة في قصة الرجل الذي جاء يشكو عقوق ابنه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرسل في طلب الابن واخبره بشكوى والده فسأل الابن أمير المؤمنين (يا أمير المؤمنين أما للآباء حق على الأبناء قال نعم قال وما حقي على ابي قال التعليم واختيار المنبت الصالح و... الخ فرد الابن نافيا اى حق له قام به ابوه تجاهه فرد عمر على الأب اذهب فليس لك عليه شئ ) أو كما جاء في القصة عن عمر . والله المستعان ياسر عبد الباقي أحمد